لم تكد تمرّ 24 ساعة على تشييع "حزب الله" للقائد العسكري الكبير طالب عبدالله، الذي اغتالته إسرائيل مع ثلاثة من رفاقه في بلدة جويا، حتى شنّ "حزب الله" هجوماً هو "الأوسع والأشمل" منذ بدء الحرب في 8 أكتوبر، قابله تحميل إسرائيل "المسؤولية الكاملة لحزب الله وإيران والحكومة اللبنانية عن تدهور الوضع عبر الحدود".
وعقب هدوء حذر منذ الصباح، اشتعلت الجبهة الجنوبية في ساعات بعد الظهر، فشنّ "حزب الله" هجوماً كبيراً مركّباً بالصواريخ والمسيّرات الانقضاضية استهدفت 15 موقعاً في الجليل الأعلى والجولان، دفعة واحدة، ممّا أدّى إلى دوي صفارات الإنذار بلا توقّف في مستوطنات عديدة.
وقد أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بإطلاق "حزب الله نحو 150 صاروخاً و30 مسيّرة انقضاضية تجاه إسرائيل خلال أقل من 40 دقيقة".
كما لفتت وسائل إعلام إسرائيلية إلى "اعتراض مسيّرة بالقُرب من قاعدة عسكرية إسرائيلية في صفد"، وذلك بعد إعلان الجيش الإسرائيلي عن "إطلاق صفارات الإنذار في صفد وبيريا شمالي إسرائيل".
ودوّت صفارات الإنذار في مستوطنة كاتسرين ومحيطها في الجولان، وأفاد الإسعاف الإسرائيلي بجرح شخصين إثر سقوط قذيفة على منزل في مستوطنة كاتسرين.
إلى ذلك، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ "حرائق اندلعت في الشمال والجولان بعد استهدافها برشقات صاروخية من لبنان".
الهجوم "الأوسع والأشمل" منذ 8 أكتوبر
وهذا التطوّر العسكري يُعدّ الأبرز منذ بدء الحرب، فقد أعلن "حزب الله" أنّه "شنّ الهجوم الأوسع والأشمل على إسرائيل، منذ 8 أكتوبر، وذلك بهجوم مركّب بـ150 صاروخاً و30 مسيّرة انقضاضية استهدفت 15 موقعاً عسكريّاً إسرائيلية، دفعة واحدة، في الجليل والجولان المحتل".
وأفاد مصدر في "حزب الله" لقناة "الجزيرة"، بأنّ "الهجوم المركّب هدفه ردع إسرائيل والردّ على اغتيال القائد العسكري طالب عبد الله".
وكشف المصدر في "حزب الله" المواقع الإسرائيلية التي هاهجمها، معلناً عن "مهاجمة مقرّ قيادة المنطقة الشمالية في الجولان المعروفة بـ(قاعدة داود)، ومقرّ الاستخبارات الإسرائيلية بالمنطقة الشمالية المسؤولة عن الاغتيالات في لبنان، ومقرّ قيادة اللواء المدرع النظامي السابع في الجولان المحتل".
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه "رصدنا 40 قذيفة صاروخية أطلقت خلال الساعة الأخيرة من لبنان باتجاه الجولان والجليل، كما رصدنا 5 مسيرات خلال الساعة الأخيرة، واعترضت الدفاعات الجوية ثلاثة منها".
وضمن استهدافاته، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على حرش العيشية بين الريحان وجسر الخردلي تردد صداها في النبطية.
إلى ذلك، أشار الجيش الإسرائيلي إلى أنّ "الدفاعات الجوية اعترضت عدداً من القذائف بينما سقط بعضها ممّا أدى لاندلاع حرائق".
وفي بيان رسمي له، أعلن "حزب الله" عن "هجوم مشترك بالصواريخ والمسيّرات، إذ استهدفت صواريخ الكاتيوشا والفلق 6 ثكنات ومواقع عسكرية هي: مرابض الزاعورة، ثكنة كيلع، ثكنة يوأف، قاعدة كاتسافيا، قاعدة نفح وكتيبة السهل في بيت هلل، وبالتزامن، تم إطلاق عدّة أسراب من المسيّرات الانقضاضية على قاعدة داوود (مقر قيادة المنطقة الشمالية)، وقاعدة ميشار (مقر الاستخبارات الرئيسيّة للمنطقة الشمالية المسؤولة عن الاغتيالات) وثكنة كاتسافيا (مقر قيادة اللواء المدرع النظامي السابع التابع لفرقة الجولان 210)، وأصابت أهدافها بدقة".
تصعيد إسرائيلي متزامن
تزامناً مع هجوم "حزب الله" الصاروخي على إسرائيل، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات على الجنوب، محدثاً انفجارات في مناطق واسعة.
فقد أغار الطيران الحربي على محيط وادي الحجير، وعلى أطراف بلدة عرمتى في مرتفعات جبل الريحان. كما شنّ غارات على بلدات دبين، القنطرة، صديقين لجهة كفرا، أطراف حاريص، وحرش بركات في أطراف مرجعيون الشمالية.
وكان ثمّة موقف مهم للحكومة الإسرائيلية، إذ قالت إسرائيل اليوم الخميس إن "حزب الله" وإيران والحكومة اللبنانية يتحملون "المسؤولية الكاملة" عن تزايد العنف عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وألمحت إلى أن تصعيدا قد يجري التخطيط له.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر إنّ "لبنان وحزب الله، بتوجيه من إيران، يتحملان المسؤولية الكاملة عن تدهور الوضع الأمني في الشمال".
وأضاف "سواء من خلال الجهود الديبلوماسية أو غير ذلك، فإن إسرائيل ستستعيد الأمن على حدودنا الشمالية".
قلق أميركي من التصعيد جنوباً
على وَقع التصعيد المتواصل جنوب لبنان، قال مسؤول أميركي كبير لـ"رويترز" إنّ "الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ من أن الأعمال القتالية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية قد تتصاعد إلى حرب شاملة"، مضيفا أنّ "هناك حاجة إلى ترتيبات أمنية محددة للمنطقة، وأنّ وقف إطلاق النار في غزة ليس كافياً".
وأضاف: "أجرينا محادثات باستمرار وبشكل عاجل في أوقات مختلفة مع إسرائيل ولبنان على مدى الأشهر الثمانية منذ بداية الأزمة... لمنعها من التطور إلى حرب شاملة قد يكون لها تداعيات على أماكن أخرى في المنطقة".
أكد المسؤول الأميركي أنّ "العودة إلى الوضع الذي كان قائماً في لبنان يوم السادس من أكتوبر ليس خياراً مقبولاً أو ممكناً".
وتابع قائلاً: "هذا يتطلب ممارسة ضغوط شديدة على النظام. سيؤدي ذلك إلى استبعاد تبرير حزب الله لشنّ هذه الهجمات، وأعتقد أن ذلك سيفسح المجال لحل الأمر ديبلوماسيّاً".
كما أكد أنّه "لا يكفي مجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار... يجب أن يكون هناك ترتيب يسمح للإسرائيليين بالعودة إلى منازلهم في الشمال".
وتشهد الجبهة بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي تصعيداً غير مسبوق منذ ليل الثلاثاء، بعد اغتيال إسرائيل القيادي الكبير في الحزب عبدالله طالب.
حرائق في صفد.