أصدر القضاء الإيراني حكما بالإعدام بحق شخص على خلفية ضلوعه في "أعمال شغب"، وفق ما أفادت مصادر رسمية الأحد، في أول عقوبة قصوى يعلنها على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها الجمهورية الإسلامية منذ قرابة شهرين.
واندلعت في إيران اعتبارا من 16 أيلول احتجاجات في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
وقضى العشرات، بينهم عناصر من قوات الأمن، على هامش الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات واعتبر مسؤولون جزءا كبيرا منها "أعمال شغب". كما وجّه القضاء تهما مختلفة لما لا يقلّ عن ألفَي موقوف.
وصدر "حكم بإعدام شخص قام بإحراق مركز حكومي، كانت وجّهت إليه تهم الاخلال بالنظام العام، التجمع والتآمر بهدف ارتكاب جريمة ضد الأمن الوطني، الحرابة والافساد في الأرض"، وفق ما أفاد موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية الأحد.
ولم يذكر الموقع تفاصيل بشأن هوية المحكوم عليه، الا أنه أشار الى أن الإجراء المتخذ أتى خلال محاكمة لمتهّمين بالضلوع "في أعمال شغب في محافظة طهران" في الأسابيع الأخيرة.
وأضاف أن خمسة متّهمين آخرين نالوا أحكاما بالسجن ما بين خمسة وعشرة أعوام، لإدانتهم بـ"التجمع والتآمر بهدف ارتكاب جرائم ضد الأمن الوطني" و"الاخلال بالنظام والممتلكات العامة".
وأكد أن كلّ الأحكام صادرة عن محكمة البداية وقابلة للاستئناف.
وسبق أن أعلنت السلطة القضائية توجيه الاتهام الى أكثر من ألفي شخص على خلفية الاحتجاجات، يواجه عدد منهم تهما قد تصل عقوبتها للاعدام في إيران مثل "الحرابة" و"الافساد في الأرض".
وكان 227 نائبا من أصل 290 يشكّلون مجلس الشورى الإيراني، طالبوا في مطلع تشرين الثاني، بتطبيق مبدأ "العين بالعين" في التعامل مع "المحاربين" (المتهمين بالحرابة).
وخصّوا بذلك "أولئك الذين حرّضوا مثيري أعمال الشغب"، ومن "أضرّوا بحياة الناس والممتلكات باستخدام أسلحة بيضاء ونارية".
وفي وقت سابق الأحد، أفادت وسائل إعلام إيرانية عن توجيه القضاء الاتهام الى نحو 800 شخص لضلوعهم في "أعمال شغب وقعت مؤخرا" في محافظات هرمزكان (جنوب) وأصفهان ومركزي (وسط).
ونقل "ميزان" عن المدعي العام في هرمزكان إعلانه توجيه الاتّهام إلى 164 شخصا "متّهمين (بالضلوع) في أعمال الشغب الأخيرة ضد الأمن" في المحافظة.
وهم متّهمون بـ"التجمّع والتآمر ضد أمن البلاد" و"الدعاية ضد النظام" و"الإخلال بالنظام العام" و"الشغب" و"التحريض على القتل" و"إصابة عناصر أمن بجروح" و"إلحاق الضرر بالأملاك العامة".
من جهته، أشار المدّعي العام في محافظة أصفهان إلى 316 قضية على صلة بأعمال "الشغب" الأخيرة، بينما أعلن المدعي العام في محافظة مركزي توجيه الاتّهام إلى 276 شخصا، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "إرنا".
- انتقاد لفرنسا وألمانيا -
ووفق منظمة العفو الدولية التي تتخذ من لندن مقرا، تحتل إيران المرتبة الثانية عالميا خلف الصين على صعيد تنفيذ أحكام الاعدام، والتي بلغت 314 على الأقل خلال العام 2021.
ودعا خبراء لحقوق الانسان في الأمم المتحدة إيران الجمعة الى وقف توجيه اتهامات تصل عقوباتها للإعدام بحق أشخاص شاركوا في الاحتجاجات، وحضّوا السلطات على "الإفراج فورا" عمن تم توقيفهم على هامش هذه التحركات.
وسبق أن اعلن مسؤولون إيرانيون الإفراج عن العديد ممن تم توقيفهم بعدما ثبت عدم ضلوعهم في "الشغب".
ويتهم مسؤولون إيرانيون "أعداء" البلاد، تتقدمهم الولايات المتحدة، بالضلوع في "أعمال الشغب" التي تشهدها البلاد منذ أيلول.
من جهتها، أعربت دول غربية عدة عن دعمها للاحتجاجات، وفرضت عقوبات على مسؤولين وكيانات في إيران ردا على ما تعتبره "قمع" السلطات للتحركات.
وفي وقت سابق الأحد، ندّدت الخارجية الإيرانية باستقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة لناشطات إيرانيات معارضات مقيمات في الخارج.
ورأى المتحدث باسمها ناصر كنعاني اللقاء "انتهاكا لمسؤوليات فرنسا الدولية في مكافحة الإرهاب وأعمال العنف وترويجا لهذه الظواهر المشؤومة".
وكانت الرئاسة الفرنسية أعلنت أن ماكرون استقبل وفدا يضمّ ناشطات من بينهنّ مسيح علي نجاد المقيمة في نيويورك، والتي أطلقت خلال الأعوام الماضية حملات ضد الحجاب الإلزامي.
وأشاد ماكرون خلال اللقاء بـ"الثورة التي يقُدنها"، وأكد أن فرنسا تكن "الاحترام والتقدير" لما يقمن به.
واعتبر كنعاني إن "التصريحات التي نقلت عن ماكرون بشأن دعم ما يسمى بالثورة المزعومة في إيران التي تقودها مثل هذه الشخصيات، مدعاة للأسف والعار"، وفق ما نقلت عنه وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "إرنا".
كما شجبت إيران تصريحات للمستشار الألماني أولاف شولتس الذي سأل السبت عبر مدوّنته الصوتية "أي نوع من الحكومات أنتم الذين تطلقون النار على مواطنيكم؟ (...) من يتصرّف على هذا النحو عليه أن يتوقّع معارضتنا".
ووصف كنعاني موقف المستشار بأنّه "تدخلي واستفزازي".