يشهد شارع الحمراء منذ قرابة الـ12 ظهراً حالة ذعر كبيرة من جرّاء احتجاز المودع بسام الشيخ حسين رهائن داخل "فيديرال بنك"، بقوّة السلاح، في محاولة للضغط على المصرف للحصول على وديعته نقداً بالدولار الأميركي، فيما يتولّى التفاوض باسم المودع رئيس "جمعية المودعين" حسن مغنيّة.
وقد أفاد مغنيّة "النهار" بأنّ "إدارة "فيديرال بنك" طلبت وقتاً للردّ على طلب المودع المسلّح"، في المرحلة الأولى للتفاوض، مؤكداً أنّه طلب من وزير الداخلية بسام مولوي التواصل مع مدير المصرف.
وبعد فشل المفاوضات الأولى، أكدّ مغنية، في حديث لـ"النهار"، أنّ المودِع ذاهب بمساره حتى النهاية ولا يراوغ أبداً، ويضع الشرّ نصب عينيه إن لم يتسلّم وديعته كاملة"، مضيفاً أنّ "محامي المصرف قدّم للمودِع عرضاً بـ10 آلاف دولار لكنّه رفضه، وحينها قرّر المحامي مراجعة إدارة المصرف للإتيان بعرض آخر، ونحن بانتظار هذا العرض، والمودِع لن يستسلم، والحلّ بيد المصرف، ولا إمكانية لإخلاء أحد من المحتجزين أبداً حتى الساعة".
ولفت مغنيّة إلى أنّه "إن كان العرض الجديد ملائماً للعائلة الموجودة مع المودِع في الحمراء، فقد يُحلّ الموضوع وإن لم تكن الوديعة كاملة".
بدوره، يتابع مولوي من غرفة عمليات المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، مع كل من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ورئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمود، المفاوضات التي تجريها "شعبة المعلومات" لتحرير المحتجزين داخل مصرف "فيديرال بنك" في الحمراء، والإجراءات المتخذة من قبل القوى الأمنية.
وفي تفاصيل الحادثة، دخل المودع المسلّح الشيخ حسين فرع "فيديرال بنك" في الحمراء، طالباً تسليمه أمواله التي تبلغ 210 آلاف دولار، وهو يحمل سلاحاً حربياً ومادّة البنزين مهدّداً بإشعال نفسه وقتل من في الفرع، كما أشهر السلاح في وجه مدير الفرع.
وأفادت معلومات "النهار" أنّ رائحة البنزين تعبق في المصرف حيث سكب بسام المحروقات على الأرض، وبدا الأخير في حال عصبية، فيما أكدت مصادر "فيديرال بنك" لـ"النهار" أنّ "المودع أتى إلى المصرف حاملاً السلاح وأطلق 3 أعيرة نارية داخله".
الصور للزميل حسام شبارو:
ومع استمرار عملية احتجاز الرهائن، البالغ عددهم 6، أعلن مغنيّة "أن المودع المسلح في داخل مصرف في الحمراء وبعد التفاوض معه، كلفه نقل طلبه الحصول على وديعته كاملة والبالغة 210 آلاف دولار"، وقال: "سأتوجّه الآن إلى جمعية المصارف وإدارة المصرف للتفاوض معهما ونقل طلب المودع، وقوله إنّه مستعدّ لخطوات لن تحمد عقباها ما لم يحصل على وديعته".
وتزامناً مع انتشار أمني كثيف في المكان، حضر عدد كبير من أصحاب الودائع في المصارف إلى أمام "فيديرال بنك" للتعبير عن تضامنهم مع المودع، معتبرين أنّ أي مودع هو شقيق وأخ لهم وما يصيبه يصيبهم، مطالبين بتحرير ودائعهم.
كذلك حضر أهالي الموظفين للاطمئنان إلى أبنائهم، في ظلّ إجراءات أمنية مشددة من قبل الجيش وقوى الأمن.
ورصدت عدسة "النهار" المودع المسلّح الذي يحتجز عملاء وموظفين داخل "فيديرال بنك" في الحمراء، من خلف قضبان البوابة الحديدة، حيث تسود حالة من الذعر أمام باب المصرف.
وبرّر المواطن البالغ من العمر 42 سنة سبب تصرّفه ودخوله المصرف بهذه الطريقة للمطالبة بأمواله التي تبلغ 210 آلاف دولار، ولأخيه مبلغ 500 ألف دولار، لدفع تكاليف إجراء عملية لوالدهما في المستشفى.
وأوضح شقيق المودع أنّ "شقيقه لم يدخل المصرف حاملاً أيّ سلاح، بل كان يحمل مادّة البنزين، والسلاح الذي في حوزته عائد للمصرف"، إلّا أنّ مصادر "فيديرال بنك" نفت لـ"النهار" هذا الأمر، مؤكدة أنّ "المودع أتى إلى المصرف حاملاً السلاح، وأطلق 3 طلقات نارية داخله".
وقال: "لم أكن مع شقيقي في الداخل، إلّا أنّني متضامن ومؤيّد لخطوته لاسترجاع وديعته والتمكّن من متابعة علاج الوالد"، مضيفاً أنّ "شقيقي أقدم على هذه الخطوة بعد وعود كثيرة حصل عليها من إدارة المصرف للحصول على الأقل على ما قيمته 5000 آلاف دولار لدفع تكلفة العلاج في المستشفى، إلّا أنّ كل هذه الوعود لم تنفذ".
وأشار إلى استعداد شقيقه لتسليم نفسه ودخول السجن بعد حصوله على وديعته.
والى الآن، لم تنجح المساعي والمفاوضات لإخراج المودع من المصرف، ولا تزال القوى الأمنية تضرب طوقاً حول المنطقة.
الصور والفيديو للزميل حسام شبارو:
ولمتابعة الحادثة، حضر مغنيّة مع أعضاء من الجمعية، إلى المصرف، في محاولة منهم لإقناع المودع المسلح وثنيه عن القيام بأيّ عمل مؤذٍ.
ودخل مغنيّة داخل المصرف للتفاوض مع المودع الذي كان قد أطلق طلقتين في الداخل، وهو موجود مع شقيقه المودع أيضاً، إلّا أنّه لم يلقَ تجاوباً ويصرّ على أخذ وديعته كاملة من المصرف.
وأشار مغنيّة إلى أنّ "سياسة اللامبالاة التي اعتُمدت بشأن حقوق المودعين في المصارف أوصلتنا الى ما نشهده الآن"، محذّراً من أنّه "إن لم تعالج الأمور سريعاً مع ضمان حقوق المودعين، فإنّ الوضع سيتفاقم أكثر وسنشهد حالات كثيرة من هذا النوع، إن لم تتبلور الصورة وتعلن الحكومة والمعنيون على أي أساس ستُحفظ حقوق المودعين".
وحمّل مغنيّة "السلطة السياسية والمؤسسات المصرفية في لبنان مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع".
من هو المودع المسلّح ولمَ قرّر اقتحام المصرف؟
وفق معلومات "النهار"، فإنّ "الرهائن في المصرف هم خمسة موظفين وزبون واحد، فيما تعبق رائحة البنزين في المصرف، والمودع المسلّح في حال عصبية".
وأفاد مصدر "النهار" أنّ "الرجل الذي احتجز الموظفين والمواطنين هو من منطقة الأوزاعي، وهو مودِع في المصرف، وكان خارج لبنان، وكان المصرف يعده دائماً بإعادة أمواله كلّ أسبوع من دون جدوى. وبعد تواصله مع إدارة البنك، ورفض إعطائه المال، قرّر اقتحام المصرف للحصول على أمواله".
ووفق المصدر، "تحاول القوى الأمنية إدخال وسطاء للإفراج عن الرهائن وهم في حالة رعب"، مضيفاً أنّ "الرجل أكّد أنّه لن يغادر ولن يسمح لأحد بمغادرة المصرف قبل الحصول على أمواله".
وبحسب المصدر، فإنّ الرجل يريد سحب أمواله لتسديد فاتورة المستشفى لوالده وابنته.
وتكرّرت هذه الحوادث في المصارف اللبنانية بعدما امتنعت عن تسديد الودائع كاملة بالدولار الأميركي للمودعين، منذ ثورة 17 تشرين إلى اليوم، نتيجة الأزمات المالية التي عصفت بلبنان وانهيار الليرة اللبنانية مقابل سعر صرف الدولار، ما استدعى إجراءات مصرفية حادّة بحقّ المواطنين.
وآخر هذه الحوادث، كانت في كانون الأول 2022، عندما أقدم المودع عبد الله الساعي على احتجاز موظفي أحد المصارف في جب جنين، وتمكّن من الحصول على وديعته بقيمة 50 ألف دولار أميركي، قبل أن يسلّم نفسه للقوى الأمنية.