المتداول: مجموعة صور تظهر، وفقاً للمزاعم، "تمثالا أقامه البابا فرنسيس لمارتن لوثر"، مؤسس حركة الإصلاح البروتستانتي، "في الفاتيكان، بعدما رفع الحرم الكنسي عنه".
الا أنّ هذا الزعم لا أساس له.
الحقيقة: الصور قديمة، بحيث تعود الى 13 تشرين الاول 2016، يوم التقى البابا فرنسيس حجاجا لوثريين في الفاتيكان، قبل سفره إلى السويد للمشاركة في افتتاح الاحتفالات بالذكرى المئوية الخامسة للاصلاح الكنسي الذي قام به مارتن لوثر. وقد وُضِع تمثال للوثر في القاعة بالفاتيكان من اجل ذلك اللقاء فقط، قبل إزالته. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
ما القصة؟
الصور تظهر البابا فرنسيس ماراً بجانب تمثال، ومجتمعاً بأشخاص بوجود التمثال في قاعة بالفاتيكان. وقد تكثّف التشارك فيها أخيرا، عبر حسابات، خصوصا ذات طابع مسيحي، أرفقتها بالمزاعم الآتية (من دون تدخل او تصحيح): "ازال بابا الفاتيكان الحرمان عن المهرطق مارتن لوثر وصنع له صنم داخل قاعة بولس السادس فى الفاتيكان بحضور قيادات الطوائف اللوثرية...".
- حقيقة الصور -
الا ان المنشور المتناقل خاطئ، وفقا لما يتوصل تقصي صحته.
فالبحث العكسي عن الصور يوصلنا الى وكالة "اسوشيتد برس" الاميركية، التي نشرتها في 13 تشرين الاول 2016 (هنا، هنا، وهنا ايضا)، مع شرح أنها تظهر "البابا فرنسيس يمر بجانب تمثال لمارتن لوثر لدى وصوله الى لقاء مع حجاج لوثريين في الفاتيكان".
واضافت: "يسافر البابا فرنسيس إلى السويد الأسبوع المقبل لإحياء الذكرى الـ500 للانقسام في المسيحية الغربية". تصوير: اليساندرا تارانتينو Alessandra Tarantino.
وهنا ايضا المزيد من الصور المماثلة لهذا اللقاء، في ارشيف صحيفة L'Osservatore Romano الفاتيكانية.
في ذلك الخميس 13 تشرين الاول 2016، استقبل البابا فرنسيس في الفاتيكان نحو ألف حاجّ، معظمهم من اللوثريين الألمان، كجزء من التحضيرات المسكونية للذكرى المئوية الخامسة لبدء الإصلاح اللوثري، وفقا لما ذكرت تقارير اعلامية (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...).
و"بناء على ما أورده موقع راديو الفاتيكان، شجّع الحبر الأعظم، ضمن ملاحظات تلاها على مسامع الحاضرين، على البحث عن الوحدة عبر المحبة قائلاً: "عندما نخدم الأكثر فقراً، نختبر أننا موحّدون: فرحمة الله هي التي توحّدنا".
وقال إنّ الكاثوليك واللوثريين أعضاء في جسم المسيح الواحد، مؤكّداً أنّنا جميعاً ننتمي لبعضنا البعض. وأشار إلى أنّه عندما يتألّم شخص واحد، يتألّم الجميع معه، وعندما يفرح أحدهم يفرح معه الباقون، مضيفاً: "فلنتابع بثقة رحلتنا المسكونية، لأننا نعرف أنّنا متّحدون على الرغم من المسائل العديدة التي ما زالت تفصلنا، فما يوحّدنا أكثر بكثير ممّا يقسّمنا".
وكانت مواضيع الشهادة على معاناة الآخرين وخدمة المهمّشين واقتلاع الإيمان المسيحي من المجتمع أبرز ما طبع كلمات أسقف ماغديبورغ اللوثري، وراعي الكنيسة اللوثرية في مدينة أنهالت الألمانية، وأسقف ماغديبورغ للكاثوليك".
وقد وُضع تمثال مارتن لوثر في قاعة بولس السادس في الفاتيكان يومذاك خصيصا من اجل اللقاء مع الحجاج اللوثريين. وقد ازيل بانتهاء اللقاء.
وتكفي صور للقاعة نشرتها وكالة Getty Images، في 14 تشرين الاول 2016، اي بعد يوم على ذلك اللقاء، لتبيان عدم وجود ذاك التمثال في القاعة (هنا، هنا). وهنا ايضا صورة حديثة للقاعة، في 15 نيسان 2023. ولا وجود فيها للتمثال (هنا ايضا).
وبالنسبة الى الحرم الكنسي الذي أصدره البابا ليو العاشر بحق مارتن لوثر في 3 كانون الثاني 1591، فلا جديد بشأنه. ولا اثر لاي خبر عن ازالته المزعومة في مواقع فاتيكانية او اخبارية. وقد وجهت مجموعة ألتنبرغ المسكونية نداء الى البابا، في ايار 2020، لرفع الحرم عن لوثر وجميع أتباعه (هنا).
يشار الى ان البابا فرنسيس تكلّم على لوثر في الكلمة التي القاها خلال الصلاة المسكونية المشتركة في كاتدرائية لوند اللوثرية في 31 تشرين الأول 2016، منوها بأنه "اكتشف هذا الإله الرحوم في بشارة يسوع المسيح المتجسّد، الذي مات وقام من الموت. ومع مبدأ "بالنعمة الإلهية وحدها"، يذكّرنا بأن الله يأخذ المبادرة دوما وأنه يسبق أيّ إجابة بشريّة، ولو أنه في الوقت عينه يحاول أن يوقظ فينا هذه الإجابة. تعبّر عقيدةُ التبرير بالتالي عن جوهر الوجود الإنساني أمام الله" (هنا، هنا ايضا).
ولم يرد شيء بخصوص لوثر وحرمه الكنسي في الاعلان المشترك في ذكرى الاصلاح المشتركة بين الكاثوليك واللوثريين في 31 تشرين الأول 2016 (هنا، هنا) او في اعلانات اخرى (هنا، هنا، هنا).
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الصور المتناقلة تظهر "تمثالا أقامه البابا فرنسيس لمارتن لوثر في الفاتيكان، بعدما رفع الحرم الكنسي عنه". في الواقع، الصور قديمة، بحيث تعود الى 13 تشرين الاول 2016، يوم التقى البابا فرنسيس حجاجا لوثريين في الفاتيكان. وقد وُضع تمثال لمارتن لوثر في القاعة بالفاتيكان من اجل ذلك اللقاء فقط قبل ازالته بانتهاء اللقاء.