التقى قداسة البابا فرنسيس وفداً من أهالي ضحايا إنفجار مرفأ بيروت صباح اليوم في داخل الفاتيكان. وفي لقاء مؤثّر، قال قداسة البابا لأهالي الضحايا: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، ببالغ التأثّر ألتقي بكم، أفراد عائلات ضحايا الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت قبل أربع سنوات. صلّيت كثيرًا من أجلكم ومن أجل أحبّائكم، وما زلت أصلّي، متّحدًا دموعي بدموعكم. أشكر الله اليوم لأنّني تمكّنت من لقائكم، والتعبير عن قربي منكم شخصيًّا.
أتذكّر معكم كلّ الذين أودى هذا الانفجار المروّع بحياتهم. الآب السماوي يعرف وجوههم، واحدًا تلو الآخر، وهم أمامه؛ أفكّر في وجه ألكسندرا الصغيرة. من السماء هم يرون مشاكلكم ويصلّون من أجل أن تنتهي.
معكم أطالب بالحقيقة والعدالة التي لم يصل: الحقيقة والعدالة. وكلّنا يعلم أنّ الموضوع معقد وشائك، وأنّه تُثقله تضارب القِوى والمصالح. ولكنّ الحقيقة والعدالة يجب أن تسودا على كلّ شيء. لقد مرت أربع سنوات؛ فالشعب اللبناني، وأنتم أوّلاً وقبل كلّ شيء، لكم الحقّ في القول والفعل الذي يدلّ على المسؤولية والشفافية.
أشعر معكم بالألم لأنّني ما زلتُ أرى كلّ يوم الكثير من الأبرياء يموتون بسبب الحرب في منطقتكم، في فلسطين، في إسرائيل، ولبنان يدفع الثمن. كلّ حرب تترك العالم أسوأ ممّا وجده. الحرب هي دائمًا فشل، فشل السياسة، فشل الإنسانية، إستسلام مُخزي، هزيمة أمام قِوى الشرّ (كلّنا إخوة، ٢٦١).
أطلب معكم من السماء السلام الذي يكافح البشر من أجل بنائه على الأرض. أتوسّل إليها من أجل الشرق الأوسط ومن أجل لبنان. إنّ لبنان هو، ويجب أن يبقى، مشروع سلام. ولا ننسي ما قاله أحد الباباوات: "لبنان رسالة، وهذه الرسالة هي مشروع سلام" (رسالة القدّيس يوحنّا بولس الثاني إلى جميع أساقفة الكنيسة الكاثوليكية حول الوضع في لبنان، ٧ أيلول ١٩٨٩). إنّ دعوة لبنان هي أن يكون أرضًا تتعايش فيها الطوائف المختلفة، مع وضع الخير العام قبل المصالح الخاصّة، وحيث تلتقي الأديان والطوائف المختلفة في أخوّة.
أيها الأخوات والإخوة، أودّ أن يشعر كلّ واحد منكم، مع محبتي، بمودّة الكنيسة جمعاء. نشعر ونعتقد بأنّ لبنان بلدٌ مُعذَّب. أعلم أنّ رعاتكم ورهبانكم وراهباتكم قريبون منكم: أشكرهم من أعماق قلبي على ما فعلوه وما زالوا يفعلونه. أنتم لست وحدكم ولن نترككم وحدكم، ولكنّنا سنبقى متضامنين معكم من خلال الصلاة والمحبة الملموسة.
أعزّائي، شكرًا لحضوركم. أرى فيكم كرامة الإيمان ونُبل الرجاء. مثل كرامة ونُبل الأرز، رمز بلادكم! يدعونا الأرز إلى رفع نظرنا إلى العُلى، نحو السماء: في اللّه رجاؤنا الذي لا يخيب. رجاؤنا لا يخيب! فلتسهر دائمًا مريم العذراء، من مزارها في حريصا، عليكم وعلى الشعب اللبناني. أبارككم من كل قلبي. أحملكم في الصلاة، وأطلب منكم أيضًا أن تصلّوا من أجلي. شكرًا لكم".