يروّج مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي منذ سنوات لما يصفونه "بالحيلة العبقريّة" لإنقاذ شخص من جلطة دماغيّة عن طريق وخز أصابع يديه بإبرة ليسيل الدمّ منها. لكنّ الأطباء المختصين ينفون أي علاقة بين إسالة الدم من الأصابع وعلاج الجلطة محذّرين من هذه الممارسات التي قد تؤخّر إسعاف المصاب وتودي بحياته إن لم يتلقّ العلاج المناسب في الوقت المناسب.
تدّعي المنشورات أنّها تقدّم معلومات "غاية في الأهميّة" و"ناجحة" لعلاج من يصاب بجلطة دماغيّة، وتدعو إلى "وخز أصابع اليد العشرة" للمصاب بجلطة دماغيّة باستخدام إبرة ثمّ الضغط عليها حتى يسيل الدمّ منها.
تجتاح هذه المنشورات مواقع التواصل الاجتماعيّ منذ العام 2015. وقد شاركها كثيرون ظناً منهم أنهم يقدّمون نصائح في الإسعاف الأوليّ لشخص مصاب بجلطة دماغيّة.
إلا أنّ الأطباء يحذّرون من هذه الممارسات نظراً لخطورتها وما يمكن أن يترتّب عنها من تأخّر في نقل المريض إلى المستشفى وتلقي العلاج الضروريّ للجلطة الدماغيّة.
ما هي الجلطة الدماغية؟
يشرح طبيب الأعصاب اللبناني جوزيف مطر، في حديث إلى وكالة فرانس برس، أنّ الجلطة الدماغيّة قد تنجم، إما عن انسداد في الأوعية الدمويّة ما يؤدي إلى وقف تدفّق الأكسيجين إلى الدماغ وموت الخلايا، إما عن نزف في الدماغ. وعلاجات الجلطة تختلف باختلاف نوعها وتعطى بعد تشخيصها في المستشفى.
"لا علاقة بين وخز الأصابع والجلطة الدماغيّة"
تدّعي المنشورات أنّ "وخز الأصابع من شأنه أن يعيد تدفّق الدماء إلى الدماغ ما قد ينقذ من الجلطة". إلا أنّ هذا الادعاء غاية في التضليل، بحسب دكتور جوزيف مطر الذي يقول إنّ "لا علاقة بين سيل الدم من الأصابع وسير الدورة الدمويّة في جسم الإنسان".
ويضيف "إن إسالة الدم من الأصابع لا يمتّ بصلة إلى وصول الدورة الدمويّة إلى الدماغ".
الجلطات الدماغيّة تعالج في المستشفى فقط!
يتمّ علاج الجلطات الدماغيّة في المستشفى وذلك بعد تشخيص حالة المريض وتحديد نوع الجلطة وسببها، لإعطاء العلاج المناسب. ويفصّل مطر في هذا الصّدد العلاجات فيقول إن "الجلطة الناتجة من انسداد في الشرايين قد تعالج عن طريق تذويب الجلطة أو سحبها بفتح الشرايين". بعد ذلك توصف للمريض أدوية دائمة قد تكون مسيلات للدماء أو أدوية حماية للشرايين.
أما الجلطة الناتجة من النزف، فقد تتطلّب إجراء عمليّة لإغلاق الشريان النازف ومراقبة المريض بعدها.
وتبقى الوقاية خير من قنطار علاج بحسب مطر الذي ينصح من أصيب بأي جلطة باتخاذ الحيطة والتنبّه لعوامل الخطر التي قد تؤدي إلى تكرار الجلطة فيذكر منها السيطرة على الضغط وداء السكري والكوليسترول ومعالجة أي مشاكل في القلب...
جلطة دماغيّة ناتجة من انسداد في شريان ما يحول دون وصول الأكسيجين إلى الرأس بشكل جزئي ( BSIP / JACOPIN)
"سارعوا إلى المستشفى"
يؤيّد جراح القلب والشرايين والباحث اللبناني بياترو خير ما قاله زميله. ويحذّر من تضييع الوقت في ممارسة ما وصفه بالـ "شعوذات" التي قد تودي بحياة المريض.
ويقول خير في حديث لوكالة فرانس "بمجرّد ملاحظة أعراض الجلطة الدماغيّة التي تتمثّل على سبيل المثال لا الحصر بتبدّل في شكل الوجه أو شلل في أعضاء الجسم وصعوبة في الحركة، يتعيّن نقل المصاب بأسرع وقت إلى المستشفى لتشخيص حالته وتلقي العلاج".
ويضيف خير أن الجلطة الدماغيّة خطيرة جداً وقد تنتج منها أضرار، كما قد تؤدي إلى الوفاة. ولذلك "يجب التوجّه إلى أقرب مستشفى لمحاولة الحدّ من الأضرار وتجنّب أي مضاعفات قد تنتج منها".