رغم معارضة الصين وروسيا، عادت الولايات المتحدة، الجمعة، إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) بعدما انسحبت منها في ظل رئاسة دونالد ترامب، وذلك إثر مؤتمر عام استثنائي للمنظمة التي تتخذ مقرا في باريس.
وأيدت 132 دولة عودة الولايات المتحدة في حين امتنعت 15 عن التصويت وعارضتها عشر دول.
رحبت المديرة العامة لليونيسكو أودراي أزولاي بالقرار قائلة "إنه يوم عظيم، لحظة تاريخية"، وأشارت إلى "استجابة شديدة الوضوح، أيدها أكثر من 90% من الدول".
وأعربت دول أبرزها إيران وسوريا والصين وكوريا الشمالية وخصوصا روسيا عن معارضتها المبدئية.
وكثّف الوفد الروسي مداخلاته الخميس والجمعة حول نقاط إجرائية وتعديلات من أجل تأخير النقاشات.
وقال ديبلوماسي روسي الجمعة "سنكون على استعداد للترحيب برغبة واشنطن" في العودة إلى اليونيسكو، معتبرا أن ذلك "سيجعل من الممكن تقوية منظمتنا".
لكنه تدارك "نعتقد أنهم يحاولون نقلنا إلى عالم موازٍ، يتجاوز حقا كل الأوصاف العجائبية الواردة في كتب لويس كارول"، والأخير معروف خصوصا بروايته "مغامرات أليس في بلاد العجائب".
وتابع "في هذا العالم المشوه، يقودنا أولئك الذين يدافعون عن الديموقراطية وسيادة القانون نحو انتهاك هذه القواعد"، معتبرا أن على الولايات المتحدة دفع متأخراتها بالكامل لليونيسكو قبل أن تتمكن من العودة إليها، فيما تقترح واشنطن القيام بذلك بشكل تدريجي.
بدوره، قال ديبلوماسي إيراني إن "الطريقة التي طلبت بها الولايات المتحدة العودة غير مقبولة" وهي أقرب إلى "انتهاك روح دستور" هذه المؤسسة.
من جانبه، أشاد ديبلوماسي من النيجر بـ"القرار المهم" الذي "يعزز تعددية الأطراف".
انسحبت واشنطن من اليونيسكو في تشرين الأول 2017 منددة بـ"تحيزها المستمر ضد إسرائيل". وصار انسحابها وإسرائيل ساريا منذ كانون الأول 2018.
- رفض صيني - منذ منح فلسطين العضوية الكاملة في اليونيسكو عام 2011، أوقفت الولايات المتحدة في ظل رئاسة باراك أوباما تمويل المنظمة التابعة للأمم المتحدة، ما مثل نكسة كبيرة لها، إذ إن مساهمات الولايات المتحدة شكلت 22% من ميزانيتها.
لكن واشنطن اقترحت في رسالة إلى رئاسة المنظمة في مطلع حزيران "خطة" للعودة إليها.
ويندرج القرار في السياق العام للتنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين، وتقول واشنطن إن بيجينغ ترغب في تغيير النظام الدولي المتعدد الطرف الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية وانبثقت منه اليونيسكو.
في هذا الصدد، اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في آذار أن الغياب الأميركي سمح للصين بكسب أفضلية على الولايات المتحدة على صعيد قواعد الذكاء الاصطناعي، بعدما أصدرت اليونيسكو توصية بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي عام 2021.
وقال بلينكن "أعتقد حقا أننا يجب أن نعود إلى اليونيسكو، ليس لتقديم هدية لليونيسكو، بل لأن الأمور التي تحدث في اليونيسكو مهمة".
رغم تأكيدها في البداية عدم معارضتها عودة الولايات المتحدة التي تشهد علاقاتها معها تحسنًا طفيفًا، صوتت الصين أخيرًا ضدها.
وقال ديبلوماسي صيني بعد التصويت إن على الولايات المتحدة أن "تساهم في التضامن" بدلاً من إحداث "انقسامات".
بلغت مستحقات الولايات المتحدة لليونيسكو بين عامي 2011 و2018 نحو 619 مليون دولار، أي أكثر من الميزانية السنوية للمنظمة المقدرة بـ534 مليون دولار.
وقالت الحكومة الأميركية إنها طلبت من الكونغرس صرف 150 مليون دولار لصالح المنظمة للسنة المالية 2024، وهو مبلغ سيتم صرفه أيضا في السنوات التالية "إلى أن يتم استيعاب" المتأخرات.
سبق للولايات المتحدة أن غادرت اليونيسكو عام 1984 في ظل رئاسة رونالد ريغان، مشيرة إلى عدم جدواها وإلى تجاوزات مالية مفترضة، قبل أن تعود إليها في تشرين الأول 2003.
وقال ديبلوماسي كوري شمالي ساخرا "لقد انسحبت الولايات المتحدة مرتين من المنظمة. لا نعرف عدد المرات الإضافية التي سنضطر فيها +إلى الترحيب بها+"، مشيرا إلى معارضة بلاده استخدام هذه المصطلحات في قرار المنظمة الأممية.