انطلقت جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة "حماس"، في الدوحة اليوم، في مسعىً للتوصل لوقف لإطلاق النار وتحرير الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
ورأى البيت الأبيض أن الجولة الجديدة من المفاوضات لتحقيق هدنة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، حققت "بداية مشجعة" مع استئنافها الخميس في الدوحة، من دون أن يتوقع التوصل الى اتفاق سريع.
ونقلت أوساط مصرية أنّ "مناقشات اليوم الأول لوقف إطلاق النار بقطاع غزة امتدت لأكثر من 7 ساعات أبدى خلالها جميع الأطراف رغبة حقيقية في التوصل لاتفاق".
كيربي
وقال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إنّ "اليوم هو بداية مشجّعة"، مؤكداً أن المباحثات انطلقت في وقت سابق في العاصمة القطرية بمشاركة مدير وكالة الاستخبارات المركزيّة الأميركيّة "سي آي ايه" وليام بيرنز.
وأضاف كيربي "يبقى الكثير من العمل. نظرا لتعقيد الاتفاق، لا نتوقع الخروج من هذه المباحثات مع اتفاق اليوم".
وتوقع المتحدث أن تتواصل المباحثات الجمعة. وأوضح "هذا عمل محوري. يمكن تجاوز العقبات المتبقية، وعلينا أن نوصل هذه العملية الى خاتمتها".
وتابع "علينا أن نرى الرهائن وقد تمّ الإفراج عنهم، مساعدات للمدنيين الفلسطينيين في غزة، الأمن لإسرائيل وتوترات أقل في المنطقة، وعلينا أن نرى هذه الأمور في أقرب وقت ممكن".
وتجرى المفاوضات على أساس مقترح قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن في 31 أيار، ويرتكز على وقف النار لستة أسابيع في مرحلة أولى والافراج عن رهائن إسرائيليين محتجزين.
ولم يتطرق كيربي إلى تفاصيل ما يتم بحثه في الدوحة، لكنه شدد على أنها ترتبط بالاجراءات التنفيذية.
وأوضح كيربي "وصلنا الآن إلى نقطة حيث أصبح الإطار مقبولا بشكل عام، والفجوات تكمن في تنفيذ الاتفاق".
أبرز النقاط الخلافية
وكشفت قناة "كان" الإسرائيلية عن النقاط الخلافية الخمس في مفاوضات الدوحة حول غزة: "إيجاد آلية لوقف إطلاق النار الدائم وإنهاء حرب غزة، السيطرة على معبر رفح ومحور فيلادلفيا، إيجاد آلية لفحص العائدين لشمال القطاع عبر محور نتساريم، عدد المختطفين الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى وحق إسرائيل في الفيتو على الأسرى المفرج عنهم".
وخلال الأسابيع الأخيرة، تعزّزت المخاوف من توسّع التصعيد في الشرق الأوسط بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران في عملية نفذتها إسرائيل، وضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت قتلت القيادي العسكري في حزب الله فؤاد شكر.
وتوعّدت إيران وحزب الله بالردّ على الدولة العبرية.
ومارست الدول الغربية ضغوطا مكثفة على إيران داعية إياها للتراجع عن تهديدها بالردّ على إسرائيل.
وبحسب كيربي فإنه من غير الواضح إن كانت الضغوط ومحادثات وقف إطلاق النار قد دفعت إيران إلى إعادة النظر.
وقال "لا أستطيع الوقوف هنا والقول لكم على وجه اليقين إن هناك قرارا بتغيير رأيهم".
وتابع "قبل بضعة أيام تلقينا معلومات، وما زلنا نتلقاها، مفادها أن الهجوم قد يأتي دون سابق إنذار أو بإنذار ضئيل، ومن المؤكد أنه قد يأتي في الأيام المقبلة، وعلينا أن نكون مستعدين له".
بريطانيا
وأصدر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، تصريحاً حول استئناف المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في غزة، وأعرب عن شكره لكل من قطر ومصر والولايات المتحدة وجميع الشركاء الدوليين لما يبذلونه من جهود.
واعتبر أنّ المباحثات في قطر تتيح الافراج عن الرهائن وتشكّل "لحظة حاسمة للاستقرار العالمي قد تحدد مستقبل الشرق الأوسط".
وقال لامي في بيان "نمرّ بلحظة حاسمة بالنسبة للاستقرار العالمي. الساعات والأيام المقبلة قد تحدد مستقبل الشرق الأوسط. ولهذا السبب فإننا اليوم وكل يوم نحث شركاءنا في المنطقة على اختيار السلام".
وانعقدت الجولة الجديدة من المحادثات بحضور رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي ونظيرَيه من الولايات المتحدة ومصر ورئيس الوزراء القطري.
من جهتها، أعلنت "القناة 12 الإسرائيلية" أنّ "مفاوضات الدوحة ستستمرّ يومين، والهدف منها سدّ الفجوات لمحاولة التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى ووقف إطلاق النار".
وفي تعليقه على المفاوضات، قال الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ حماس ممثلة في المفاوضات من خلال مصر وقطر.
مفاوضات...و رد
وتُعقَد المحادثات، التي تهدف إلى إنهاء عشرة شهور من القتال في قطاع غزة وإعادة 115 من الرهائن الإسرائيليين والأجانب، في الوقت الذي بدت فيه إيران على وشك الرد على إسرائيل بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إسماعيل هنية في طهران يوم 31 تموز الماضي.
ومع إرسال سفن حربية وغواصات وطائرات حربية أميركية إلى المنطقة للدفاع عن إسرائيل وردع أي هجوم محتمل، تأمل واشنطن أن يؤدي اتفاق وقف إطلاق النار في غزة إلى نزع فتيل خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً.
حماس
وأعلن القيادي في حماس حسام بدران في بيان أن الحركة تنظر للمفاوضات من منظور استراتيجي يهدف لإنهاء العدوان على غزة.
وأضاف: "أي اتفاق حول غزّة يجب أن يحقق انسحابا كاملا للاحتلال ووقفا شاملا للحرب وعودة النازحين لمناطقهم وخطة لإعمار القطاع وصفقة لتبادل الأسرى. والعائق أمام التوصل لوقف إطلاق النار في غزة هو استمرار المراوغة الإسرائيلية".
ولم يشارك مسؤولو "حماس"، الذين اتّهموا إسرائيل بالمماطلة، في محادثات اليوم الخميس. لكنّ مسؤولاً مطّلعاً على المحادثات قال لـ"رويترز" إنّ الوسطاء يعتزمون التشاور مع فريق التفاوض التابع لحماس في الدوحة بعد الاجتماع.
وقالت حماس أمس الأربعاء إنها لن تشارك في جولة جديدة من محادثات وقف إطلاق النار، وذلك تأكيدا لموقفها المعلن في رفض خوض مفاوضات جديدة، وتمسكها بالورقة التي طرحها الوسطاء.
ونقل موقع أكسيوس الأميركي عن مصادر أن حماس أوضحت أن ممثليها لن يشاركوا بمحادثات الخميس، ولكنهم سيكونون على استعداد للقاء الوسطاء بعد ذلك، للحصول على تحديث، ومعرفة إذا كانت إسرائيل ستقدم اقتراحا جديا وعمليا للصفقة.
وقال مسؤولون دفاعيون، أمس الأربعاء، إنّ الوفد الإسرائيلي يضم رئيس المخابرات دافيد برنياع ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار ومنسق ملف الرهائن في الجيش الإسرائيلي نيتسان ألون.
ويُمثّل مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية بيل بيرنز ومبعوث الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك واشنطن في المحادثات التي دعا إليها رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، كما يشارك عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية في محادثات الدوحة.
خلافات جوهرية
وقال مصدر في فريق التفاوض الإسرائيلي، أمس الأربعاء، إنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سمح بقدر كبير من التصرف في التعامل مع بعض نقاط الخلاف الجوهرية.
وتتضمّن نقاط الخلاف وجود القوات الإسرائيلية في قطاع غزة والترتيب الزمني لإطلاق سراح الرهائن والقيود المفروضة على الوصول إلى شمال قطاع غزة.
وقال القيادي الكبير في "حماس" سامي أبو زهري لـ"رويترز"، اليوم، إنّ الحركة ملتزمة بعملية التفاوض، وحضّ الوسطاء على ضمان التزام إسرائيل بالمقترح الذي وافقت عليه حماس في أوائل تموز، والذي قال إنّه سينهي الحرب ويتضمن الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع.
سيجورنيه إلى اسرائيل
ومع وصول المفاوضين إلى قطر، استمر القتال في غزة، حيث قصفت القوات الإسرائيلية أهدافاً في مدينتي رفح وخان يونس في الجنوب.
وأفادت رويترز أن وزير خارجية بريطانيا دايفيد لامي، ووزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه سيقومان بزيارة خاطفة إلى إسرائيل.
واشارت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان إلى أن وزيري خارجية فرنسا وبريطانيا يجريان مباحثات في تل أبيب غدا لمنع التصعيد في المنطقة.
عقوبات
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي أنّه سيدعو فرنسا وبريطانيا إلى فرض عقوبات اقتصادية شديدة على إيران وتصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية".
والحرب المدمرة في قطاع غزة أسفرت عن مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، وفقا لمسؤولي وزارة الصحة في غزة، ودفعت كل سكان القطاع البالغ عددهم 2,3 مليون نسمة تقريباً إلى النزوح.