دعا رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، خلال زيارة الى برلين الثلثاء، إلى تعزيز التعاون بين بلاده وألمانيا لمواجهة التحدّيات الاقتصادية، مؤكّداً أنّ بيجينغ تولي "أهمية كبيرة" للعلاقات مع الاتّحاد الأوروبي.
وقال لي في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتس إنّ "التعافي الاقتصادي العالمي يفتقر إلى ديناميكية نمو. إنّ الصين وألمانيا، بصفتهما بلدين كبيرين ومؤثّرين، ينبغي عليهما العمل معاً بشكل وثيق من أجل السلام والتنمية العالميين".
وأكّد المسؤول الصيني أيضاً أنّ بلاده تولي "أهمية كبيرة للعلاقات بين الاتّحاد الأوروبي والصين ومستعدّة للعمل مع ألمانيا لتعزيز هذه العلاقات".
أجرى المستشار الألماني مع رئيس الوزراء الصيني محادثات في مرحلة حسّاسة إذ إنّ برلين تعمل حالياً على إعادة رسم ديبلوماسيتها تجاه بيجينغ التي تظلّ شريكها التجاري الأول.
من جهتها، كشفت المفوضية الأوروبية الثلثاء عن استراتيجيتها للرد بشكل أقوى على المخاطر المحدقة بأمنها الاقتصادي، خصوصاً في وجه الصين.
وباتت نبرة ألمانيا تجاه الصين أكثر حدّة مقارنة بما كانت عليه في السابق ولا سيّما في عهد المستشارة أنغيلا ميركل التي سعت إلى تعزيز العلاقات التجارية مع العملاق الآسيوي.
- شراكات "متوازنة" -
ويعتمد الاقتصاد الألماني، الأكبر في أوروبا، على تنويع شركائه "لتقليل المخاطر" المرتبطة باعتماده المفرط على الصين.
غير أنّ الطريق نحو المزيد من السيادة في هذا المجال لا يزال طويلاً حيث تعتمد البلاد على الصين في المواد المتعلّقة بانتقال الطاقة أو بالمكوّنات الإلكترونية.
من جانبه، قال شولتس خلال المؤتمر الصحافي إنّ "ألمانيا تراهن على توسيع العلاقات الاقتصادية في آسيا. لا نريد أن ننغلق على شريك واحد، نريد شراكات متوازنة"، مؤكّداً أنّ "لا مصلحة" لبلاده في مقاطعة الصين اقتصادياً.
ودعا لي تشيانغ الدول التي ترغب في تقليل اعتمادها الاقتصادي على الصين إلى عدم استخدام سياسة "تقليل المخاطر" لممارسة التمييز ضدّ بلاده.
واختار المسؤول الصيني، الذي عُيّن رئيسًا للوزراء في آذار، ألمانيا كوجهة لزيارته الرسمية الأولى في الخارج، على أن ينتقل بعدها إلى فرنسا.
في خضم التوترات بين الولايات المتحدة والصين، تعد ألمانيا محاورًا مميزًا لبيجينغ، خصوصًا في وقت تعاني فيه محركات النمو في البلاد لاستعادة الزخم بعد جائحة كوفيد-19.
واستأنفت بيجينغ وواشنطن الحوار خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين للعاصمة الصينية الأحد والاثنين. لكن الخلافات لا تزال عميقة بين القوّتين العظميين.
ورأى ميكو هوتاري الباحث في معهد ميركاتور للدراسات الصينية في برلين، أنّ "بيجينغ تريد أن تُظهر أن الحوار مع أحد شركائها التجاريين الرئيسيين مستمر".
- "معاً" من أجل المناخ -
بالعكس من ذلك، تريد برلين أن تشير إلى أنّ الزمن قد تغيّر.
وساهمت التهديدات الصينية لتايوان والاتهامات الموجهة لبيجينغ باضطهاد أقلية الأويغور وعدم إدانة الرئيس شي جينبينغ للغزو الروسي لأوكرانيا، في تعميق الهوّة بين برلين وبيجينغ.
+++ كذلك، تريد ألمانيا استخلاص الدروس من غزو موسكو لأوكرانيا، الذي أظهر اعتمادها المفرط على النفط الروسي. ولا تريد تكرار الخطأ نفسه في العلاقات مع الصين خلال عهد شي جينبينغ.
وفي أول "استراتيجية للأمن الوطني"، قالت حكومة أولاف شولتس إنّ الصين رغم كونها "شريكاً" لألمانيا تتصرّف بطريقة "تتعارض مع مصالحنا وقيمنا".
وأشارت إلى أنّ "عناصر المنافسة والخصومة ازدادت في السنوات الأخيرة"، مع العملاق الصيني.
لكنها أكدت على الحاجة إلى الاستمرار في التعامل مع الصين على أنها "شريك" وجعلها تتعاون في القضايا الدولية مثل مكافحة تغير المناخ.
وفي هذا السياق، شدّد المسؤولان على أنّ المناخ يوفّر أرضية مشتركة للبلدين للتغلّب على التوترات.
وقال لي "يجب أن تصبح الصين وألمانيا شريكين صديقين للبيئة"، بينما دعا أولاف شولتس البلدين "المصدرَين الرئيسيين لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون" في العالم، إلى أن "يتوليا معاً" مسؤولية مكافحة تغيّر المناخ.