يفاجىء الفيديو المشاهدين بصفعة يوجهها شاب الى رجل معمّم في شارع. وفي المزاعم المتناقلة ان الفيديو يظهر "شابا ايرانيا بطلا يصفع معمّما ويقول له انّهم خرّبوا البلد وضيّعوا ناسه"، وذلك في اطار التظاهرات الاحتجاجية التي تشهدها إيران اثر وفاة الشابة مهسا أميني أخيرا بعدما احتجزتها شرطة الاخلاق الايرانية. غير أن هذا الزعم غير صحيح. في الواقع، الفيديو قديم، بحيث يعود الى نيسان 2021. ووفقاً للشرطة الإيرانية، فإن "مشاهده تمثيلية"، وقد أدّاها اب وابنه تمّ اعتقالهما يومذاك ومحاكمتهما. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
الوقائع: 31 ثانية مدة الفيديو. المشاهد تظهر رجلا معمّما يمشي في شارع. واذ بشاب يقف ويقترب منه ليبدأ يكلمه. وسرعان ما يحتد وترتفع نبرة صوته، موجها صفعة الى وجه الرجل. منذ ايام، تكثف التشارك في الفيديو، عبر صفحات وحسابات، في الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا...)، وتويتر (هنا، هنا، هنا، هنا...) مرفقا بالمزاعم الآتية (من دون تدخل او تصحيح): "شاب إيراني بطل يصفع معمم على وجهه ويقول له خربتوا البلد وضيعتونا... لا شغل ولا وظائف".
التدقيق:
جاء انتشار الفيديو في وقت تشهد مدن إيرانية، منذ زهاء ثلاثة أسابيع، احتجاجات أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني في 16 أيلول 2022 بعد ثلاثة أيام من توقيف شرطة الأخلاق لها في طهران، على خلفية عدم التزامها بقواعد اللباس الإسلامي، على ما أوردت وكالة فرانس برس.
وقد تخللت بعض الاحتجاجات مواجهات مع قوات الأمن حمّلت السلطات مسؤوليتها "مثيري شغب"، وقضى خلالها العشرات، بينهم عناصر حفظ النظام. واعلنت منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ من أوسلو مقرا، الاحد 2 تشرين الاول 2022، مقتل ما لا يقل عن 92 شخصا في إيران في قمع التظاهرات.
واعتبر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أن الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ أسابيع كان "مخططا لها مسبقا"، متهما الولايات المتحدة وإسرائيل، العدوين اللدودين للجمهورية الإسلامية، بالوقوف خلفها.
- حقيقة الفيديو -
غير ان الفيديو المتناقل لا علاقة له بهذه التطورات في إيران، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقته.
فالبحث عنه، بتجزئته الى مشاهد ثابتة (Invid)، يوصلنا الى مواقع اخبارية ايرانية نشرت لقطة شاشة منه ضمن تقرير في (18- 19) نيسان 2021 (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...) عن انتشار الفيديو يومذاك في وسائل التواصل، وتدخّل الشرطة الإيرانية، ليتبين بموجب تحقيقها ان "المشاهد ليست حقيقية".
المقطع سُمّي يومذاك "صفعة رجل الدين" (سیلی به یک روحانی). وقال قائد شرطة طهران العميد حسين رحيمي، في مقابلة مع وكالات أنباء محلية، إن "الفيديو زائف"، مشيرا الى ان الشرطة عمدت الى البحث عن أدلة بشأنه والى تحديد هوية الأشخاص المعنيين به واعتقالهم.
أوضح أن الفيلم من إخراج رجل تنكّر بثياب رجل دين، وابنه "كانا ينويان الفرار من البلاد". وخلال الاستجواب، قالا إنهما "يبحثان عن ملجأ لدى دول غربية"، وأنه تم أعطاؤهما "وعودًا بشأن العيش والعمل في الخارج" (هنا وكالة "ايرنا" الايرانية).
وقد نَشرت مواقع صورتين للاب والابن، بعد توقيفهما.
من جهته، قال جليل مقفهي، رئيس شرطة الوقاية بطهران الكبرى، إن هؤلاء الأشخاص "سجلوا هذا الفيديو من أجل المغامرة والتباهي فقط".
في تشرين الاول 2021، نشرت وكالات انباء ومواقع ايرانية فيديو جديدا للأب والابن (هنا)، "شارحين الدوافع لمقطعهما التمثيلي" في نيسان 2021 (هنا، هنا، هنا...).
وقد أوردت وكالة تسنيم الايرانية (هنا) انه "بعدما أبدى الاب وابنه ندمهما واسفهما للقاضي، فقد حصلا على أقصى درجات التخفيض في الحكم القضائي الصادر عليهما. أما الأشخاص الأربعة الآخرون الذين شاركوا في تسجيل المقطع واعتقلوا واستجوبوا، فقد شملهم العفو التام".
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الفيديو المتناقل يظهر "شابا ايرانيا بطلا يصفع معمّما"، وذلك في اطار التظاهرات الاحتجاجية التي تشهدها إيران اثر وفاة الشابة مهسا أميني أخيرا. في الواقع، الفيديو قديم، بحيث يعود الى نيسان 2021. ووفقا لتقارير اعلامية، فإن الشرطة الإيرانية كشفت ان "مشاهده تمثيلية"، وقد أدّاها اب وابنه تمّ اعتقالهما يومذاك ومحاكمتهما.