ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة خدمة قداس الميلاد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في حضور حشد من المؤمنين.
بعد الإنجيل ألقى عظة بعنوان "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة".
وقال: "أعايدكم جميعاً بهذا الفرح العظيم الذي صار لجميع الأمم، فرح ميلاد مخلّصنا يسوع المسيح، حمل الله الآتي ليعتقنا من خطايانا، ويجعلنا أبناء لله الآب بالتبني، كما نسمع في رسالة اليوم. أرفع معكم الدعاء من أجل العالم أجمع لكي يدرك أنّ رسالة ميلاد الرب رسالة سلام وتواضع ومحبة، ولكي يهتدي بهذه الرسالة جميع مسؤولي العالم، فيوقفوا الحقد والحرب والدمار الذين يعمون المسكونة، وبشكل خاص أرض مولد المسيح، فلسطين التي اختار ربنا أن يتجسد فيها، ليمنح سلامه للبشرية كلها. نصلي أن تعود فلسطين مكاناً يخرج منه السلام للجميع، فيهنأ بنوها، وأبناء شرقنا والعالم بأسره بالمحبة والوئام. نصلي من أجل الأطفال والشباب والشيوخ الذين يقتلون مثلما قتل أطفال بيت لحم قديما على يد هيرودس المجرم".
وأضاف: "ما أحوج العالم عموماً، ومنطقتنا وبلدنا خصوصاً، إلى هذا السلام العلوي الذي بشر به الملائكة الرعاة. نحن بأمس الحاجة لأن يولد المسيح في قلوبنا وفي القلوب المظلمة، لينيرها بنعمته الإلهية، فيدرك الجميع بشاعة خطاياهم ويتوبون، ويظهرون توبتهم عبر أعمال البر والمحبة عوض الأنانية التي أصبحت تسير الإنسان وتدفعه إلى طرق معوجة من أجل الوصول إلى مصلحته".
وتابع: "حتى شجرة الميلاد أصبحت تزعج من أعمى قلوبهم التعصب والتطرف فيما نحن بحاجة إلى التسامح والمحبة وقبول الآخر. نحن نعيش في عالم مادي لا إنساني، فاقد للمشاعر ولا مبال بالعدالة، يحكمه جوع إلى المال وجشع إلى السلطة. من عنده المال يطلب ما هو أكثر، ومن يمتلك السلطة يسعى إلى سلطة أكبر، بلا رحمة في القلب أو وخز في الضمير. أصبح العبث بحياة الناس سهلا والتسلط على مصير الأوطان مباحا".
وأردف: "أصبح القتل أكثر سهولة ومحو الحضارات والتاريخ والبلدان مباحاً، وإلا كيف يتفرج العالم على إبادة شعب وقتل الأطفال بوحشية وهدم معالم بلد وجرف المستشفيات وهدم الكنائس والمدارس كمن يتفرج على مسرحية؟ أين الإنسانية في ما يجري على الأرض التي بوركت بتجسد المسيح فيها؟ وأين الضمير الغائب عما يجري في العالم من آثام وبشاعات؟ أما عندنا، أين الضمير في السكوت عن غياب رئيس للدولة وقد مر أكثر من سنة على شغور كرسي الرئاسة، والدولة تنهار والمواطنون يعانون والإدارة في شلل ينعكس سلبا على حياة الناس، وصورة لبنان تتقهقر أكثر فأكثر؟"
وأشار إللى أنّ "المواطن اللبناني قلق على غده وعلى مصيره، وقد سئم الإنتظار وسئم التعويل على نواب وزعماء ومسؤولين لم يكونوا على قدر المسؤولية، ولا يدركون مدى الضرر الذي يسببه تقاعسهم عن معالجة الوضع. لذلك علينا وضع رجائنا في الله وحده لأن لا خلاص إلا ذاك الآتي من العلى. الرب وحده أمين وصادق في جميع أقواله ووعوده كما نقرأ في الكتاب المقدس، وما هو غير مستطاع عند الناس مستطاع عند خالق الكون (لو 18: 27)".
وقال: "في هذا العيد المبارك، نرفع الصلاة من أجل كل مظلوم ومعذب ومتألم على هذه الأرض، ومن أجل كل مريض ومخطوف ومشرد، ولا ننسى أخوينا المطرانين بولس ويوحنا اللذين نسأل الله أن يعيدهما إلينا سالمين. كما نصلي من أجل أن نكون من صانعي السلام، ومن أجل أن يرأف الرب الإله ببلدنا لبنان وبنيه، وينتشلنا من محنتنا، ويبعد عنا كل ما يؤدي إلى شرذمتنا وغرقنا أكثر. كما نسأله أن ينير قلوب المسؤولين كي يتعقلوا ويعملوا على منع امتداد الحرب إلى بلدنا الذي لا يطلب أبناؤه إلا السلام والعيش الهانئ في دولة ترعى أبناءها بالحق والعدل".
وختم: "صلاتنا اليوم أن تكون أيامكم كلها ميلاداً مستمراً للمسيح في حياتكم، عل السلام يعرف طريقه إلى النفوس والقلوب، ويحل في وسطها ساكنا إلى الأبد".