أوصى رئيس جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، رونين بار، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، بالسعي لوقف إطلاق النار في غزة بزعم أنّه "تم استنفاد معظم أهداف الاغتيالات والتصفية"، بحسب ما أفادت تقارير إسرائيلية، صباح اليوم.
وجاءت هذه التوصيات خلال المداولات الأمنية التي عقدت أمس، في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في أعقاب مقتل إسرائيلية في صاروخ جنوب تل أبيب.
وتواصل التصعيد بين قطاع غزة وإسرائيل الخميس لليوم الثالث توالياً، وهو الأعنف منذ أشهر وتسبب بمقتل 29 فلسطينياً في القطاع وشخص في إسرائيل.
وتتواصل الجهود سعياً إلى وضع حد للتصعيد الأعنف منذ آب 2022، وسط دعوات إلى التهدئة أطلقتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتجري في مصر مناقشة "الصيغة النهائية لوقف لإطلاق النار" حسب مصدر في حركة "الجهاد الإسلامي" التي استُهدِفت منذ الثلثاء بضربات جوية إسرائيلية مكثفة. لكن الجيش الإسرائيلي أعلن قبيل منتصف الليل (21,00 بتوقيت غرينتش) أنه يواصل قصف "أهداف" لهذه الحركة.
وقتل 29 فلسطينياً منذ بدء جولة العنف الأخيرة الثلثاء، بينهم خمسة قياديين في حركة الجهاد وعدد من الأطفال والمدنيين، وفق وزارة الصحة في القطاع، بينما قتل شخص واصيب آخران على الأقل في وسط إسرائيل بعد سقوط صاروخ أطلق من القطاع الخميس.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية في بيان "وفاة شخص" بعد سقوط صاروخ على مبنى في مدينة رحوفوت وسط إسرائيل.
من جهته قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مساء الخميس إنه وثق 26 قتيلاً في الجانب الفلسطيني، بينهم ما لا يقل عن 13 مدنياً (ضمنهم سبعة أطفال)، وأربعة أعضاء في جماعات مسلحة.
والخميس، استهدفت غارات جوية إسرائيلية قياديين في "الجهاد الإسلامي" هما علي غالي وأحمد أبو دقة، الأمر الذي أكدته الحركة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "استهدفنا اليوم قائد القوة الصاروخية لمنظمة الجهاد الإسلامي في غزة. وقبل وقت قصير استهدفنا نائبه".
وبحسب نتنياهو "كل من سيؤذينا، سيدفع الثمن".
واستناداً إلى الجيش الإسرائيلي، أُطلِق 620 صاروخاً من قطاع غزة على إسرائيل منذ الأربعاء، اعترضت منظومة القبة الحديد 179 منها.
وقال الجيش إن ربع الصواريخ التي أُطلِقَت عاد وسقط في القطاع، وتسبّب ذلك بمقتل أربعة أشخاص بينهم ثلاثة قُصَّر. ولم تتمكن وكالة "فرانس برس" من الحصول على تعليق من حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" على هذه المزاعم.
والخميس، قال الجيش إنه شن غارات على 191 هدفاً في قطاع غزة.
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أنه أصدر تعليمات للمؤسسة الأمنية "باتخاذ كل الإجراءات الضرورية للتحضير والإبقاء على الاستعداد لاحتمال زيادة النيران".
- خوف -
وبدت الشوارع خالية في غزة إلا من عدد قليل من الناس.
وتفرّق عناصر الشرطة خارج مراكزهم، ووقفوا بعيداً من الحواجز الرئيسية بعشرات الأمتار.
كما شوهِدت سيارات إسعاف تجوب الشوارع.
في بيت لاهيا شمالي القطاع، قالت أم راني المصري (65 عاماً) بينما كانت تقف بين أنقاض منازل مدمّرة "أقول لإسرائيل إن البيوت كان فيها أطفال. لم يكن فيها سلاح. أنا لا أترك تسعة أطفال في بيت فيه صواريخ".
وأغلقت المتاجر في غزة باستثناء عدد قليل من محال السوبرماركت التي فتحت جزئياً، واصطف عشرات المواطنين أمام مخبز في حي الرمال.
وقال مازن (40 عاماً) من سكان جباليا الذي وقف أمام مخبز ينتظر دوره لشراء الخبز، "بناتي الثلاث مع أطفالهن لجأن إلى منزلي لشعورهن بالخوف. جئت لأشتري الخبز وسأشتري الطعام وأعود فوراً".
وتابع "الوضع مرعب، نأمل في التوصل الى تهدئة، تعبنا كثيراً من التصعيد والحروب".
وشدّدت حركة الجهاد على أنّ "الاغتيالات الإسرائيليّة لن تمرّ مرور الكرام"، مضيفة "كلّ الخيارات مطروحة على طاولة المقاومة".
وندّدت طهران الداعمة لحركة الجهاد بـ"وحشية الصهاينة"، مؤكدة أن "فصائل المقاومة موحدة ومصممة ومجهزة"، وأن إسرائيل "لن تحصد إلا الهزيمة".
- جهود وساطة-
ودعت الولايات المتحدة الخميس جميع الأطراف المعنيين إلى ضمان "تفادي مقتل المدنيين، وخفض العنف".
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أنه "يتابع بقلق التصعيد الخطير في غزة وإسرائيل".
إلى ذلك، دعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الخميس إلى هدنة فورية.
وقال بوريل في بيان "نحض على وقف نار فوري وشامل يُنهي العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وإطلاق الصواريخ الحالي على إسرائيل، وهو أمر غير مقبول"، داعياً إلى "احترام القانون الدولي الإنساني".
ودعا وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا ومصر والأردن الخميس إلى وضع حد لأعمال العنف بين إسرائيل والفصائل في غزة.
و أعرب وزراء الخارجية في بيان مشترك عن "قلقهم البالغ" إزاء التصعيد.
وأفاد مصدران متطابقان في "الجهاد الإسلامي" و"حماس" "فرانس برس" بأن مصر أجرت اتصالات "مكثفة ومثمنة" مع الحركتين "وأبلغتنا أنها أجرت اتصالات مع الجانب الإسرائيلي وطلبت وقفاً فورياً لإطلاق النار والعودة للهدوء. وحتى الآن لا يوجد اتفاق للتهدئة".
- "صدمة" -
في الجانب الإسرائيلي القريب من غزة، يعيش الإسرائيليون على وقع صفارات الإنذار.
في عسقلان، على بعد عشرين كيلومترًا من قطاع غزة، كانت المحلات مفتوحة والسكان يمارسون أعمالهم. وقالت ميريام كيرين (78 عاماً) التي دُمّرت غرفة المونة لديها وسيارتها بسبب صاروخ "ليست المرة الأولى التي يصاب فيها منزلي".
وأضافت "كنا تحت تأثير الصدمة في البداية لكننا لسنا خائفين".