لقي أكثر من 46 ألفاً حتفهم جراء الزلزال المدمّر في تركيا وسوريا، ومن المتوقّع أن يرتفع عدد القتلى مع بقاء كثيرين في عداد المفقودين، ويفتّش المنقذون عن أيّ علامات لوجود ناجين تحت الأنقاض بعد الكارثة الأسوأ في تاريخ تركيا الحديث التي دمّرت نحو 264 ألف شقة.
بعد مرور 12 يوماً على وقوع الزلزال، حاول عمّال من قرغيزستان إنقاذ أسرة سورية من خمسة أفراد من تحت أنقاض مبنى في مدينة أنطاكية جنوب تركيا. وانتُشل ثلاثة أحياء بينهم طفل. وقال فريق الإنقاذ إنّ الأم والأب نجيا لكنّ الطفل توفي لاحقاً بسبب الجفاف. ولم تنج شقيقة أكبر ولا توأم للطفل.
قال أتاي عثمانوف، أحد أفراد فريق الإنقاذ، لوكالة "رويترز": "سمعنا صرخات بينما كنّا نحفر اليوم قبل ساعة. عندما نعثر على أحياء نشعر دائماً بالسعادة".
(أ ف ب)
انتظرت عشر سيارات إسعاف في شارع مجاور تم غلقه أمام حركة المرور لتيسير عملية الإنقاذ. وطلب العمال الصمت التام وأن ينخفض الجميع أو يجلسوا بينما صعدت الفرق إلى أعلى حطام المبنى حيث عُثر على الأسرة للاستماع إلى أيّ أصوات أخرى باستخدام كاشف إلكتروني.
ومع استمرار جهود الإنقاذ، صرخ أحد العمّال لدى الأنقاض: "خذ نفساً عميقاً إذا كان بإمكانك سماع صوتي". وبعد ذلك أوقف العمال عمليات البحث عندما وصلت الحفارات وصعدت على الأنقاض لبدء إزالتها.
بلغ عدد القتلى في تركيا 40 ألفاً 642 قتيلاً حتى الساعة، بينما سجّلت جارتها سوريا أكثر من 5 آلاف و800 قتيل، في حصيلة ولم تتغيّر منذ أيام.
الصحة العامة
بينما غادر عدد من فرق الإنقاذ الدولية منطقة الزلزال الواسعة، واصلت فرق محلية البحث في حطام المباني المدمّرة اليوم على أمل العثور على المزيد من الناجين الذين تحدّوا الصعاب. ويقول الخبراء إنّ معظم عمليات الإنقاذ تحدث في غضون 24 ساعة بعد الزلزال.
عبّر مسعفون وخبراء عن مخاوفهم من احتمال انتشار عدوى في المنطقة التي انهارت فيها آلاف المباني وتضرّرت البنية التحتية للصرف الصحي. وقال وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة اليوم إنّه على الرغم من زيادة في حالات المرض المرتبطة بالمعدة والجهاز التنفسي العلوي إلّا أنّ الأعداد لا تشكّل تهديداً خطيراً على الصحة العامة، مشيراً إلى اتّخاذ إجراءات لمراقبة الأمراض المحتملة والوقاية منها.
بدورها، قالت إدارة إطفاء إسطنبول إنّ رجلاً في الأربعينات من عمره يدعى هاكان ياسين أوغلو أُنقذ في إقليم هاتاي جنوب تركيا بعد 278 ساعة من وقوع الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 درجات في جنح الليل في السادس من شباط.
وقبل ذلك، أُنقذ الفتى عثمان حلبية (14 عاماً) وشاب يدعى مصطفى أفجي (34 عاماً) في مدينة أنطاكية التاريخية. وبينما كان أفجي منقولاً من الموقع الذي عُثر عليه فيه، تمّ ترتيب اتصال فيديو له بوالديه ليرى طفله حديث الولادة. وقال والده: "كنت قد فقدت الأمل تماماً. هذه معجزة بحقّ. أعادوا لي ابني. شاهدتُ الركام وفكرتُ أنه لا يمكن انتشال أيّ شخص على قيد الحياة من هناك. كنّا مستعدّين للأسوأ".
تقول منظمات الإغاثة إنّ الناجين سيحتاجون إلى المساعدة لأشهر آتية في مواجهة الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية الحيوية.
وفي سوريا المجاورة المنكوبة بالفعل بأكثر من عقد من الحرب الأهلية، سُجّل أكبر عدد من إجمالي القتلى في المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة شمال غرب البلاد. وأدّى الصراع بين قوات الحكومة والمعارضة إلى عرقلة جهود مساعدة المتضررين من الزلزال.
عاد آلاف السوريين الذين لجأوا إلى تركيا هرباً من الحرب الأهلية في بلادهم إلى ديارهم في منطقة الحرب، موقّتاً على الأقل.
من جانبه، ذكر مدير برنامج الأغذية العالمي اليوم أنّ السلطات المحلية في شمال غرب #سوريا لا تسمح بالوصول المطلوب لفرق البرنامج التابع للأمم المتحدة، محذّراً من أنه لم يتبقَّ لديه من الأموال المخصصة لجهود الإغاثة من الزلزال سوى ما يكفي لمدة 60 يوماً.
وقال ديفيد بيزلي لوكالة "رويترز" على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن إنّ "الحكومتَين السورية والتركية تتعاونان حقّاً وتسهّلان لنا الوصول الذي نحتاجه لعبور الحدود، لكن المشاكل التي نواجهها هي عمليات العبور إلى شمال غرب سوريا حيث لا تسمح لنا السلطات في المنطقة بالدخول الذي نحتاجه".
وأضاف: "يعوق هذا عملياتنا. يجب إصلاح ذلك على الفور".
الغضب يتنامى
لم تعلن تركيا أو سوريا حتى الآن عدد الأشخاص الذين ما زالوا في عداد المفقودين بعد الزلزال. وبالنسبة للعائلات التي لا تزال تنتظر استعادة أقاربها في تركيا، يتنامى الغضب بشأن ما يعتبرونه فساداً في ممارسات البناء وتطوراً حضرياً معيباً للغاية نتج عنه انهيار آلاف المنازل والشركات.
(أ ف ب)
وكان أحد هذه المباني هو "رونيسانس رزيدانس" الذي انهار في أنطاكية وأسفر عن مقتل المئات. وقد قال حمزة الباسلان (47 عاماً)، الذي كان شقيقه يعيش في المبنى السكني: "قيل إنّه آمن من الزلازل، لكن يمكنك أن ترى النتيجة".
وعدت تركيا بالتحقيق مع أيّ شخص يُشتبه في مسؤوليته عن انهيار المباني وأمرت باحتجاز أكثر من 100 مشتبه بهم، بمن فيهم المطوّرون.
من جهتها، ناشدت الأمم المتحدة الخميس تخصيص أكثر من مليار دولار لعملية الإغاثة في تركيا، وأطلقت نداء بقيمة 400 مليون دولار للسوريّين.