تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربيّة منذ سنوات منشورات تّدعي أن السويد لا تبيع في أسواقها سوى خبز الشعير، وأنّه السبب في طول قامة مواطنيها وقوّة بنيتهم نظراً لاحتواء الشعير على الحمض الأميني "اللايسين". إلا أنّ هذا الادعاء لا صحّة له. فجميع أنواع الخبز متوفّرة في السويد. أمّا المعلومات الصحيّة التي تسردها المنشورات، فليس لها أي أساس علميّ، بحسب الخبراء.
تدّعي المنشورات أنّ دولة السويد لا تبيع في أسواقها "إلا خبز الشعير والشوفان". وتذهب للقول إنّ الشعير يحتوي على أعلى نسبة من "الليسين الذي يساهم بقوّة بنية هذا الشعب وطوله وحسن مناعته". وتحمّل المنشورات الخبز الأبيض مسؤوليّة قصر قامة الشعوب التي تتناوله وضعف مناعتها.
لكنّ جميع المعلومات الواردة في هذه المنشورات لا أساس لها من الصحّة.
الخبز الأبيض متوفّر في السويد
تبيع السويد جميع أنواع الخبز في متاجرها، وبحسب صحافيي فرانس برس هناك فإن الخبز الأبيض متوفّر كغيره في الأسواق.
وسبق أن نفى موقع السويد الرسمي باللغة العربيّة، عبر حسابه على تويتر، ادعاءات مماثلة عن أنّ الخبز الأبيض ممنوع في السويد بالقول "غير صحيح أنّه تمّ منع الخبز الأبيض في السويد وهو متوفّر في الأسواق بأنواع مختلفة".
وطالت المنشورات الحديث عن حمض أمينيّ اسمه "اللايسين" ونسبت إليه أهمّية كبرى "على أنه يطوّل العظام ويقوّي البنية". وكثيراً ما يعمد المروّجون للأخبار الكاذبة إلى إدراج أسماء علميّة لم يعتد الناس على سماعها فيكون وقعها موثراً لناحية تصديق المنشورات.
فما هو اللايسين؟
اللايسين واحد من بين تسعة أحماض أمينيّة أساسيّة لا يفرزها جسم الإنسان بل يحصل عليها عن طريق المأكولات وبخاصّة اللحوم الحمراء والأسماك والأجبان. فالأحماض الأمينيّة الأساسيّة التسعة، واللايسين واحد من بينها، هي الوحدة الصغرى التي تشكّل البروتينات.
( PVV / MOLEKUUL/SCIENCE PHOTO LIBRARY)
وتقول أخصائيّة التغذية شانتال حنّا "عندما نتحدّث عن نظام غذائي متكامل ننصح بأن يشمل البروتينات وبخاصّة البروتينات الكاملة مع الأحماض الأمينيّة الأساسيّة جميعها".
هل الشعير هو الأغنى باللايسين؟
"طبعاً لا"، بهذه الإجابة تؤكّد شانتال حنّا أن الشعير ليس الأغنى بهذا الحمض الأمينيّ. وتشرح "لا تحتوي الحبوب على بروتينات كاملة أي أنّ واحداً أو أكثر من الأحماض الأمينيّة الأساسيّة ينقصها".
وتتابع "هذا لا يعني أن الشعير لا يحتوي على اللايسين"، ولكن بالطبع "هو ليس الأغنى على الإطلاق فالمصادر الأغنى باللايسين هي بطبيعة الحال مصادر حيوانيّة بما أنها أغنى بشكل عام بالبروتينات الكاملة".
هل ينصح بحمض أميني محدّد ضمن النظام الغذائي المتكامل؟
تقول شانتال حنا "لا يركّز أخصائيو التغذية على حمض أميني واحد ولا يولون إليه أهميّة خاصة في النموّ".
وتضيف "نحرص على إعطاء كميّة ضروريّة من البروتينات وبخاصّة الكاملة منها اللازمة للتمثيل الغذائي الجيّد التي تحتوي على الأحماض الأمينية التسعة واللايسين واحد من بينها".
هل يساهم اللايسين في نموّ العظم والبنية؟
يشرح الاختصاصي اللبناني في جراحة العظم الدكتور رافي بانجاريان لوكالة فرانس برس أنّ "بنية الإنسان وراثيّة" قبل كلّ شيء ولا يمكن لحمض أميني مثل "اللايسين" أن يضطلع بدور في طول القامة أو قصرها.
ويضيف بانجاريان "اللايسين حمض أميني رئيسي" مفيد لوظائف الجسم إلى جانب غيره من الأحماض الأمينيّة، إلا أنّه لا يغيّر في شكل العظام من حيث الطول، ولا يساهم في قوّة البنية.
ويشرح "يأخذ الإنسان اللايسين طبيعياً من اللحوم، والدجاج والبيض وبعض الأجبان… وقد يلجأ إليه على شكل مكمّلات، والأطباء لا يوصون بهذه المكمّلات للأطفال".
الخبز الأبيض أو غيره؟
تقول أخصائيّة التغذية "لا ننصح عادة بتناول الخبز الأبيض". وتضيف مازحة "ليس بسبب افتقاره للايسين طبعاً، بل لأنّ نسبة المعادن والألياف الغذائيّة فيه أقل من الحبوب الكاملة التي تحافظ على قشورها كالقمحة الكاملة والشوفان والشعير….".
جويس حنا، خدمة تقصّي صحّة الأخبار باللغة العربيّة، وكالة فرانس برس