النهار

النهار

المطران عودة دعا لـ"انضمام نواب إلى المعتصمين في المجلس": ما هذه المهزلة!
المصدر: "النهار"
المطران عودة دعا لـ"انضمام نواب إلى المعتصمين في المجلس": ما هذه المهزلة!
المطران الياس عودة.
A+   A-
اعتبر متروبوليت بيروت للروم الأرثوذوكس المطران الياس عودة أنّ "الــقِـــدِّيـــسُ إِيـــرونــيــمـــوس يرى أَنَّ شَــجَـــرَةَ الــجُــمَّــيْـــزِ تُــشــيـــرُ إلـــى أَعــمـــالِ الــتَّـــوبَـــةِ الــصَّـــالِــحَـــة، حَــيْـــثُ يَــدوسُ الــخـــاطِـــئُ الــتَّـــائِـــبُ كُـــلَّ أَعــمـــالِـــهِ الــخـــاطِــئَـــةِ، ومِـــنْ خِـــلالِــهـــا يَــنْــظُـــرُ إلـــى الـــرَّبِّ كَــمـــا مِـــنْ بُـــرْجِ الــفَـــضــيــلَـــة. يَـــرى آبـــاءٌ قِـــدِّيــســـونَ آخَـــرونَ أَنَّ الــجُــمَّــيْـــزَةَ هـي رَمْـــزٌ لِــلــصَّــلــيـــبِ الَّــذي يَــلْــتَــقــي الــمُـــؤمِـــنُ مِــنْ خِــلالِــهِ بِــالــمُــخَــلِّــصِ، ويَــسْــمَــعُ صَـــوْتَـــهُ الــحَــسَـــن، فَــيَــنْــفَــتِـــحُ بَــيْــتُـــهُ الـــدَّاخِــلِـــيُّ لِــيَــسْــتَــقْــبِـــلَ الــمَــســيـــحَ مُــتَــجَــلِّــيًـــا فــيـــه. مِـــنْ جِــهَـــةٍ ثـــانِــيَـــة، الــجُــمَّــيْـــزَةُ رَمْـــزٌ لِــلــكَــنــيــسَـــةِ الَّــتـــي تَــحْــمِـــلُ الــخَــطَـــأَةَ عــلـــى مِــنْــكَــبَــيْــهـــا، كــمـــا حَــمَــلَـــتْ الــشَّــجَـــرَةُ زَكَّـــا، وكــمـــا يَــحْــمِـــلُ الـــرَّاعـــي الــصَّـــالِـــحُ خَـــروفَـــهُ الــضَّـــالّ، حَــتَّـــى تُــقَـــدِّمَــهُـــم لِــخَــتَــنِــهـــا كَــثِــمـــارٍ صـــالِــحَـــةٍ، ثِــمـــارِ مَــحَــبَّـــةٍ صـــادِقَـــةٍ. فَـــإِنَّ عَــمَـــلَ الــكَــنِــيــسَـــةِ الـــرَّئــيــســيَّ هُـــوَ حَــمْــلُ الــعــالَـمِ بِـأَسْـــرِهِ، حَــتَّـى ولَـوْ كـــانَ كَـــرَئــيـــسِ الــعَــشَّـــاريـــن، وهِـــيَ تَــحْــمِــلُـــهُ عَــلـــى مِــنْــكَــبَــيــهـــا لَــيْـــسَ لإِدانَــتِـــهِ، مِــثْــلَــمـــا فَــعَـــلَ الــشَّــعْـــبُ الــيَــهـــودِيُّ، ولا لِــتَــجْـــرَحَ نَــفْــسَـــهُ، بَـــلْ لِــتَــمْــنَــحَـــهُ فُـــرْصَـــةَ الــلِّــقـــاءِ بِــمُــخَــلِّــصِـــه".

وأضاف عودة، في عظة الأحد، أنّه "نُــعــايِـــنُ فـــي حـــادِثَـــةِ زَكَّـــا مَـــوقِــفَــيْـــن مِـــن حُــلـــولِ الــربّ ضَــيْــفًـــا فـــي مَــنـــزِلِ الــعَــشَّـــار. فَــمُــقـــابِـــلَ الــفَـــرَحِ الــعَــظــيـــمِ الَّـــذي اعْــتَـــرى زَكَّـــا، نَـــرى إِدانَـــةَ الــمُــتَـــذَمِّـــريـــنَ لِـــرَئــيـــسِ الــعَــشَّـــارِيـــنَ ونَــعْــتَــهُـــم لَـــهُ بِـــالــخـــاطِـــئ. الــمُــتَـــذَمِّـــرونَ كـــانـــوا مِـــنَ الــشَّــعْـــبِ الــمُــتَــجَــمْــهِـــرِ حَـــولَ الـــرَّبِّ يَــســـوع، الــمُــفْــتَـــرَضِ أَنَّــهُـــمْ يَــعْـــرِفـــونَـــهُ جَــيِّـــدًا ويُـــدْرِكـــونَ مَـــوَاقِــفَـــهُ، إِلَّا أَنَّــهُـــمْ أَظْــهَـــروا أَنَّــهُـــم لَـــمْ يَــفْــهَــمـــوا شَــيْــئًـــا مِــمَّـــا قـــالَـــهُ أَوْ فَــعَــلَـــهُ أَمـــامَــهُـــم طِــيــلَـــةَ فَــتْـــرَةِ حُــلـــولِـــهِ بَــيْــنَــهُـــم، وإِلَّا لَــكـــانـــوا تَـــذَكَّـــروا قَـــوْلَـــهُ: «لا يَــحْــتـــاجُ الأَصِــحَّـــاءُ إلـــى طَــبــيـــبٍ بَـــل الــمَـــرضَـــى. لَـــمْ آتِ لأَدْعُـــو أَبْـــرارًا بَـــلْ خَــطَـــأَةً إلـــى الــتَّـــوْبَـــة» (مـــر 2: 17)".

وقال: "عِــنْـدَمـا دَخَــلَ الـــرَّبُّ يَــســـوعُ بَــيْــتَ زَكَّـا، أَشْـــرَقَ عَــلَــيْـــهِ بِــنـــورِهِ، فَــطَـــرَدَ ظُــلْــمَـــةَ الــخَــطـــايـــا دونَ أَنْ يُــبَــكِّــتَـــهُ أَو أَنْ يُــقَـــدِّمَ لَـهُ أَيَّـةَ وَصِــيَّــة. حُــضـــورُ الــمَــســيـــحِ نَــفــسُـــهُ كـــانَ قُـــوَّةً انْــتَــشَــلَــتْ زكـا مِـــنْ مَــحَــبَّـــةِ الــمـــالِ إلـــى مَـحَـبَّـةِ الــفُــقَـــراءِ والــشَّـــوقِ لأَنْ يَـــرُدَّ أَضــعـــافًـــا لِــمَـــنْ ظَــلَــمَــهُـــم، ولـو كــانَ الــثَّــمَـــنُ خِـسـارةَ مـــا يَــمــلِـــك. يـــا أَحِــبَّـــة، لــقــد أَعـــادَ زَكَّـــا جَــمــيـــعَ الأَمـــوالِ الَّــتـــي سَــلَــبَــهـــا مِـــنَ الــضَّـــرائِـــب، فــيــمـــا نَــجِـــدُ مَــســؤولِــيــنـــا يُــثْــقِــلـــونَ كـــاهِـــلَ الــمُـــواطِـــنِ كُـــلَّ يَـــوْمٍ بِــضَـــرائِـــبَ جَـــديـــدَةٍ بُــغْــيَـــةَ سَـــدِّ عَــجْـــزٍ افْــتَــعَــلـــوهُ هُـــمْ أَنْــفُــسُــهُـــم، ثُـــمَّ أَغـــرَقـــوا الــبِـــلادَ والــبـشـرَ، عِـــوَضَ تَــحَــمُّـــلِ الــمَــســـؤولِــيَّـــةِ والــسَّــيْـــرِ بِــخُــطَـــطٍ إِصـلاحــيَّـــةٍ تُـنْـقِـذُ الـبـلـدَ وتُــحـافِــظُ عــلـى الــشــعــبِ. الــمُــعــادَلَـةُ فـــي بَــلَــدِنــا هِـيَ: يَــفْــتَــقِـــرُ الــشَّــعْــبُ لِــيَـغْــتَــنِي الــمَــســـؤولـــون. يــمــوتُ الــشــعــبُ لــيــحــيــا الــمــســؤولــون. يُــدان الــشــعــبُ فِــديــةً عــن الــمــســؤولــيــن".

وتابع قائلاً: "الـــوَطَـــنُ كُــلُّـــهُ يَــصـــرُخُ مُــتَـــأَلِّــمًـــا، إذْ قَــدْ أَصــابَ حُــكَّــامَـــهُ مــرضُ الأنـانـيّـةِ والــكــبــريــاءِ، وبَــرَصُ خَـــطِــيــئَــةِ الــجَــشَــع، وعَــمَــى الــمــالِ والــســلــطــة"، متسائلاً: "إِلــى مَــتــى تُــصَــمُّ الآذانُ عَــنْ آلامِ شَــعْــبٍ مــا عَــادَ لَــدَيْــهِ أيُّ شَــيْءٍ لِــيَــخْــسَــرَهُ؟".

وأكد عودة أنه "لــقــد شَــهِــدْنـا هــذا الأسـبــوع حـلـقـةً أخــرى مِـنْ مُــســلــســلِ مــســرحــيـــةِ انــتــخــابِ رئــيـــس، والــمُــحــزِنُ أنَّ مَــنْ لــم يَــقُـــوْمــوا بـــواجــبِــهــم عــلــى أتــمِّ وجـــهٍ يَــتَـــذمَّــرون ويَــشــعـُــرون بــالإشــمــئــزازِ مِــنْ تَــكــرارِ الــمَــهْــزَلـة"، وسأل: "ألــيــس أَوْلــى بــهــم أنْ يُــقْــدِمــوا عــلـــى مــا يُــخــرجُ الــمــجــلــسَ مِــنْ هـــذا الــجــمــودِ الــقــاتِــل؟ ألا يَــعْــلَــمــون طــريــقــةَ تــكــويــنِ الـسُـلُــطــاتِ فــي الأنــظــمــةِ الــديــمــقــراطــيــة، وكــيــفــيــةَ إجــراءِ الانــتــخــابــات؟ كــيــف يُــبــرِّرُ الــمُــعَــطِّــلــون لــنـاخِــبــيــهــم تَــقــصــيــرَهــم فــي أداءِ واجــبِــهــم الـــدســتــوريّ والــوطــنــيّ؟ كــيــف يُــبَــرِّرون وَضْــعَ مَــصــالِــحِــهــم قــبــل الــمــصــلــحــةِ الــعــامــة، وتــقــديـمَ حــســابــاتِـهــم الــضَــيِّــقــة عــلــى كــلِّ حــســاب؟ كيف يستطيعون أن يضحكوا ويهزأوا وشعبهم يدْمع ويبكي؟ مــتـــى يَــخــرُج هؤلاء مــن أوهــامِــهــم بــأنّــهــم مِــحْــوَرُ الــكــونِ وأنّ الــعــالــمَ لا يُــفــكِّــرُ إلاّ بــهــم؟ ما هذه المهزلة! قــلــيــلٌ مِــنَ الــتــواضـعِ ومِــنَ الــواقــعــيــة! ألا يَــخــجــلُ مَــنْ يَــدّعــون أنّــهــم مــســؤولــون مِــمّـا أوصـلــوا الــبــلــدَ وشــعـــبَــه إلــيــه؟ ألا يَــخــجــلــون مِــنْ أنــفــسِــهــم عــنــدمــا يَــتَــحــدّثــون عــن الـكــرامــةِ وعــن الــســيــادةِ وعــن الـحــقــوقِ؟ وكُـلُّـهـا ضـاعــتْ بـسـبـبِ مـواقِــفِـهـم الـعَــبــثـيّـة".

كما أكد أنّه "أمــلُــنــا أنْ تَــصــحــو ضــمــائــرُ مَــنْ ضــمــائــرُهــم نــائــمــة، وأنْ يــنــضــمَّ عــددٌ كــبــيــرٌ مِــنَ الــنــوابِ إلــى رفــاقِــهــم الــمُــعــتَــصِــمــيــن داخــل الــمــجــلــس، مُــطــالِــبــيــن بِــعْــقــدِ جــلــســةٍ انــتــخــابــيــةٍ لا تُــغــلَــقُ إلاّ بــانــتــخــابِ رئــيــسٍ. أَوَلــيــسَ هــذا واجــبَ الــنــوابِ الأوّل؟ أمّــا واجــبُــهــم الـثــانــي الــرَّقــابــيّ فــعــلــيــهــم وَعْــيُــه جــيــداً لــلــقـيــامِ بــواجِــبِــهــم الــذي يَــقْــتَــضــيــه فَــصْــلُ الــسُــلُــطــاتِ، عِــوَضَ الـخَـلْـطِ بـيـنَـهـا وتَــخَــطّــي الــدستــور"، داعياً إلى "أَنْ نَــلْــتَــمِـــسَ لِــقـــاءَ الــمُــخَــلِّـــصِ مَــهــمـــا عـاكَـسَـتْـنـا الــظُّـــروفُ، وأَلَّا نَــيْـــأَسَ لا مِـــنْ خَــطـــايـــانـــا، ولا مِـــنَ الــعَـــوائِـــقِ الَّــتـــي تُــصـــادِفُــنـــا فـــي طَـــريـــقِ الــخَـــلاص، بَـــلْ فَــلْــيَــكُـــنْ لِــســـانُ حـــالِــنـــا مـــا قـــالَـــهُ داودُ الــنَّــبِـــيُّ: «وَجْــهَـــكَ يـــا رَبُّ أَلْــتَــمِـــسُ. لا تَــحــجُـــبْ وَجْــهَـــكَ عَــنِّـــي» (مـــز 27: 8-9)، آمــيـــن".

الكلمات الدالة