افتُتح اليوم الخميس رسميّاً في دبي أعمال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ "كوب28" الذي يُفترض أن يدفع باتجاه خفض أسرع لانبعاثات غازات الدفيئة والتخلي عن الوقود الأحفوري.
وسلّم رئيس "كوب27" وزير الخارجية المصري سامح شكري رئاسة المؤتمر إلى الإماراتي سلطان الجابر. وقد دعا شكري في مستهل المؤتمر إلى الوقوف دقيقة صمت على أرواح "جميع المدنيين الذين قُتلوا" في غزة.
وتبنّى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب28) في يومه الأول الخميس في دبي، قرار تنفيذ إنشاء صندوق "الخسائر والأضرار" المناخية للتعويض على الدول الأكثر تضررًا من تغيّر المناخ، في خطوة إيجابية في اتجاه تخفيف التوترات المتعلقة بالتمويل بين دول الشمال والجنوب.
وقال رئيس كوب28 الإماراتي سلطان الجابر بعد اعتماد قرار "تشغيل" الصندوق الذي أُقرّ إنشاؤه في كوب27، "أهنئ الأطراف على هذا القرار التاريخي. إنه يبعث إشارة زخم إيجابية للعالم ولعملنا".
وقال الجابر: "ما حققناه في اليوم الأول من مؤتمر الأطراف إنجاز غير مسبوق، وتركيزنا الأساس هو على ترجمة الرؤى والتطلعات إلى أفعال عملية".
وستُسهم الإمارات بمبلغ 100 مليون دولار في ترتيبات صندوق كوارث المناخ.
سلطان الجابر. (أ.ف.ب)
ودعا سلطان الجابر، الرئيس الإماراتي لمؤتمر الأمم المتحدة الثامن والعشرين للمناخ في دبي الخميس، إلى عدم حذف "أي موضوع" في النصوص التي سيتم التفاوض بشأنها على مدار أسبوعين بين وفود من نحو 200 دولة.
وقال سلطان الجابر"نحن بحاجة إلى التأكد من إدراج دور الوقود الأحفوري. أعلم أن هناك آراء قوية حيال فكرة إدراج صيغ بشأن الطاقة الأحفورية والمتجددة في النص التفاوضي".
وفي أول تقدم كبير سُجّل في كوب28، تمّ تبني قرار تشغيل صندوق "الخسائر والأضرار" المناخية للتعويض على الدول الأكثر تضررًا من تغيّر المناخ، في خطوة إيجابية في اتجاه تخفيف التوترات المتعلقة بالتمويل بين دول الشمال والجنوب تزامنًا مع المفاوضات بشأن الوقود الأحفوري.
وهذا القرار التاريخي الذي حيّاه مندوبو نحو مئتَي دولة مشاركة، بالتصفيق وقوفًا، هو ثمرة مؤتمر كوب27 الذي عُقد العام الماضي في مصر، حيث أُقرّ إنشاء الصندوق مبدئيًا لكن لم يتمّ تحديد خطوطه العريضة.
وقال رئيس كوب28 الإماراتي سلطان الجابر بعد اعتماد قرار "تشغيل" الصندوق الذي أُقرّ إنشاؤه في كوب27، "أهنئ الأطراف على هذا القرار التاريخي. إنه يبعث إشارة زخم إيجابية للعالم ولعملنا".
وأضاف "لقد كتبنا صفحة من التاريخ اليوم... السرعة التي فعلنا فيها ذلك غير مسبوقة، هائلة وتاريخية".
كما دعا الأمين التنفيذي لاتّفاقية الأمم المتّحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ سايمن ستيل العالم إلى الدخول في "المرحلة النهائية من عصر الوقود الأحفوري كما نعرفه"، خلال افتتاح مؤتمر المناخ كوب28 في دبي.
وقال متوجهًا لقادة العالم المشاركين في المؤتمر الذي يستمر أسبوعين وستركز مناقشاته على مستقبل النفط والغاز والفحم: "إذا لم نعط إشارة انطلاق المرحلة النهائية من العصر الأحفوري كما نعرفه، فإننا سنكون نعد أنفسنا لانحدار نهائي".
ويعد COP28، أكبر حدث مناخي على مستوى العالم تستضيفه الإمارات، وسجل عدداً قياسياً لطلبات الحضور في المنطقتين الزرقاء والخضراء تصل إلى 500 ألف مشارك بواقع أكثر من 97 ألف مشارك في المنطقة الزرقاء و 400 ألف في المنطقة الخضراء بمن فيهم وزراء وممثلون من المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص والشعوب الأصلية والشباب للإسهام في إعادة صياغة العمل المناخي العالمي، فيما يحضر الحدث أكثر من 180 من رؤساء دول و حكومات من حول العالم.
و يشكل COP28 منصة فاعلة لتحقيق أعلى الطموحات المناخية وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، لما فيه مصلحة أجيال الحاضر والمستقبل، وإتاحة الفرصة لجميع الدول والقطاعات وفئات المجتمع للتعاون وتوحيد الجهود، خاصة في الوقت الذي تتنامى فيه أهمية وضرورة العمل المناخي العالمي.
وتوقعت الأمم المتحدة أن يكون العام 2023 أكثر السنوات حرا مع تسجيله سلسلة من المستويات القياسية تبرز الحاجة الملحة إلى التحرك لمكافحة الاضطرابات المناخية.
وقال المدير العام للمنظمة الدولية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس "بلغت غازات الدفيئة مستويات قياسية. درجات الحرارة تحطم المستويات القياسية. ومستوى مياه البحر عند مستوى قياسي أيضا ولم تكن مساحة الأطواف الجليدية في انتاركتيكا يوما بهذا الضعف".
في ما يأتي أربعة مواضيع للمتابعة خلال النسخة الثامنة والعشرين من المؤتمر الدولي حول المناخ الذي يُعقد كل عام برعاية الأمم المتحدة.
- الانتقال الطاقي -
ستشد كل الأنظار نحو الشروط المعتمدة بشأن الانتقال الطاقي، من الوقود الأحفوري إلى استعمال مصادر الطاقة المتجددة. وهو انتقال حاسم وضروري للنجاح في الحدّ من ارتفاع درجات الحرارة إلى مستوى 1,5 درجة مئوية بالمقارنة بعصر ما قبل الصناعة.
اتفقت الأطراف المشاركة في المؤتمر السادس والعشرين في غلاسكو في العام 2021، على خفض حصة استهلاك الفحم. ومنذ ذلك الحين، ظل الناشطون وبعض الحكومات يضغطون من أجل نفس الشئ بالنسبة للنفط والغاز ولكن لم يتم العثور على الصياغة الدقيقة لهذه الخطوة.
كما سيتم التطرق الى التزامات الدول بمضاعفة قدراتها في مجال الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول العام 2030، وهو الهدف الذي دعمته مؤخراً مجموعة العشرين، ثم أعادت طرحه كل من الولايات المتحدة والصين في إعلان مشترك في وقت سابق من هذا الشهر. إلى ذلك سينظر في مضاعفة وتيرة تحسين نجاعة استخدام الطاقة.
من المقرر أن تكون هذه الالتزامات في شكل استجابة للتقييم الفني لاتفاق باريس الذي نُشر مطلع أيلول، والذي سلط الضوء على الجهود المبذولة وغير الكافية إلى حد كبير حتى اليوم.
- صندوق تعويض -
كان أهم انجاز حققه مؤتمر "كوب 27" في شرم الشيخ بمصر إنشاء صندوق يهدف إلى التعويض عن "الخسائر والأضرار" التي لحقت الدول المعرضة بشكل خاص ومباشر للكوارث المناخية، وهي الأقل مسؤولية تاريخيا عن انبعاثات الغازات الدفيئة.
لكن انشاء مشروع هذا الصندوق الجديد أصبح معقدا، كما ظلت المفاوضات متعثرة لمدة عام. بحيث ان من بين الاشكاليات التي يتعين حلّها تتمحور حول من الذي يجب أن يدفع؟ من سيستفيد منه؟ ومن يجب أن يكون مسؤولاً عن إدارته؟
تم التوصل إلى حل وسط هش بشأن تفعيله مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، وأعلن الرئيس الاماراتي لقمة "كوب 28" سلطان الجابر، مؤخرا في مقابلة مع وكالة فرانس برس أنه يأمل في أن تتم الموافقة عليه من قبل الدول منذ بداية أشغال المؤتمر من أجل خلق قوة دفع ايجابية.
- تمويل المناخ -
يرى مجموعة من الخبراء أنه يتعين على العالم استثمار أكثر من 3 آلاف مليار دولار سنويا بداية من العام 2030 للوصول إلى تحقيق الأهداف المناخية. ولكن وإلى اليوم تبدو الدول المتطورة بعيدة المنال سواء في ما يتعلق بتخصيص الاستثمارات للانتقال الطاقي أو كذلك التأقلم إزاء تداعيات التغير المناخي.
وفي العام 2009، وعدت الدول الغنية، المصدر الرئيسي للانبعاثات والمتهمة تاريخياً بأزمة المناخ، بتقديم 100 مليار دولار سنوياً للدول الفقيرة بحلول العام 2020. و"على الأرجح" تم تحقيق هذا الهدف أخيرا في العام الفائت، بعد عامين من التأخير، وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
كما من المقرر ان يضع "كوب 28" هدفا جديدا يتعلق بالتمويل بالرغم من ان الأطراف المشاركة غير ملزمة بأخذ قرارات هذا العام.
-الميثان والنظم الغذائية -
يعد غاز الميثان أحد الغازات الدفيئة الخطرة، وهو ثاني أكبر متسبب في تغير المناخ بعد ثاني أكسيد الكربون، ولكنه لم يحظ بالاهتمام حتى اليوم.
ويتعين على كل من الصين والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة أن تنظم بشكل مشترك قمة حول غاز الميثان وغيره من الغازات الدفيئة، بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكربون، خلال "كوب 28". مما سيعزز تشديد الالتزام الذي تم التعهد به في العام 2021 لتقليل من انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30 في المئة على الأقل مقارنة بالعام 2020.
وستكون نسخة هذا العام من مؤتمر المناخ أيضًا الأولى من نوعها التي ستركز كثيرًا على النظم الغذائية العالمية، المسؤولة عن حوالي ثلث الغازات الدفيئة المنبعثة. كما أن إنتاج الغذاء وتوزيعه مهدد بالجفاف، أحد أهم تداعيات التغير المناخي.