عيّن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الجمعة، المسؤولة المالية السابقة في وول ستريت حفيظة غاية إركان حاكمة للمصرف المركزي، في مؤشر الى تحوّل محتمل في سياساته غير التقليدية الرامية لمكافحة التضخم.
وبذلك، تكون الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة "غريستون" للتمويل العقاري والرئيسة التنفيذية المشاركة سابقا لمصرف الجمهورية الأول (فيرست ريبابليك بنك) والمديرة العامة لغولدمان ساكس أول امرأة تتولى منصب حاكم المصرف المركزي التركي.
تتولى إركان التي نُشر خبر تعيينها في الجريدة الرسمية الجمعة، المنصب خلفا لشهاب قاوجي أوغلو الذي خفض معدلات الفائدة رغم قيام المصارف المركزية حول العالم بعكس ذلك لمواجهة التضخم.
وفي عهد قاوجي أوغلو، خفض المصرف معدل الفائدة إلى 8,5 في المئة في حين كان المعدل 19 في المئة عام 2021.
وقالت المحللة البارزة لدى "سويسكوت بنك" Swissquote Bank إبيك أوزكاردسكايا في مذكرة إن البنك المركزي "استبدل المصرفي الذي كان مجرّد دمية".
وأشارت إلى أن الحاكمة الجديدة ستعيد المصرف على الأرجح إلى سياسة نقدية أكثر تقليدية تستدعي رفع المعدلات.
وتتوقع المحللة أيضا تراجع التدخلات في سوق الصرف الأجنبي "التي ستؤدي أولا إلى تراجع إضافي في قيمة الليرة للحاق بالركب بعد غيبوبة باهظة الكلفة استمرت عاما ونصف العام".
ومن المقرر أن يصدر المصرف قراره بشأن معدلات الفائدة في 22 حزيران.
تراجع معدل التضخم في تركيا إلى أقل من 40 بالمئة في أيار للمرة الأولى منذ 16 شهرا. ويعتقد خبراء اقتصاد مستقلون بأنه أعلى من ذلك بكثير -- أكثر من مئة في المئة.
وكشف إردوغان الذي بدأ ولاية رئاسية ثالثة، عن حكومته الجديدة السبت وعين محمد شيمشك، خبير الاقتصاد السابق لدى ميريل لينش وزيرا للمال، في مؤشر آخر الى تحوّل في السياسات.
والمعروف أن شيمشك الذي كان في السابق وزيرا للمال ونائبا لرئيس الوزراء في حكومات سابقة بزعامة حزب العدالة والتنمية الحاكم، يعارض سياسات إردوغان غير التقليدية المتمثلة بخفض معدلات الفائدة لمواجهة التضخم.
- "تطهير" - يشير محللون إلى أن المستثمرين غير مهتمين بدرجة الموهبة لدى الفريق الاقتصادي الجديد بقدر اهتمامهم بقدرتهم على مقاومة الضغط من إردوغان الذي سبق ووصف معدلات الفائدة المرتفعة بأنها "أساس الشر كلّه".
وقال خبير الاقتصاد المتخصص بالأسواق الناشئة تيموثي آش على تويتر إنه "سيتم الحكم على شيمشك وإركان بناء على التحرّكات المرتبطة بالسياسة النقدية والتضخم والليرة".
وتراجع سعر صرف الليرة 1,5 في المئة مقابل الدولار الجمعة، بعد أن بلغ الدولار أكثر من 23 ليرة منذ الأربعاء.
وتشمل التحديات الرئيسية التي تواجهها إركان هذا العام إصلاح جو العمل في المصرف المركزي، بحسب كبير الخبراء الاستراتيجيين المتخصصين بالأسواق الناشئة إريك مييرسون.
وقال على تويتر "تم تطهير وإعادة تعيين وخفض رتب وإقصاء العديد من أفضل خبراء الاقتصاد وهناك مواهب كامنة يجب ان تسعى لجذبها. لكن هل سيرغبون بالعودة؟".
أقال إردوغان في الماضي حكاما للمصرف المركزي بعد خلافات بشأن معدلات الفائدة، في خطوات أثارت قلق المستثمرين.
بعد مدة قصيرة من توليه منصبه، قال شيمشك "لا خيار لدينا غير العودة إلى العقلانية"، في مؤشر الى الابتعاد عن سياسة المعدلات المنخفضة.
وبعد آخر تراجع سجّلته الليرة، أكد التزامه صناعة القرارات المبنية على القواعد.
وقال على تويتر "لا يوجد طريق مختصر أو حلول سريعة، اطمئنوا بأن خبرتنا ومعرفتنا وتفانينا سيساعدوننا على تجاوز أي عوائق محتملة".
وأضاف "تتمثل أولويتنا بتعزيز فريقنا وتصميم برنامج يمكن الوثوق به".
- مسيرة مهنية في الولايات المتحدة - وُلدت إركان في تركيا وتخرّجت من جامعة بوغازجي المرموقة في اسطنبول. ونالت منحة لدراسة الدكتوراه في برينستون الأميركية.
انضمت عام 2005 إلى غولدمان ساكس كمعاونة ليتم تعيينها مديرة عام 2011.
عملت لاحقا في مصرف الجمهورية الأول عام 2014 حيث تولت مناصب نائبة رئيس أولى وكبيرة مسؤولي الاستثمار ورئيسة مشاركة للمخاطر.
ورأى فيها كثيرون الوريثة المحتملة لمؤسس مصرف الجمهورية الأول ورئيسه التنفيذي جيم هربرت لكنها غادرت البنك فجأة في كانون الأول 2021.
وقالت إركان لتلفزيون بلومبرغ العام الماضي "كان وقت التغيير ومواجهة تحد جديد".
وتأثّر المصرف بالأزمة المصرفية الأميركية في آذار من ذلك العام.
استحوذت السلطات المالية الأميركية على مصرف الجمهورية الأول في أيار وباعته إلى "جي بي مورغان تشيس" لوضع حد لاضطرابات أدت إلى انهيار ثلاثة مصارف إقليمية أخرى.
وتم تعيين إركان رئيسة تنفيذية لـ"غريستون" في حزيران 2022 لكنها استقالت في كانون الأول.
وأكدت الشركة حينذاك أن مغادرتها كانت "ودية" و"مرتبطة بقرارها التركيز على فرص جديدة في قطاع المال".