المطران الياس عودة (حسن عسل).
أكد متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده أنّ "أَسـاس الـتَّـواضُـعِ هُـوَ مـعْـرِفَـةُ الـذَّات، لَـكِـنْ كَـيْـفَ نَـعْــرِفُ ذَواتِـنـا وأَنَّـنـا نَـسـيـرُ فـي الـظُّـلْـمَـة؟ لا يَـحْـدُثُ هَـذا إِلَّا عِـنْـدَمـا نَـسْـعَـى إلـى مَـعْـرِفَـةِ الـمَـسـيـحِ والـتَّــقَــرُّبِ مِـنْـهُ والاعْــتِـرافِ بِـهِ جَـهـارًا مِـثْـلَـمـا فَـعَـلَ زَكَّـا الـعَـشَّـارُ، والـمَـرْأَةُ الـكَـنْـعـانِـيَّـةُ، وبُـطْـرُسُ الـرَّسـولُ وغَـيْـرُهُـمْ. عِـنْـدَمـا يَـسْـطَـعُ نُـورُ الـمَـسِـيـحِ فـي حَـيـاتِـنـا يُـضِـيءُ ظُــلْـمَـتَــنـا، فَــنُـدْرِكُ مَـكـامِـنَ خَـطـايـانـا".
وقال: "عـِنْـدَئِـذٍ نَـرْذُلُ إِدانَـةَ الآخَـرِيـنَ والـتَّـدْقـيـقَ فـي خَـطـايـاهُـم، ونَـسْـعـى إلـى الـخَـلاصِ مِـنْ خَـطـايـانـا، الأَمْـرُ الَّـذي سَـيَـشْـغَـــلُــنـا طِـيـلَـةَ الـعُـمْـرِ، فـلا نَـعــودُ نَـهْــتَــمُّ بـإدانـةِ الـخَــطَـأَةِ كَـالـفَـرِّيـسِـيِّ الَّـذي ظَــنَّ أَنَّـهُ بـارٌّ وأَنَّ الـعَـشَّـارَ خـاطِـئٌ، بَـلْ إِنَّـنـا لَـنْ نَـجِــدَ أَنَّ أَحَـدًا يُـخْـطِـئُ تُـجـاهَ الـرَّبِّ بِـقَـدْرِنـا، كَـمـا يَـقـولُ الـقِـدِّيـسُ سِـمْـعـانُ الـلَّاهُـوتِـيُّ الـحَـدِيـث: إِنَّـنـي أَعْـلَـمُ أَيُّـهـا الـمُـخَـلِّـصُ أَنْ لَـيْـسَ أَحَـدٌ غَــيْـرِي أَخْـطَـأَ إِلَـيْـكَ كَـمـا خَــطِــئْــتُ أَنـا، ولا فَـعَــلَ الأَفْـعـالَ الَّـتـي فَـعَـــلْــتُـهـا أَنـا".
وأضاف عوده، في عظة قداس الأحد: "حَـبَّـذا لَـوْ يَـعْــرِفُ كُـلُّ طَــرَفٍ فـي هَـذا الـبَـلَـدِ نَــفْـسَـهُ كَـمـا فَـعَــلَـتْ الـكَـنْـعـانِـيَّـةُ، بَـدَلًا مِـنْ إِلْـقـاءِ الـلَّـومِ عـلى الآخَـريـنَ واتِّـهـامِـهِـم بِـشَـتّـى الإتِّـهـامـات"، مؤكداً أنّه "أَصْـبَـحَ كُـلُّ خـاطِـئٍ فـي حَــقِّ لُـبـنـانَ وشَـعْــبِـهِ دَيّـانـاً لـلآخَـريـنَ الَّـذيـنَ لا يُـريـدون سِـوى خَـلاصَ الأَرْضِ وشَـعْــبِـهـا. أصْـبَـحَ الـبـعـضُ يَـسـتَـلُّـونَ سَـيْـفَ الـتَّـخـويـنِ والـعَــمـالَـةِ تُـجـاه مَـنْ يُـخـالِــفُــهُـم الـرأي، مُــتـجـاهِــلـيـن حُـرِّيَّـةَ الـرَّأيِ والـتَّـعـبـيـرِ، والـحَـقَّ فـي إِبـداءِ الـرَّأيِ".
وأكد أنّه "لَـمْ يَـسْـلَـمْ مِـنْ تَـخـويـنِـهِـم رِجـالُ الـسِّـيـاسَـةِ الـشُّـرَفـاءُ الـقَــلـيـلـون، ولا الـفَــنَّـانـونَ الَّـذيـنَ يَـرْفَـعـونَ اسـمَ لُـبـنـانَ فـي سَـمـاءِ الـعـالَـمِ أَجـمَـع، ولا الـكُـتّـابُ والأدبـاءُ والصَـحـافِـيّـون، ولا حَـتَّـى رِجـالُ الـدِّيـنِ عـلى مُـخْـتَــلَـفِ مَـشـارِبِـهِـم. لـيـتَ الـجـمـيـعَ يَــنْــظُــرون إلـى أنْــفُـسِـهِـم فـي مِـرآةِ الـوَطَـنِـيَّـة، ويَـكـيـلـون بـمـيـزانِ الـحَــقِّ والـعَــدْل"، مضيفاً: "لَـيْـتَـهُـم يُـراجِـعــون أَعـمـالَـهُـم، الـسَّـوداءَ مِـنْـهـا والـبَـيْـضـاء، مُـقَــلِّــلـيـنَ مِـنَ الأُولـى، ومُــكْــثِـريـنَ مِـنَ الـثَّـانِـيَـة، عَــلَّ خَـلاصَ الـبَـلَـدِ يَــتِــمُّ عِـنْـدَمـا يَــعْـــتَــرِفُ كـلُّ إنـسانٍ بـأخْـطـائِـه، ويُــدْرِكُ أَنَّ ثَـمَّـةَ آخَــرَ أَمـامَـه، يُـشـارِكُـه الأَرْضَ وحُـبَّ الـوطَـن، وأنَّ الـجـمـيـعَ يَـتَـمَــتَّـعــون بِـنَــفْـسِ الـحـقــوقِ كـمـا عـلـيـهـم نَــفْـسُ الـواجِـبـات، وأوّلُـهـا احـتـرامُ وَطَــنِـهِـم، والوَلاءُ لـه، وإبْـعـادُه عَــنْ كـلِّ شـرٍّ وخَـطَــر، وصَـوْنُـه مِـنْ كُـلِّ عَــثَــرَة".
وتابع عوده: "بَـلَـدُنـا يَـتَــقَـهْــقَـــرُ لأنّـهُ يَـخْـسَـرُ مُــقَــوِّمـاتِ ديـمُـقْــراطِــيَّــتِـه، ويَـنْـحَـدِرُ إلـى الـعَــشـوائـيـةِ والـغَــوغـائـيـةِ والـتَـسَـلُّــطِ والـفـوضـى"، متسائلاً: "كـيـف يَـنـمـو بـلـدٌ وَيـزْدَهِــرُ وهـو بِـلا رئـيـسٍ يَـقـودُه بـحـسـبِ مـا يُـمـلـيـه دسـتـورُه؟ كـيـف يُــبـنـى بَـلَـدٌ جـيـشُـه مُـسْـتَــضْـعَـــفٌ؟ كـيـف يَـنْـعَــمُ بَـلَـدٌ بالإسـتـقـرارِ والإزدهـارِ والـسِلاحُ مُــنْــتَـشِــرٌ وحُـدودُه مُـسـتَـبـاحَـةٌ وقَـضـاؤه مَــقْــمـوعٌ، وإداراتُـه قـد أُفْــرِغَــتْ مِـنَ الـكَـفــاءات، وقَـرارُ الـدولـةِ مُـصـادَرٌ، والـحـربُ تُــفــرَضُ عـلـيـهـا وعـلـى الـمُـواطـنـيـن؟ ومـا ذَنـبُ الـمـدنـيـيـن الأبـريـاء الـذيـن يـسـقـطـون يـومـيـاً جـراءهـا؟ كـيـف تُـبـنـى الـدولـةُ عـنـدمـا يَـسـتَــقــوي الـبـعـضُ عـلـيـهـا، ويَــتَـخـطـى الـبـعــضُ قَــراراتِـهـا، ويَـتـجـاهَــلُ الـبـعـضُ الآخـرُ وُجـودَهـا؟ كـيـفَ تُــبْــنـى دولـةٌ والـجـمـيـعُ يَـسْـتَــغِــلُّـهـا؟ وكـيـف يَـكـونُ الـمُـواطِـنـون مُــتَـسـاويـن فـي الـحـقـوقِ والـواجـبـاتِ فـيـمـا الـرأيُ لِـمَـنْ فـي يَـدِه الـقُــوّةُ والـمـالُ والـسُـلـطـة؟".
وختم عوده عظته بالقول: "الـصَّـومُ الـكَـبـيـرُ عـلـى الأَبـواب، فَــلْــنَـسْـتَـغِــلَّ هَـذِهِ الـفَـتْــرَةَ الـمُـهَـيِّــئَـةَ لَـهُ، حَـتَّـى نَــتـوبَ عَـنْ كُـلِّ شَـرٍّ وخَـطـيـئـةٍ، ونَـبْـتَـعِــدَ عَـنْ كُـلِّ إدانَـةٍ، وعَـن الـكـلامِ الـبَـطّـال، ونَـسْـعـى إلى الـتـواضُـعِ، ونـلـْحَــظَ الـخَـشَـبَـةَ في عَـيـنِـنـا قـبلَ الـتَـصـويـبِ عـلـى الـقَـذى فـي عَـيْـنِ الآخَـر، فَـنَـسْـتَـحِــقُّ الـفَـرَحَ الـقِـيـامِـيَّ، آمـيـن".