انتهت الجلسة النيابية التي انعقدت منذ صباح اليوم والتي طُرح فيها ملف النزوح السوري من باب مناقشة الهبة الأوروبية وما ستفضي إليه لجهة إصدار توصية ترسم معالم موقف وطني عام، يُفترض أن يبلور موقفاً لبنانياً حازماً برسم الخارج والداخل، سواء بسواء، في ملف النازحين.
وفي ختام الجلسة النيابية، أوصى مجلس النواب بتشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة وعضوية وزراء الدفاع والداخلية والمهجرين والشؤون الاجتماعية وقيادة الجيش والأمن العام والأمن الداخلي وامن الدولة، للتواصل والمتابعة المباشرة والحثيثة مع الجهات الدولية والإقليمية والهيئات المختلفة، لا سيما مع الحكومة السورية، ووضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين، باستثناء الحالات الخاصة المحمية بالقوانين اللبنانية والتي تحددها اللجنة.
كما أكد التزام لبنان مضمون الاتفاقية المشار اليها في المقدمة كأساس للمعالجة وإلزام مفوضية اللاجئين بالوسائل الديبلوماسية تطبيق بنودها كاملة، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتنفيذ وتقديم الإحصاءات والملفات الخاصة بالنازحين الموجودة لديها، والطلب منها التنسيق مع مكتبها في سوريا لتسهيل عملية اعادتهم إلى بلدهم.
وطلب أيضاً التزام واضح بتطبيق القوانين النافذة التي تنظم عملية الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه، لاسيما القانون الصادر بتاريخ 10/7/1962 والمراسيم التطبيقية ذات الصلة، ولاسيما المرسوم رقم 10188 تاريخ 28/7/1962، وبقانون العمل اللبناني والقوانين الضريبية والرسوم البلدية وغيرها.
كما أكد القيام بالإجراءات القانونية اللازمة لتسليم السجناء من النازحين إلى السلطات السورية، وفق القوانين والأصول المرعية.
ودعا المجتمع الدولي والهيئات المانحة لمساعدة الحكومة في تخصيص الإمكانيات اللازمة للأجهزة العسكرية والأمنية من أجل ضبط الحدود البرية والتنسيق مع الجانب السوري للمساعدة من الجهة المقابلة، وحصر حركة الدخول والخروج عبر المعابر الشرعية بين البلدين.
كما طلب من أجهزة الأمم المتحدة كافة، لا سيما مفوضية اللاجئين والجهات الدولية والاوروبية المانحة اعتماد دفع الحوافز والمساعدات المالية والانسانية للتشجيع على إعادة النازحين إلى بلدهم، ومن خلال الدولة اللبنانية ومؤسساتها أو بموافقتها، وعدم السماح باستغلال هذا الامر للايحاء بالموافقة على بقائهم في لبنان وتشجيع هذه الجهات على تأمين مثل هذه التقديمات في داخل سوريا.
تابع: الاستفادة من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، ومنها قرارها حول خطة التعافي المبكر الصادر العام 2021، حيث يمكن أن يشكل المدخل لتسريع العودة إلى الداخل السوري، عن طريق المساعدات لتأهيل البنى التحتية من دون تعرض الدول المانحة لعقوبات قانون قيصر.
وطلب بنقل رسالة واضحة للدول والهيئات العاملة بملف النزوح، بأن لبنان لم يعد يحتمل جعله سداً أمام انتقال النازحين إلى بلدان أخرى، وأنه بكل الأحوال لن تكون مهمته حماية حدود هذه الدول، من إمكانية الانتقال إليها ممن يرغب أو يحاول من النازحين مغادرة لبنان، وبأي وسيلة ممكنة. وبالتالي، فإن المسؤولية الأساس هي في تحويل الدعم نحو تعزيز انتقال النازحين وتأمين استقرارهم في بلدهم مع ما يتطلب ذلك من تأمين مقومات حياتهم.
ومن التوصيات الختامية أيضاً، التزام الحكومة بهذه التوصية وتقديم تقرير كل ثلاثة أشهر للمجلس النيابي حول مراحل تنفيذ ما تضمنته.
الزميل نبيل إسماعيل واكب الجلسة بعدسته:
وفي مستهلّ الجلسة، أكّد رئيس المجلس نبيه بري أنّ "هذه الجلسة يتوقف عليها مصير لبنان".
كلمة ميقاتي:
قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، خلال جلسة مجلس النواب بشأن ملف النازحين السوريين، "إنني أشكر رئيس مجلس النواب نبيه بري على الاستجابة لطلبي بعقد هذه الجلسة لنتحدّث بشكل واضح ومباشر عن ملف من أكثر الملفات التي تُشغل اللبنانيين حاضرًا ومستقبلًا".
وشدّد على "أنني قلتُ مرارًا إن موضوع النزوح السوري إلى لبنان هو من المواضيع التي يُجمع اللبنانيون عليها برؤية واحدة في سبيل إنقاذ ديموغرافيا لبنان والحفاظ على كيانه"، ولكن "للأسف لم يدم رهاني طويلاً، إذ بدأنا نخاصم بعضنا البعض مغلّبين الشعبوية والمزايدات على المصلحة الوطنية، فحوّل البعض الفرصة إلى مشكلة والنعمة إلى نقمة".
وأوضح ميقاتي بأنّ "البعض عارض الحكومة، وهذا حقّ ديموقراطيّ طبعاً، لكنه عارض قبل أن يفهم، وحكم بالأمر قبل أن يعلم. وهذا النهج أعتبر أنه يشكّل ضرراً كبيراً على الوطن، ويُعرقل السير قدماً بحلّ هذه المعضلة"، مضيفًا "لا بدّ لي من أن أثمّن عالياً الموقف الإيجابي للبعض بالتعاطي مع ما حدث، وذلك بالاستيضاح مباشرة أو عبر رسائل خطيّة، ولهم منّا كلّ تقدير".
وقال: "أؤمن بأنّ قوة لبنان الحقيقية في وحدة أبنائه. فهذا الوطن لنا جميعاً، وكفى مزايدات على بعضنا البعض"، مشيرًا إلى أنّ "لبنان وطن سيّد حرّ مستقلّ وطنٌ نهائي لجميع أبنائه، كما أنّه دولة مستقلّة ذات وحدة لا تتجزّأ وسيادة تامّة"، مؤكّداً أن "لا فرز للشعب على أساس أيّ انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين، كما جاء في مقدمة الدستور".
وشدّد على أنّ "حلّ مسألة النزوح السوري يكون بتوافق كامل بين اللبنانيين".
وأوضح بأنّ "المساعدة الأوروبية التي أعلنت عنها رئيسة المفوضية الأوروبية في حضور الرئيس القبرصي ليست سوى تأكيد للمساعدات الدورية التي تقدّمها المفوضيّة الأوروبية للبنان منذ سنوات". وقال: "هذا الدعم الأوروبي هو للخدمات الأساسية التي تقدّمها المفوضية إلى المؤسسات الحكومية في مجالات الحماية الاجتماعية والتعليم والمياه والصحة؛ وعلى سبيل المثال، من خلال إنشاء مراكز التنمية الاجتماعية والمدارس العامة ومؤسّسات المياه". وقال "إنني أريد أن أؤكد أنّ هذه المساعدات غير مشروطة بأيّ شروط مسبقة أو لاحقة، ولم يتمّ توقيع أيّ اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأنها بل هي استمرار للمساعدات السابقة".
وشدّد ميقاتي بالقول "وعدت رئيسة المفوضية الأوروبية بأنّ هذه المساعدات سيُعاد تقييمها كلّ ستة أشهر في ضوء حاجة لبنان، كما وعدت بزيادة هذا المبلغ أضعافاً وباستثمارات أوروبية في لبنان فور إقرار القوانين الإصلاحية المطلوبة".
وأضاف "نحن أصررنا على أن تكون المساعدة المقدّمة للنازحين السوريين هي لتشجيعهم على العودة إلى بلادهم وليس للبقاء في لبنان، مؤكّدين أن القسم الأكبر من سوريا قد بات آمناً للعودة"، مشيرًا إلى "أننا حذّرنا من أن استمرار هذه الأزمة في لبنان سيكون ككرة النار التي لن تنحصر تداعياتها على لبنان بل ستمتدّ إلى أوروبا لتتحوّل إلى أزمة إقليميّة ودوليّة".
وكشف ميقاتي عن "أننا شدّدنا أمام الرئيس القبرصي ورئيسة المفوضية الأوروبية على أنه لا يمكن اعتبار لبنان شرطيّاً حدودياً لأيّ دولة، وأن المطلوب تعاون كلّ الدول لحلّ هذه المعضلة".
إلى ذلك، أشار إلى أنّه "يجب الأخذ في عين الاعتبار مذكّرة التفاهم الموقّعة في 9-9-2003 بين المديرية العامة للأمن العام والمفوضية، والتي ورد فيها أنه لا يُمكن اعتبار السوريين في لبنان لاجئين".
وتابع ميقاتي: "أؤكد أنه من الضروري تعاون الجميع لتنفيذ ذلك وعدم إغراق الأجهزة الأمنية والحكومية بالوساطات لإبقاء المقيمين بطريقة غير شرعية على الأراضي اللبنانية"، موضحًا بأنّه "بالنسبة إلى أمن الحدود، فإن الجيش يقوم بواجبه كاملاً ضمن الإمكانات المتاحة".
وأفاد بأنّ "الجيش ينشر 4 أفواج على طول الحدود اللبنانية-السورية بخط حدوديّ يبلغ حوالَي 387 كلم بعدد عناصر 4838 عنصراً يتوزّعون على 108 مراكز، من بينها 38 برج مراقبة مجهّزين بكاميرات وأجهزة استشعار ليليّة".
وذكر ميقاتي أنّه "في الواقع العسكري، وعلى طول الخط، يلزم 5 أضعاف القوى المنتشرة حالياً؛ وذلك لضبط الحدود بالحدود الدنيا، ناهيك بالحاجة البشرية واللوجستية لتعزيز الحدود البحرية والمراقبة عليها وضبطها".
وأشار نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، إلى أنّه "حصل بالأمس تشاور أدّى الى نتيجة بخصوص موضوع الجلسة، ونسأل لماذا لا يحصل تشاور لنصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية فهذا المجلس قد لا ينتخب رئيساً إذا لم نتشاور".
وأمس، عقد لقاء تشاوري في مجلس النواب بعيدًا عن الإعلام، بهدف وضع تصور موحّد لاطار مسوّدة القرار أو التوصية التي ستصدر عن الهيئة العامة حول ملف النزوح السوري.
إلى ذلك، ذكر النائب ملحم خلف، خلال الجلسة النيابية، أنّ "تواجدنا هنا اليوم فرصة لنا جميعًا لاعطاء شعبنا جرعة من التفاؤل في تحمّلنا المسؤولية، في مواجهة خطر النزوح السوري والعدوان الإسرائيلي الذي يطال قرانا وأهلنا في الجنوب".
وشدّد على أنّه "علينا أن نستردّ الدولة العادلة والمدخل إلى ذلك انتخاب رئيس الجمهورية"، وقال: "أطلب اعتبار هذه الجلسة استكمالًا للجلسة السابقة وانتخاب رئيس للجمهورية".
بدوره، أكد رئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميّل، أنّه "لا يجوز ان يجتمع المجلس إلّا لانتخاب رئيس للجمهورية وللأسف بتنا في مخالفة للدستور من فترة طويلة"، معتبراً أنّه "لا يمكن أن نتعاطى مع أهل الجنوب وكأننّا غير معنيّين بما يحصل في الجنوب وهذا موضوع سيادي له علاقة بسيادة الدولة".
امّا النائب فراس حمدان، قأكّد في مداخلة له خلال الجلسة أنّ "حلّ مشكلة النزوح لا تكون بحكومة تصريف أعمال ويجب انتخاب رئيس للجمهورية فوراً حرصاً على لبنان".
الجلسة تزامنت مع وقفة احتجاجية في ساحة الشهداء.
الصور بعدسة الزميل حسام شبارو:
قبيل الجلسة، قال النائب ضاح الصادق لـ"النهار" عن دعوة نصرالله لفتح البحر: "أحمل معي رسائل من لبنانيين يؤيّدون فتح البحر ليهاجروا".
وأضاف: "مَن اجتمعوا في الأمس هم من كانوا يديرون البلد ولم يفعلوا شيئاً، ولن نقبل باتّفاقات جانبية تُفرض علينا".
بدوره، قال النائب وائل بو فاعور لـ"النهار: "توصّلنا إلى ورقة مشتركة بين الكتل لتشكّل توصية للحكومة للعمل بها للبدء بحلّ ملف النزوح".
أمّا النائب فيصل كرامي فقال لـ"النهار": "هذه الجلسة فرصة كبيرة، فهي تُعطي غطاء سياسياً لمن أراد التواصل مع سوريا".
المزيد من الصور مواكبة للجلسة بعدسة الزميل نبيل إسماعيل: