أعلنت إسرائيل التوصّل إلى اتفاق وصفته بـ"التاريخي" مع لبنان في شأن ترسيم الحدود البحرية، في حين أشارت رئاسة الجمهورية إلى "صيغة مرضية" للاتفاق، ونُقلت معلومات عن اعتبار "حزب الله" المفاوضات انتهت وأنجزت.
تتجه الأنظار إلى ما ستحمله الساعات المقبلة من "تطوّرات كبيرة" وفق ما وصفها نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، في ملف اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وذلك بعد تسليمه لرئيس الجمهورية ميشال عون مسوّدة الاتفاق النهائية، التي تسلّمها بدوره بُعيد منتصف الليل من المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، في حين اعتبرت الرئاسة اللبنانية أنّ "الصيغة النهائية للعرض حافظت على حقوق لبنان في ثروته الطبيعية وذلك في توقيت مهم بالنسبة الى اللبنانيين".
ومن المرتقب أن يجري عون الاستشارات اللازمة للبحث بالصيغة النهائية للاتفاق، إذ تمنّى بوصعب أن "يختم عون عهده بالوصول إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بعدما بدأه بإصدار مراسيم النفط".
وبعد تسلُّم المسوّدة النهائية للاتفاق، اعتبرت رئاسة الجمهورية "الصيغة النهائية لهذا العرض، مرضية للبنان لا سيما وأنّها تلبّي المطالب اللبنانية التي كانت محور نقاش طويل خلال الأشهر الماضية وتطلّبت جهداً وساعات طويلة من المفاوضات الصعبة والمعقدة"، آملة أن "يتم الإعلان عن الاتفاق حول الترسيم في أقرب وقت ممكن".
وإذ شكر رئيس الجمهورية الوسيط الأميركي والإدارة الأميركية على الجهود التي بذلت من اجل التوصل الى هذه الصيغة، أكد أنّه "سيجري المشاورات اللازمة حول هذه المسألة الوطنية تمهيداً للإعلان رسميّاً عن الموقف الوطني الموحد".
وفي أول تعليق من مصادر "حزب الله" على التطوّرات المتسارعة في ملفّ الترسيم، أفاد مصدران لبنانيّان وكالة "رويترز" أنّ "(حزب الله) أعطى الضوء الأخضر لاتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل".
ووفق "رويترز"، فقد ذكر مسؤول كبير في الحكومة اللبنانية وآخر مقرب من "حزب الله" أنّ "الحزب وافق على بنود الاتفاق واعتبر أنّ المفاوضات انتهت".
من جهته، أكد بوصعب، بعد لقائه عون، أنّ "لبنان حاز على مطالبه المحقّة على عكس ما يُشاع، والفريق الآخر حصل على ملاحظات طالب بها، والأجواء إيجابية، وتوصّلنا إلى حلّ يرضي الطرفين"، معلناً أنّ "القرار للرئيس عون وسيتصرّف بما يراه مناسباً، والساعات المقبلة ستحمل تطورات كبيرة".
وأضاف بوصعب: "لبنان سيأخذ حصّته بموجب الاتفاق مع "توتال" وكلّ طرف يرى نفسه رابحاً وإلّا لما توصّلنا إلى اتفاق، ولبنان حصل على كامل حقوقه وأُخد بملاحظاته كافّة وقبول الورقة أو عدمها يعود للرؤساء".
كما أكد أنّ "لبنان لا يعترف بخطّ عوامات، وأيّ شركة ستعمل على جهتَي يجب ألّا تكون خاضعة لعقوبات دولية".
وبعد زيارته بعبدا، سلّم بوصعب رئيس مجلس النواب نبيه برّي نسخة عن المسوّدة النهائية للاتفاق، مؤكداً من عين التينة أنّ "الموقف الموحّد أعطى لبنان قوّة والجميع يعرف أنّ لبنان ليس ضعيفاً خصوصاً في هذه المفاوضات التي تعني سيادتنا والحفاظ على حقوقنا"، مضيفاً أنّ "هذه الصيغة تُدرَس من قبل الرؤساء وسيكون هناك موقف موحد للبنان".
وقال: "سنودع الاتفاق لدى الامم المتحدة وهو ليس بين لبنان ودولة لا نعترف بها إنّما مع الولايات المتحدة والمفاوض أخذ في الاعتبار المطالب اللبنانية".
بدوره، أمل رئيس الحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن "يصل ملف ترسيم الحدود البحرية اللبنانية إلى نهاياته في وقت قريب، بعدما نجحت الجهود التي قام بها هوكشتاين في التوصّل إلى مسوّدة اتفاق تحفظ الحقوق اللبنانية".
وخلال تسلّمه من بوصعب نسخة عن المسوّدة في السرايا الحكومية، قال ميقاتي إنّ "الموقف اللبناني الموحّد في هذا الملف وتشبث لبنان بحقوقه ومطالبه أفضى إلى هذه النتيجة الايجابية، وكلنا أمل أن تبلغ الأمور خواتيمها ومن ثم المباشرة بالخطوات العملانية للتنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية".
كما شكر ميقاتي "الإدارة الاميركية على الجهد الذي قامت به في ما تم التوصّل إليه، وبخاصة هوكشتاين الذي قاد عملية التفاوض بدقة وحرفية وصبر"، متوجّهاً بالشكر إلى فرنسا "التي ساهمت بشكل مباشر في الوصول إلى ما تم التفاهم عليه وتذليل العقبات التي طرأت خلال المفاوضات غير المباشرة".
الموقف الإسرائيلي
بُعيد الترحيب اللبناني بالصيغة النهائية لاتفاق الترسيم، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد "رسميّاً" أنّ "لبنان وإسرائيل توصّلا لـ(اتفاق تاريخي) بخصوص ترسيم الحدود البحرية".
وقال لابيد إنّ "مجلس الوزراء الأمني سيجتمع الأربعاء ويعقب ذلك اجتماع الحكومة للموافقة على الاتفاق"، مؤكداً أنّ "الاتفاق مع لبنان يلبّي مطالب إسرائيل القانونية والأمنية والاقتصادية كافّة".
ولفت لابيد إلى أنّ "هذا اتفاق تاريخي سيُعزّز أمن إسرائيل وسيضخّ المليارات في اقتصادها وسيكفل استقرار حدودنا الشمالية".
من جهته، أفاد مسؤول إسرائيلي أنّه "من المتوقَّع أن تعلن إسرائيل موافقتها النهائية على اتفاق الترسيم بغضون 3 أسابيع".
أمّا وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، فصرّح أنّه "لم نتنازل قيد أنملة" في اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان"، قائلاً: "سنعرضه على الجمهور بشفافية".
وفي حديث لوكالة "رويترز"، عند منتصف ليل الإثنين الثلثاء، بعد دقائق من تسلّمه المسودة النهائية، أكد بوصعب أنّه "إذا سارت الأمور على ما يرام، فإنّ جهود آموس هوكشتاين يمكن أن تؤدي إلى (اتفاق تاريخي)".
وقال: "لبنان شعر بأنّ المسوّدة تأخذ في الاعتبار كل متطلباته، ونعتقد أن الطرف الآخر يجب أن يشعر بالمثل".
وبعد ساعات من تسلُّم لبنان المسوّدة النهائية، والتي أعلن بوصعب أنّها "تفي بجميع متطلبات لبنان، ويمكن أن تؤدي قريباً إلى (اتفاق تاريخي)"، أكد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا أنّ "إسرائيل راضية عن المسودة النهائية لاتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان".
وأضاف حولاتا في بيان: "جميع مطالبنا تمت تلبيتها، والتغييرات التي طلبناها تم تعديلها، وقد حافظنا على مصالح إسرائيل الأمنية ونحن في طريقنا إلى (اتفاق تاريخي)".
ومتابعة لتفاصيل الاتفاق "النهائي" بين لبنان وإسرائيل، أفاد مصدر رسمي لبنان، قناة "الجزيرة"، أنّ "العرض الأميركي تضمّن مخارج لنقاط الخلاف بين لبنان وإسرائيل، أبرزها السماح للبنان بتحويل خط العوامات البحرية إلى منطقة متحفّظ عليها".
وأضاف المصدر أنّ "واشنطن قدمت ضمانات لشركة (توتال) لبدء التنقيب بالمنطقة الاقتصادية للبنان"، فيما "سيُحسَم أمرخط العوامات البحرية عند ترسيم الحدود البرية لاحقاً".
جهوزية "توتال"
الى ذلك، اجتمع ميقاتي مع وزير الطاقة وليد #فياض ووفد من شركة "#توتال" الفرنسية ضمّ رئيس مجلس الإدارة المدير العام رومان لامارتينيار، مدير الشركة ومدير التنقيب عن النفط والإنتاج لوران فيفيه، ومدير شمال افريقيا جان جايلي.
خلال الاجتماع، طلب الرئيس ميقاتي من ممثّلي شركة "توتال" المباشرة بالاجراءات التنفيذية للتنقيب في المياه اللبنانية فوراً.
من جهته، أعلن فياض أنّ "الحديث كان إيجابيّاً جدّاً في ما يتعلق بالتطورات الحاصلة على ملف الترسيم، وان شاء الله يصل هذا الملف إلى خواتيمه الإيجابية لمصلحة لبنان أكان بالنسبة الى الموارد وإلى حقّنا في كامل حصتنا في حقل قانا من دون مشاركة أحد فيه، إضافة إلى الإسراع في موضوع التنقيب أيّ حل موضوع الترسيم والالتزام الكلي في الوقت ذاته لشركة "توتال" والكونسورسيوم بالبدء بأعمال التنقيب وتنفيذها وهي عملية تأخذ وقتاً إضافة إلى تحضير المواضيع الهندسية واللوجستية".
وكشف فياض أنّ "العمل سيكون جدّياً على هذا الموضوع، وهذا ما وعدتنا به شركة (توتال)، وهذا أمر ايجابي جدّاً بالنسبة للبنان وسيسمح له أن يكون دولة على الخارطة النفطية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، والتزام "توتال وأيني" على هذا الأمر".
وردّاً على سؤال قال فياض: "إنّ الأمور اللوجستية يلزمها وقت، ولكن ستبدأ الأعمال فوراً، والشركة تأخذ الأمر بجدية ولا ضرورة للسلبية في التعاطي معها، وسيكون لي لقاء مع الشركة اليوم في وزارة الطاقة لمتابعة الحديث عن هذا الموضوع".
تويتر
فيسبوك
يوتيوب
انستغرام
مسنجر
واتساب
بريد إلكتروني
الطباعة
