الراعي في سيدة إيليج.
أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي "أن بقاء لبنان رهن بتغيير المسار الإنحداريّ بانتخاب رئيس للجمهوريّة، يعود بنا إلى جوهر الشراكة الوطنيّة، واعتبار دولة لبنان الكبير هي المنطلق وهي مرجعيّة أي تطوّر وطنيّ"، مستغرباً "ألّا تعتبر الدولة اللبنانيّة ذكرى تأسيسها في أوّل أيلول 1920، عيدًا وطنيًّا. فأيّ تاريخ أعزُّ من هذا التاريخ؟ من دونه لا استقلال، ولا شراكة، ولا صيغة، ولا ديموقراطيّة. أليس تجاهُل هذا التاريخ تعبيرًا عن عَطَبٍ في الإعتراف به ونقصٍ في الإيمان؟".
وقال لدى ترؤسه قداس ذكرى شهداء سيدة إيليج (ميفوق): "في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانيّة، لا بدّ من وقفة فحص ضمير وطنيّ، فنقول: هناك مكوّنات تريد لبنان الكبير أرضًا شاغرة لمشاريعها، ومن دون دولة ونظام ودستور وقانون. تفضّله مساحة تُفرز عقاريًّا، لا وطنًا يضمّ وجدانيًّا. هناك فرق كبير بين الإعترافِ بلبنان والإيمان به. فالإعتراف هو أخذ العلم بوجود لبنان، بينما الإيمان هو أخذ لبنان بجوهره وهوّيته ونظامه وقيمه ورسالته. وهناك فارق بين معيار الولاء للبنان وما نتمثّل فيه: ففي الحالة الأولى إيمان مطلق بلبنان في ما يمثّل في ذاته، وفي الحالة الثانية حساب ربح وخسارة. وهذه بكل أسف حالتنا في لبنان".
أضاف: "دافعنا جميعًا عن لبنان بمقدار ما نحن موجودون فيه، لا بمقدار ما هو موجود فينا. وحين كلّ مكوّن لبنانيّ بدأ يشعر بأنّ لبنان هو لمكوّن آخر - وهذا منطق تقسيميّ وامتلاكيّ -لم يعد لبنان لأحد، فتوزّعت المكوّنات بقاياه كالغزاة الذين ينهبون بلدًا لا يملكونه ويضطهدون شعبًا اجتاحوه. أجل، إنّ اللبنانيّين يتعرّضون لغزو أسوأ من الإحتلال. هذه الحالة الغريبة والفريدة أضعفت إيمان اللبنانيّين بوطنهم. فالذين هاجروا غادروا لعدم إيمانهم بمستقبل لبنان".
واشار الى "أننا "إنّنا نحيي اليوم ليتورجيًّا عيد إرتفاع الصليب المقدّس علامة الرجاء بالإنتصار على الشرّ(...) كما نحيي اليوم ذكرى شهداء المقاومة اللبنانيّة، مع رابطة سيّدة إيليج التي تنظّم هذه الذكرى السنويّة، وتسهر على غابة أرز الشهداء، ونقدّم معها هذه الذبيحة الإلهيّة مع سيادة أخينا راعي الأبرشيّة المطران ميشال عون وخصوصاً رئيس دير سيدة ميفوق وجمهوره وجمهور دير مار شليطا القطارة والآباء وهذا الجمهور المصلّي من أهالي الشهداء وأصدقائهم، لراحة نفوس آلاف الشهداء الذين قدّموا ذواتهم على مذبح الوطن، ولشفاء الشهداء الأحياء حاملي إعاقة في أجسادهم، وهم ذاكرتنا. فلولا استشهادهم لما كان لبنان في صيغته الحضاريّة، ولما كنّا هنا لبنانيّين أحرارًا، وأصحاب كرامة. أجل استشهدوا وماتوا لكي نحيا نحن، ولكن لكي نحيا بثمن دمائهم بالولاء للبنان وحده، الوطن النهائيّ لجميع أبنائة، وطن الولاء له دون سواه".