أودى الحريق الذي اندلع في سجن إوين في طهران خلال الليل بأربعة سجناء، بعد شهر على بدء الاحتجاجات على وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني، حسبما أعلنت السلطات الأحد.
وقال موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطات القضائية إنّ "أربعة سجناء لقوا حتفهم بسبب تنشق الدخان الناجم عن الحريق وأصيب 61"، مضيفاً أنّ أربعة من المصابين في "حالة خطرة".
وكانت منظمات حقوقية أعربت الأحد عن مخاوف على حياة السجناء، بعد سماع طلقات نارية وانفجارات أثناء الحريق الذي اندلع داخل المجمع، الذي شوهد الدخان والنيران يخرجان منه، حسبما أظهرت مقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويأتي الحريق - الذي أُلقي باللوم فيه على "أعمال شغب واشتباكات" وتمّت السيطرة عليه لاحقاً وفقاً للسلطات - في وقت تشهد إيران احتجاجات على وفاة الشابة مهسا أميني البالغة 22 عاماً، بعد اعتقالها لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
وأثارت وفاتها في 16 أيلول بعد ثلاثة أيام على توقيفها أكبر موجة تظاهرات في إيران منذ احتجاجات عام 2019 ضد رفع أسعار الوقود.
وسجن إوين الواقع في شمال طهران والمعروف بإساءة معاملة السجناء السياسيين، يضم سجناء أجانب وآلافا ممّن يواجهون تهماً جنائية. وأفادت تقارير بأنّ المئات ممّن اعتُقلوا خلال التظاهرات أودعوا فيه.
وقالت مجموعة "حقوق الانسان في ايران" التي مقرها في أوسلو "لا نقبل التفسيرات الرسمية"، مضيفة أنها تلقت تقارير تفيد أن حراسا سعوا الى "تحريض" السجناء.
وقال هادي قائمي، مدير مركز حقوق الإنسان في إيران الذي يتخذ في نيويورك مقرا، "السجناء وبينهم السجناء السياسيون لا يملكون وسائل للدفاع عن أنفسهم داخل هذا السجن"، معبرا عن قلقه من تعرضهم للقتل.
وقالت مجموعة "حرية التعبير المادة 19" إنها سمعت بتقارير عن قطع اتصالات الهاتف والإنترنت في السجن وإنها "قلقة جدا على سلامة سجناء إوين".
من جهتها، كتبت الناشطة الحقوقية الإيرانية أتنا دائمي التي كانت سجينة في إوين لفترة طويلة، على "تويتر" أنه في الساعات الأولى من الأحد شوهدت عدة حافلات وسيارات إسعاف تغادر السجن.
- "مسؤولة بالكامل" -
أفاد موقع "ميزان أونلاين" في وقت متأخر من السبت، بأنّه تم إخماد الحريق في السجن.
ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن المدعي العام في طهران أن هذه الاضطرابات "ليس لها علاقة مع أعمال الشغب الأخيرة في البلاد".
وقال موقع "ميزان" إنّ السجناء الأربعة الذين ماتوا كانوا قد دينوا بتهمة السرقة.
يضم سجن إوين سجناء أجانب بينهم الأكاديمية الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه والمواطن الأميركي سياماك نمازي الذي قالت عائلته إنه أعيد إلى إوين هذا الأسبوع بعد فترة إفراج موقت.
وقال جاريد جنسير محامي نمازي في الولايات المتحدة، إنّه تحدّث إلى عائلته وإنه لم يصب بأذى.
وقالت الأكاديمية الأوسترالية كايلي مور غيلبرت التي احتُجزت في إوين لأكثر من 800 يوم سجنت فيها في ايران، إن أقارب سجينات سياسيات معتقلات هناك أكدوا لها أن "كل النساء في جناح السجينات السياسيات في إوين سالمات وبأمان".
وأفاد داعمون للسجين الاوسترالي مسعود مصاحب أنه يعاني تداعيات تنشقه الدخان والغاز المسيل للدموع. وكتبوا على حسابهم على تويتر أنه "بالكاد يستطيع الكلام".
وقال حسين صادقي والد الناشط الحقوقي اراش صادقي الذي اعتقل قبل بضعة أيام أنه لم يتلق أي معلومات عن نجله، مضيفا "نحن قلقون بشدة على وضعه".
وأفادت تقارير أن المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي صاحب الجوائز السينمائية الدولية والسياسي الإصلاحي مصطفى تاج زاده محتجزان أيضا في إوين.
وأُطلق على السجن لقب "جامعة إوين" بسبب العدد الهائل من المثقّفين المحتجزين فيه.
وشددت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار على أن "من واجب السلطات الايرانية القانوني أن تحترم حياة جميع السجناء وتتولى حمايتها".
- مزيد من العقوبات تلوح في الأفق -
أفادت مجموعات حقوقية عن تظاهرات تضامنا مع سجناء إوين في طهران ليلا بعدما نزل متظاهرون غاضبون الى الشوارع السبت رغم انقطاع الانترنت.
وتتقدم الشابات الإيرانيات الموجة الحالية من احتجاجات الشوارع، وهي الأضخم من نوعها التي تشهدها البلاد منذ سنوات.
وهتفت نساء غير محجبات السبت "على الملالي الرحيل" في كلية شريعتي التقنية والمهنية في طهران، وفق ما أظهر مقطع فيديو تم تداوله عبر الانترنت على نطاق واسع.
وغرب طهران، ألقى محتجون مقذوفات على قوات الأمن بالقرب من دوار رئيسي في مدينة همدان، وفق صور تحققت منها وكالة فرانس برس.
وقُتل ما لا يقل عن 108 أشخاص في الاحتجاجات على وفاة أميني، كما قتل ما لا يقل عن 93 آخرين في اشتباكات منفصلة في زاهدان في محافظة سيستان بلوشستان، وفقاً لمنظمة حقوق الإنسان في إيران.
ونقلت وكالة أنباء "إرنا" الرسمية عن قيادي في الحرس الثوري قوله السبت إن ثلاثة من أفراد الباسيج قوات التعبئة في الحرس قتلوا وأصيب 850 بجروح في طهران منذ بدء "الفتنة".
وأثارت حملة القمع إدانات دولية وعقوبات على إيران من بريطانيا وكندا والولايات المتحدة.
واتفقت دول الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع على فرض عقوبات جديدة، ومن المقرر أن تقر هذه الخطوة في اجتماع وزراء خارجية التكتل الاثنين في لوكسمبورغ.
وأكدت إيران الأحد على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية أنها أقوى من أن تتأثر بتصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن الداعمة للاحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني.
وقال ناصر كنعاني عبر "إنستغرام"، إن "إيران أقوى بكثير من أن تزعزع إرادتها التدخّلات... من سياسي تعب من القيام بأعمال غير مثمرة في السنوات الماضية".