دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال رعايته اليوم في السرايا الحكومية إطلاق "خطة لبنان للاستجابة للأزمة لعام 2022-2023" بدعوة من وزارة الشؤون الاجتماعية، "المجتمع الدولي إلى التعاون مع لبنان لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم والا فسيكون للبنان موقف ليس مستحباً على دول الغرب، وهو العمل على إخراج السوريين من لبنان بالطرق القانونية، من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحزم".
وقال: "ينعقد لقاؤنا في خضم أزمة غير مسبوقة يعاني منها لبنان، ما يتطلب تسليط الضوء على ما يحتاجه لبنان، الذي يستضيف نسبة كبيرة من النازحين السوريين قياساً إلى عدد السكان، من مقومات مالية واقتصادية لإنهاض قطاعاته كافة. ومن المهم الآن أيضاً، وأكثر من أي وقت مضى، إعطاء الاولوية لدعم الإدارات المحلية والمرافق والبنى التحتية والموارد والخدمات العامة المنهكة بسبب الضغط البشري، بالتوازي مع الدعم الإنساني للفئات الأكثر حاجة من النازحين السوريين والمجتمعات اللبنانية المضيفة".
وشدد على أنه "على مدى السنوات الإحدى عشرة الماضية، تحمّل لبنان عبئاً ضاغطاً لا يحتمل بسبب وجود أكثر من 1.7 مليون نازح سوري ولاجئ فلسطيني يعيشون في جميع أنحاء البلاد اي في 97% من البلديات في كل لبنان. استقبلنا النازحين السوريين بحفاوة وقناعة، هذا هو واجبنا الإنساني. وقد أظهر لبنان أعلى مستويات الاحتضان والضيافة للنازحين السوريين، على الرغم من حقيقة ضعف وهشاشة مجتمعاتنا المضيفة التي تزداد حاجة وعوزاً".
وقال: "إن دعم البلديات بمشاريع حيوية مستدامة أمر حيوي وأساسي ما يسهم في تخفيف الأعباء الناجمة حالياً عن الأكلاف التشغيلية الباهظة وعدم القدرة على الاستمرار في أداء المهام بفعالية. أؤكد الآن أمامكم وللمجتمع الدولي الحاضر بيننا أن وضعنا الحالي اختلف جذرياً عما كان عليه سابقاً، لأننا نمر الآن بواحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية في العالم. نتيجة لذلك، يعيش حوالي 85 في المئة من اللبنانيين الآن تحت خط الفقر. كما أن حوالي ثلث سكان لبنان هم الآن نازحون يعانون من فقر أيضاً ما يعني أنه بعد 11 عاماً على بدء الأزمة السورية، لم يعد لدى لبنان القدرة على تحمل كل هذا العبء، لا سيما في ظل الظروف الحالية. لذلك لا يمكننا إهمال اللبنانيين في المجتمعات المضيفة الذين يعيشون أيضاً في ظروف أكثر صعوبة وهشاشة من أي وقت مضى. لذلك، يعتمد لبنان عليكم الآن في مساعدتنا في الحفاظ على الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي".
وتابع: "إننا، اذ نتفق وإياكم اليوم، على أن الأزمة السورية ليست "أزمة طبيعية" يمكن مواجهتها بالوسائل العادية، نجدد المطالبة بوجوب تحقيق العودة الكريمة للنازحين السوريين إلى بلدهم. إننا نشجع الحكومات الشريكة والصديقة والفاعلة والأمم المتحدة على مضاعفة الجهود لتحقيق العودة الآمنة للنازحين إلى سوريا، كما ندعو إلى زيادة المساعدة للسوريين في بلدهم لدعم المجتمعات للترحيب بالعائدين. نحن بحاجة أيضاً إلى أن نرى مضاعفة الجهود في الاستجابة للحاجات في لبنان وزيادة التنسيق بين جميع الشركاء، ما يمكننا من عبور آمن للأزمات".
شارك في الحفل الوزراء في حكومة تصريف الأعمال: الشؤون الاجتماعية هكتور الحجار، الطاقة وليد فياض، التربية عباس حلبي، الخارجية عبدالله بو حبيب، الصحة فراس الأبيض، البيئة ناصر ياسين، الزراعة عباس الحاج حسن، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا ورونيكا، منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، وعدد من السفراء.
وفي السياق، قالت رشدي: "مع استمرار تأثير الأزمة السورية والأزمة الاقتصادية الحالية في لبنان التي دفعت بجميع السكان إلى حافة الهاوية، لا تزال الحاجة ماسة إلى جهود مشتركة من قبل جميع الشركاء لدعم اللاجئين والمجتمع المضيف من خلال خطة لبنان للاستجابة للأزمة. تسعة من أصل كل عشرة سوريين في لبنان يعيشون في الفقر، في حين ارتفعت مستويات الفقر بشكل كبير أيضاً بين السكان اللبنانيين والمهاجرين والفلسطينيين. وهذه الظروف تؤدي إلى آليات تكيف سلبية إذ تضطر العائلات إلى إرسال أطفالها للعمل بدلاً من المدرسة أو إنقاص عدد وجبات الطعام أو الاستدانة. يجب دعم البلديات للحفاظ على الخدمات الأساسية وسط الثغرات الهائلة في القدرات".
وألقت سفيرة كندا في لبنان شانتال شاسناي كلمة بإسم الدول المانحة، أشارت فيها إلى مؤتمر بروكسل الذي تم فيه التعهد بمبلغ 4،1 مليار دولار للنازحين السوريين وللمجتمعات المضيفة، مع "تأكيد الالتزام بالحل السياسي للأزمة في سوريا والتركيز على عملية التعافي داخل سوريا والتعهد بدعم الدول المضيفة، إضافة إلى دعم لبنان لمعالجة النزوح الطويل الأمد من خلال التنمية والتمويل".
وقالت: "لقد أشارت الحكومات إلى الضغط غير العادي الذي يشكله ضغط اللاجئين على لبنان، وإن السكان الضعفاء المدعومين من الخطة تأثروا بزيادة الأسعار ويعانون من صعوبة في الحصول على الغذاء والرعاية الصحية والخدمات الأساسية".
وأضافت: لبنان يعاني من اسوأ الأزمات منذ العام 1850 بحسب البنك الدولي"، مشيرة إلى "ازدياد انعدام الأمن الغذائي بشكل كبير لنصف اللاجئين السوريين والنصف الشعب اللبناني، وإلى تأثر الفتيات والنساء من هذه الأزمة غير المسبوقة وعدم تمكنهن من الحصول على العناية الصحية والخدمات الأساسية".
واعتبرت "أن الاستجابة للأزمة السورية في لبنان تطورت على مدى السنوات من خلال مجموعة من التدخلات للدول المانحة ومن خلال توفير الخدمات من قبل المؤسسات العامة المعنية"، لافتة إلى "ضرورة الحفاظ على الدعم للاجئين وللمجتمعات المعنية، والعمل معا لضمان استجابة فعالة ومنسقة وخاضعة للمساءلة في هذه الظروف الصعبة".
من جهته، قال وزير الشؤون الاجتماعية في كلمته: "رغم مرور أحد عشر عاماً، يؤسفني أننا ما زلنا نجتمع لنناقش التحديات السياسية، الإنسانية واللوجيستية التي يواجهها وطننا لبنان نتيجة أكبر أزمة نزوح في التاريخ المعاصر، ألا وهي: أزمة النزوح السوري. في الجانب السياسي لهذا الملف، بلغنا - خلال مشاركتنا في المؤتمر السادس حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة في بروكسيل في شهر أيار 2022 - موقف الدولة اللبنانية بوضوح وواقعية، وشددنا على أن لبنان ملتزم بمبدأ عدم الإعادة القسرية للنازحين. ولكن الوضع لم يعد يحتمل، ولم تعد الدولة اللبنانية قادرة على تحمل أعباء هذا الملف. فعلى مدى سنوات طويلة، تكبدت الدولة اللبنانية خسائر متعددة الأبعاد، ناهيكم عن التفلت الأمني ومسؤولية ضبط الحدود لمكافحة الهجرة غير الشرعية. لن أستفيض بالكلام، لأننا بصدد إطلاق مبادرة في هذا الإطار، تشاورنا بعناوينها الرئيسية مع الوفود التي زارتنا خلال الأسابيع الماضية، على أن نعلن تفاصيلها في الأيام المقبلة".
أضاف: "أما في الجانب الإنساني، لم يقف لبنان أمام هذه الأزمة مكتوف الأيدي. فاستقبل النازحين إليه منذ اليوم الأول، ومن دون قيود، وأصبحوا متواجدين في معظم المدن والقرى اللبنانية، منهم في مخيمات، والعدد الأكبر منهم منتشر في الأحياء والأبنية السكنية. فوصلت كثافة السكان إلى 650 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد، وهي من أعلى النسب في العالم. ومؤخرا، تدهورت الأوضاع الاقتصادية في وطننا بشكل كبير، نتيجة أسباب متعددة أصبحت معلومة من الجميع، ويتحمل ملف النزوح السوري جزءاً من هذا التدهور".
وتابع: "خلال السنوات الماضية، واكبتنا الجهات الدولية المانحة ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، مشكورة، من خلال خطة الاستجابة للأزمة، وللاحتياجات الإنسانية الإنمائية للنازحين. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية وتدهور قيمة الليرة اللبنانية، طالبنا مراراً بتطبيق العدالة في توزيع الدعم دون أي تمييز، وتوسيع إطار العمل التنموي ليشمل عدداً أكبر من القرى والبلدات اللبنانية التي تستضيف النازحين السوريين للتخفيف من الأعباء الملقاة على عاتقها. هذا الواقع زاد من حدة التوتر بين الناس على الأرض، وهناك مناشدات متكررة من السلطات المحلية لرفع قيمة المساهمات لتغطية أكلاف رفع النفايات الصلبة، وصيانة المعدات، وتشغيل معامل الفرز، وتأمين المحروقات لضخ مياه الشرب، وصيانة البنى التحتية، وغيرها من الأكلاف الباهظة".
وقال: "لذا، أصبحنا اليوم بحاجة ملحة لدعم أكبر، أكثر من أي وقت مضى، لنحافظ على حد أدنى من الاستقرار، والدعم الإجتماعي للأكثر حاجة، من النازحين السوريين والمجتمعات اللبنانية المضيفة".
وختم: "نناشدكم الوقوف بجانب لبنان، شعباً وحكومة، وبجانب النازحين، للاستجابة إلى حاجاتهم الطارئة، وندعوكم لنعمل معا لتذليل العقبات أمام عودتهم الآمنة والسريعة إلى وطنهم".