النهار

المطران عوده في عظة الأحد: لعدم ترك السياسة تقضي على القضاء
المصدر: "النهار"
المطران عوده في عظة الأحد: لعدم ترك السياسة تقضي على القضاء
المطران الياس عوده (حسام شبارو).
A+   A-
اعتبر المطران الياس عوده خلال عظة الأحد أنّه "عــنــدمــا يَــخْــضَــعُ الــجــمــيــعُ لــلــقــانــونِ ويــحــتــرمــونَــه تَــســتَــقــيــمُ الأمــور، وعــنــدمــا يَــغــيــبُ الــعــدلُ تَــعُــمُّ الــفــوضــى، ويُــصــبــحُ صــاحــبُ الــحــقِّ مَــقــهــوراً أو مُــدانــاً، والــمــجــرمُ الــمــطــلــوبُ لــلــعــدالــةِ مُــتَــفَــرِّجـاً مُــســتَــقْــوِيـاً بِـمَـنْ يَـحْـمـيـه. لــقــد أصــبــحــتْ الــمــواجــهــةُ بــيــن الــقــضــاةِ، عِــوضَ أنْ تــكــونَ بــيــن الــقَــضــاءِ والــمُــذْنِــبــيــن الــذيــن فــجَّــروا الـعــاصــمــةَ وهــا هــم يُــفَــجِّــرون الــقــضــاء. هــذا الــوضــعُ لــم نَــشْــهَــدْ لــه مَــثــيـلاً فـي تــاريــخِ لــبــنــان، ولـم يَــعْــهَــدْه قــصــرُ الــعــدل. وعِــوَضَ الــتَــمَــسُّــكِ بــاســتــقــلالــيَّــةِ الــقَــضــاء دَخَــلَــتْ الــســيــاســةُ والـطـائِـفِــيّـةُ إلــى الــقــضــاء.
 
وقال: "لــقــد أدّتْ الــســيــاســةُ الــمُــعْــتَــمَــدَةُ عـنـدَنـا إلــى تَــحَــلُّــلِ الــدولــةِ وانــهــيــارِهــا، لــذلــك عــلــى ذوي الــضــمــائــرِ الــحَــيَّــةِ الــســاهــرةِ عــلــى الــبـلــدِ عَــدَمَ تَــرْكِ الــســيــاســةِ تَــقــضــي عــلــى الــقــضــاء. لِــذا نَــتَــوقَّـعُ مِـنْ أولـي الأمـرِ مـواقِــفَ عـلـى قَــدْرِ جَــسـامَـةِ الـوضْـعِ، لا تَــصـاريـحَ فـارغَــةً لـم تَـعُـــدْ تُــجْــدي. والإســتــهـــتـــارُ بــأرواحِ الــنــاسِ وحــيــاتِــهــم حــرامٌ، ومِـنْ حـقِّ كـلِّ مُـتَـضَــرِّرٍ مـعـرفـةُ الـحـقـيـقـةِ، ومــهــمــا كَــبُــرَ غُــلُــوُّ الــســلــطــةِ لا بُــدَّ لــلــحــقــيــقــةِ أنْ تَــظــهــرَ".

وأكّد أنّ "العدالةُ أساسُ الــمُــلْــكِ، وهـي لا تُــجَــزّأ ولــيــســتْ إنــتــقــائــيــةً أو كَــيْــديّــة، وتَــمْــقُـــتُ ازدواجــيـةَ الــمَـعــايــيــر. لـقـد سُــمِّــيَـــتْ بــيــروتُ مـنـذُ الــقــديــمِ أمَّ الــشــرائــعِ لِــتَــمَــسُّــكِــهــا بــالــقــانــون إذ عَــرَفَــتْ عــلــى مَــرِّ الأزمِــنَــةِ رجــالَ قــانــونٍ لامــعــيــن، لــم يَــديــنـــوا إلاّ بـالــحــقِّ ومــا طـــأطــأوا الــرأسَ إلاّ أمــامَ اللهِ والــحــقــيــقــة. لــكــنّ الــحــقــيــقــةَ ضــاعــتْ فــي جــريــمــةِ تــفــجــيــرِ الــمــرفــأ وقِــســمٍ مــن بــيــروتَ وأبــنــائــهــا، أو هــنــاكَ مــن شــاءَ تَــضْــيــيــعَــهــا لأســبــابٍ نَــجْــهَــلُــهــا ويَــعْــرِفُــهــا الــمُــعَــطِّــلــون. مــا نَــعْــرِفُــه ومــا هــو مَــنــطِــقــيٌّ أنَّ عــلــى كــلِّ مــطــلــوبٍ الــذهــابَ إلــى الــتــحــقــيــقِ حِــفْــظــاً لــكــرامــتِــه وإثــبــاتــاً لــبــراءتِــه. أمــا الــتــعــنُّــتُ وعــدمُ الــمــثــولِ أمــام الــمُــحَــقِّـــقِ فــيُــشَــكِّــلان إدانــةً واضــحــةً لِـمَنْ يَـتَـمـسَّـكُ بِـهِـمـا".

وأضاف أنّ: "خـــلاصُ بَــلَــدِنــا يــكــونُ عــلــى أيــدي أبــنــائــه إنْ هــم نَــبَـــذوا الــحِــقْــدَ والــتَــعــالــي والإســتِــقــواءَ والإدانــةَ والإقــصــاء. بــلــدُنــا يُــحْــتَــضَــر. لا رأسَ لــلــدولــةِ، والــحــكــومــةُ مُــســتَــقــيــلــةٌ، والــمــجــلــسُ الــنــيــابــيُّ مُــشَــرْذَمٌ ومــشــلــولٌ، لــم يــتــوصَــلْ بَــعْــدَ إحــدى عَــشْــرَةَ جــلــســةً إلــى انــتــخــابِ رئــيــسٍ، يـكـونُ الــخــطــوةَ الأولــى فــي مــســيــرةِ انــتــظــامِ عَــمَــلِ الــمــؤســســات. والــمــؤســفُ أنَّ الإنــهــيــارَ فــي لــبــنــان لــم يَــقْــتَــصِــرْ عــلــى الــنــواحــي الــســيــاســيّــةِ والــمــالــيّــةِ والإقــتــصــاديّـةِ والإجــتــمــاعــيّــةِ بــل تَــسَــرَّبَ إلــى الــقــضــاءِ، ومــا شَــهِــدْنــاه مِــنْ تَــخَــبُّــطٍ وانــقــســامٍ وصــراعــاتٍ وفــوضــى يُــنــذِرُ بــتــهــاوي الـمَـلـجأِ الأمــيــن لـكـلِّ مُـسْـتَـضْـعَـــفٍ ومَـقـهــورٍ ومَـظــلـوم، والــحِــصْــنِ الــمــنــيــعِ الــذي يَــحــمــي الــدولــةَ والــمــواطــنــيــن ويُــرْســي الــعــدالــةَ عــلــى أســاسِ الــحــقِّ".

وختم: "نــحــن نــعــيــشُ فــي أدغــالٍ ســيــاســيَّــةٍ واقــتــصــاديَّــةٍ وقــضــائــيَّــة بــسـبــبِ عَــدَمِ كــفــاءةِ الـسـيـاسـيـيـن وقِـلَّـةِ مـســؤولـيَّـتِهـم. مـتى يَـنْـقَــضـي هـذا الـكــابــوسُ عــنْ حــيــاةِ الــلـبــنــانــيــيــن؟ بــيــروتُ الــحــزيــنــةُ عــلـى أبــنــائِــهــا تَــنــتــظــرُ اســتــكــمــالَ الــتــحــقــيــقِ وجَــلاءَ الــحــقــيـقــة. ولــبــنــانُ كــلُّــه حــزيــنٌ عــلـى وضــعِــه ويــنــتــظــرُ انــجــلاءَ الــلــيــلِ الــقــاتِــمِ وبــزوغَ فــجــرِ الــنــهــوض. عــســى ألاَّ يــكــونَ الإنــتــظــارُ طــويــلاً".

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium