توقّعت الوكالة الدولية للطاقة في تقرير اليوم أن تبلغ الانبعاثات العالميّة لغازات الدفيئة المرتبطة بالطاقة، ذروتها عام 2025، بسبب "إعادة توجيه عميقة" لأسواق الطاقة العالمية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
قبل ثمانية أيام من افتتاح مؤتمر الأطراف الدولي للمناخ (كوب 27) في شرم الشيخ في مصر، حذّرت الوكالة في تقريرها السنوي لعام 2022 من "الشروخ بين الدول الغنية وتلك الفقيرة في مجال الاستثمارات في الطاقات الخالية من الكربون"، مطالبةً بـ"جهد دولي كبير لسدّ الفجوة المقلقة".
وأوضحت الوكالة في وثيقة عرض تقريرها أن "أزمة الطاقة العالمية التي سبّبها الغزو الروسي لأوكرانيا أدّت إلى تغييرات عميقة وطويلة الأمد بإمكانها تسريع الانتقال إلى نظام طاقة أكثر استدامة وأمانا".
ونقل التّقرير عن المدير التنفيذي للوكالة فاتح بيرول قوله "تغيّرت أسواق الطاقة والسّياسات العامة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، ليس للوقت الرّاهن فحسب بل أيضاً لعقود مقبلة".
وفيما تسعى بعض البلدان حاليّاً إلى زيادة أو تنويع إمداداتها من النّفط أو الغاز، وهما نوعان من الوقود الأحفوري انبعاثاتهما عالية من ثاني أكسيد الكربون، تدرس العديد من الدول تسريع تحولّها إلى الطاقات النظيفة، كما أكّدت الوكالة الدوليّة للطّاقة المنبثقة من منظّمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
وفي هذا الإطار، أظهر استطلاع نُشر اليوم أن نحو تسعة من كل عشرة أوروبيين (87 %) يرون أن حكومات بلدانهم ليست على مستوى حالة الطوارئ المناخية ويدعون إلى اتّخاذ تدابير أكثر صرامة.
وكان هذا التوجه أقل بين الصينيين (76 %) والأميركيين (74 %) لكنه رغم ذلك يبقى الرأي الغالب، وفقاً لهذا الاستطلاع الذي أجرته عبر الإنترنت من 8 إلى 31 آب مجموعة "بي في آ" الفرنسية لصالح "مؤسسة جان جوريس" وبنك الاستثمار الأوروبي.
"قطيعة"
وأشارت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها إلى أنّ "القطيعة بين أوروبا والغاز الروسي حدثت بسرعة ولم يُعتقد كثر أنها ممكنة حتى العام الماضي".
كذلك، فإنّ "روسيا عاجزة عن إعادة توجيه إنتاجها من الغاز الذي كان يذهب إلى أوروبا في السّابق، إلى دول أخرى. وفي كل السيناريوهات الثّلاثة التي درستها الوكالة، لن تعود مستويات تصدير الغاز والنّفط في روسيا إلى ما كانت عليه في العام 2021، وقد أظهر أحد السيناريوهات أن حصتها من سوق النفط والغاز العالمي ستنخفض إلى النصف بحلول العام 2030".
وللمرة الأولى، تحدّد السيناريوهات الثلاثة التي تدرسها سنويّاً الوكالة التي تتّخذ في باريس مقرّاً والمنبثقة من منظّمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، ذروة لاستهلاك كل من الوقود الأحفوري (الفحم والغاز والنفط) التي تخنق الكوكب وتتسبب في ارتفاع درجة حرارته.
في السيناريو المركزي الذي يستند إلى الالتزامات التي أعلنتها الحكومات في ما يتعلق بالاستثمارات المناخية، ستبلغ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية ذروتها عند 37 مليار طن عام 2025 ثم تنخفض إلى 32 مليار طن عام 2050.
- 2,5 درجة مئوية -
لكن رغم تلك الجهود، فإن متوسط الحرارة سيرتفع بنحو 2,5 درجة مئوية بحلول العام 2100 وهو بعيد عن أن يكون كافياً لتجنّب عواقب مناخيّة شديدة.
وأكّدت الوكالة الدوليّة للطّاقة مجدداً الحاجة إلى استثمارات هائلة في الطاقات النّظيفة، سواء كانت خضراء أو منخفضة الكربون مثل الطاقة النوويّة، وإلى تسريع العمل في مجالات معينة مثل البطاريات الكهربائية للسيارات والتكنولوجيا الفلطائية الضوئية والمحلِّلات الكهربائية التي تنتج الهيدروجين الرامي إلى التخلص من الكربون في مجال الصناعة خصوصاً.
وبحسب السيناريو المركزي للوكالة، يجب أن تتجاوز هذه الاستثمارات تريليونَي دولار بحلول العام 2030 على أن ترتفع إلى 4 تريليونات للوفاء بشروط السيناريو الذي يتوقع انبعاثات صفرية صافية في العام 2050.
وأضافت الوكالة "يجب بذل جهود دولية كبرى لسد الفجوة المقلقة التي تتّسع بين الاقتصادات المتقدّمة واقتصادات البلدان النّاشئة أو النّامية من حيث الاستثمار في الطاقة النظيفة".