تستعدّ إسرائيل لتوجيه "ضربة موجعة" لـ"حزب الله"، وفق وصفها، مع الحرص على "عدم الانجرار لحرب إقليمية واسعة"، بحسب ما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، اليوم، وذلك بعد سقوط صاروخ على بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتلة، أسفر عن مقتل 12 طفلاً، بالرغم من نفي "حزب الله" مسؤوليته عن هذا القصف.
وانعقد الكابينيت السياسي والأمني الإسرائيلي في جلسة تواصلت 3 ساعات، مساء الأحد، فيما تواصلت المداولات الأمنية، في حين ذكرت إذاعة الجيش أن المؤسسة العسكرية قامت بصياغة عدد من السيناريوهات المحتملة للهجوم في لبنان، طرحتها على طاولة القيادة السياسية خلال جلسات تقييم الوضع.
وقرر الكابينيت تفويض رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت، باتخاذ القرار بشأن "طبيعة وتوقيت الرد الإسرائيلي على حزب الله"، بحسب ما جاء في بيان صدر عن مكتب رئيس الحكومة، في حين أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أنّ وزيرَي المال بتسلئيل سموتريتش، والأمن القومي إيتمار بن غفير، امتنعا عن التصويت.
ولفتت إلى أن سيناريوهات الجيش تشمل "مسارات عمل أقسى وأكثر قوة" بالمقارنة مع الهجمات التي نفذها جيش الاحتلال في مواجهة "حزب الله" في إطار المواجهات الحدودية المتصاعدة والمتواصلة على خلفية الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة منذ 296 يوماً.
وأفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" بأنّ إسرائيل تستعد لشنّ هجوم على حزب الله قد يؤدي إلى اندلاع "أيام من القتال"، وشدد على أن العملية الإسرائيلية المتوقعة ستكون "محدودة" ولكنها ستتجاوز بقوتها الهجمات التي تشنها إسرائيل على حزب الله منذ 8 تشرين الأول الماضي.
بدوره، أجرى المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، آموس هوكشتاين محادثات مع غالانت، وأعرب عن قلقه من هجوم قد تشنّه إسرائيل على العاصمة اللبنانية بيروت، وذلك "ردّاً على هجوم حزب الله على مجدل شمس"، بحسب ما نقل موقع "واللا" عن مسؤول إسرائيلي رفيع.
وبحسب المصدر، فإنّ هوكشتاين قال لغالانت إن "إسرائيل تملك الحق في الدفاع عن نفسها، لكن عليها أن تفعل ذلك بطريقة لا تؤدي إلى تصعيد أكبر ولا تلحق الضرر بالمدنيين"، محذّراً من أنّه "إذا هاجمت إسرائيل بيروت فإن الوضع قد يخرج عن السيطرة".
بدوره، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في محادثات هاتفية مع نتنياهو، أنّ فرنسا "ملتزمة بالكامل في القيام بكل ما هو ممكن لتجنب تصعيد جديد في المنطقة"، بحسب ما أفاد الإليزيه. وقالت الرئاسة الفرنسية إنّ ماكرون وجه "رسائل إلى جميع الأطراف المعنيين بالنزاع"، ووفق الإليزيه، جدّد ماكرون التأكيد على "ضرورة التوصل إلى حل سياسي لمسألة الخط الأزرق، استنادا إلى القرار 1701".
وقصفت طائرات إسرائيلية أهدافاً في جنوب لبنان خلال النهار.
إلى ذلك، حمّل البيت الأبيض "حزب الله" مسؤولية الهجوم على مجدل شمس. وقال في بيان: "هذا الهجوم نفذه حزب الله اللبناني. إنه صاروخ تابع لهم انطلق من منطقة يسيطرون عليها".
وأضاف أنّ واشنطن تجري محادثات مع مسؤولين إسرائيليين ولبنانيين منذ هجوم أمس السبت الذي ندد به ووصفه بأنه "مروع" وذكر أن الولايات المتحدة تعمل على إيجاد حل دبلوماسي.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنّ واشنطن تؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها لكنها لا تريد مزيدا من التصعيد في الصراع الذي يشهد تبادلا يوميا لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله على طول الحدود.
كما عبّرت بريطانيا عن قلقها إزاء تفاقم التصعيد، بينما قالت مصر إنّ الهجوم قد يؤدي إلى "انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة".
في غضون ذلك، تجمعت آلاف العائلات لحضور جنازات قتلى الهجوم في مجدل شمس الدرزية في هضبة الجولان التي استولت عليها إسرائيل من سوريا في حرب عام 1967 وضمتها في خطوة لم تعترف بها معظم الدول.
وأحاط المشيعون، الذين كان العديد منهم يضع العمامة الدرزية التقليدية ذات اللونين الأبيض والأحمر على رأسه، بالنعوش في أثناء الجنازة.
وقال دولان أبو صالح رئيس المجلس المحلي لمجدل شمس في تصريحات بثها التلفزيون الإسرائيلي "مأساة ثقيلة، يوم أسود وقع على مجدل شمس".
وكان حزب الله قد أعلن في البداية أنه أطلق صواريخ على مواقع عسكرية إسرائيلية في هضبة الجولان، لكنه نفى تورطه في الهجوم على مجدل شمس، قائلاً: "لا علاقة للمقاومة الإسلامية بالحادث على الإطلاق، وتنفي نفيا قاطعا كل الادعاءات الكاذبة بهذا الخصوص".
إسرائيل: الصاروخ إيراني الصنع
لكن إسرائيل قالت إن الصاروخ إيراني الصنع وإنه أُطلق من منطقة تقع شمالي قرية شبعا في جنوب لبنان، واتهمت جماعة حزب الله بشن الهجوم.
ولم يتضح بعد ما إذا كان الفتية والأطفال القتلى في الهجوم مواطنين إسرائيليين، لكن بعض المسؤولين الإسرائيليين توعدوا بالرد على الهجوم.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان "الصاروخ الذي قتل أولادنا وبناتنا كان صاروخا إيرانيا وحزب الله هو التنظيم الإرهابي الوحيد الذي يمتلك مثل هذه الصواريخ في ترسانته".
وقال مصدران أمنيان لرويترز إن حزب الله في حالة استنفار شديد وبادر بإخلاء بعض المواقع المهمة في جنوب لبنان وسهل البقاع شرقي البلاد تحسبا لهجوم إسرائيلي.
الغاء رحلات طيران
في غضون ذلك، الغت عدد من شركات الطيران رحلاتها الى بيروت منذ بعد الظهر، ومن بين هذه الشركات الطيران القطري الذي اجل رحلته حتى الثامنة والنصف من صباح غد، كما الغت شركة الطيران التركي رحلتها من إسطنبول إلى بيروت، كما الغى الطيران الاثيوبيّ الرحلات إلى مطار رفيق الحريري الدوليّ حتى اشعار آخر.
وكانت شركة #طيران الشرق الأوسط - الخطوط الجويّة اللبنانية أعلنت عن تأخير عودة بعض رحلاتها الى بيروت من مساء اليوم الأحد 28 تموز 2024 إلى صباح 29 تموز 2024 وذلك وفق الجدول التالي:
وفي معلومات خاصة لـ"النهار"، تأتي الخطوة في السياق الاحترازي في ظل التهديدات الاسرائيليّة الراهنة.
من جهته نفى رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت أن تكون وصلت معلومات عن ضربة إسرائيلية موضحاً: " تأخير الرحلات سببه أننا لا نفضل تواجد عدد كبير من الطائرات في ال#مطار بالوقت نفسه".
وحث مسؤولون بالأمم المتحدة الجانبين على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، محذرين من أن التصعيد "قد يشعل صراعا أوسع نطاقا من شأنه أن يغرق المنطقة بأكملها في كارثة لا يمكن تصورها".
وقال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب لرويترز إن لبنان طلب من الولايات المتحدة حث إسرائيل على ضبط النفس. وأضاف بو حبيب أن واشنطن طلبت من حكومة بلاده نقل رسالة إلى حزب الله لإبداء ضبط النفس أيضا.
مخاوف من حرب شاملة
حذرت وزارة الخارجية الإيرانية إسرائيل اليوم الأحد من مغبة ما وصفته بأي مجازفة جديدة في لبنان.
وقالت وزارة الخارجية السورية إنها تحمّل إسرائيل "المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الخطير للوضع في المنطقة" وإن اتهامات إسرائيل لحزب الله زائفة.
وقال دبلوماسيان معنيان بالشأن اللبناني إن كل الجهود مطلوبة الآن لتجنب حرب شاملة.
وذكر مصدران أمنيّان لـوكالة "رويترز " أنّ "حزب الله "في حالة استنفار شديدة" اليوم.
جاء ذلك مع تصاعد التوتّر عقب الهجوم على هضبة الجولان، اتّهمت إسرائيل "حزب الله" بالمسؤولية عنه، وهو ما نفاه الأخير.
وأفادا أنّ "حزب الله" بادر الى إخلاء بعض المواقع المهمّة في جنوب لبنان وسهل البقاع شرق البلاد، تحسّباً لهجوم إسرائيلي.
وقالا إنّ "حزب الله" أخلى "بعض المراكز المهمّة في الجنوب والبقاع في الساعات الماضية".