ينشغل مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي بصورتين "تثبتان"، وفقا للمزاعم، ان "الحرب في أوكرانيا زائفة". غير أنّ هذا الزعم خاطئ. في الواقع، ما تظهره الصورتان هو المبنى ذاته في شارع لوبانوفسكي بكييف يوم تعرّض للقصف في 26 شباط 2022، وبعد إعادة إعماره أخيراً. ونقدم إليكم أدلة على ذلك. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
ما القصة؟
الصورة الأولى تظهر بناء متضرراً في جزئه الأيمن، وكتب عليها شباط 2022، بينما تظهر الاخرى البناء ذاته بواجهة سليمة، مع عبارة شباط 2023 عليها. منذ أيّام، تنتشر الصورتان عبر حسابات (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...) أرفقتهما بالمزاعم الآتية: "هذه الحرب زائفة"، في اشارة الى الحرب في أوكرانيا. والادعاء ان احدى الصورتين زائفة، أو ان المبنى الظاهر فيها لم يتضرر في الاصل، بما يعني ان الحرب في أوكرانيا "مختلقة".
غير أن هذه المزاعم خاطئة، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقتها.
في الواقع، المصدر الأول للصورتين، وفقاً لما يبيّنه البحث، هو دميترو بيلوتسيركوفيتس Dmytro Bilotserkovets، مستشار محافظ كييف وعضو مجلس المدينة، والذي نشرهما في صفحته في الفايسبوك، في 8 شباط 2023 (هنا) مع تعليق: "تعافي كييف - الأوكرانيون مصممون وسريعون!".
وقد نقلت عنه مواقع وحسابات اوكرانية هذا المنشور (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا ايضا...).
ما الذي تظهره الصورتان؟
الصورة الأولى (الى اليمين في منشور بيلوتسيركوفيتس) تعود بالفعل الى شباط 2022، بحيث يتبيّن أن الأضرار الكبيرة التي أصيب بها البناء الظاهر فيها حصلت في 26 شباط 2022، "من جراء قصف على كييف، العاصمة الأوكرانية، في 26 شباط 2022"، اي بعد يومين على بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 منه، على ما كتبت كل من وكالات رويترز (هنا، هنا)، وGetty Images (هنا) واسوشيتد برس (هنا) التي نشرت صورا مماثلة للبناء المتضرّر (هنا ايضا- بي بي سي- وهنا وزير خارجية اوكرانيا دميترو كوليبا).
وقد حُدّد موقع هذا البناء في شارع لوبانوفسكي بكييف (هنا، هنا، هنا ايضا...)، او قرب مطار جولياني في كييف (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا ايضا). ونشرت مواقع اخبارية عالمية تقارير مصوّرة وفيديو عن تعرضه للقصف وحضور رجال الانقاذ والطوارئ لاسعاف السكان.
صباح ذلك السبت 26 شباط 2022، انطلقت صفارات الإنذار في العاصمة الأوكرانية بعد أنباء عن اشتباكات بين القوات الروسية والقوات الأوكرانية في شوارع كييف طوال الليل.
وذكرت القوات الأوكرانية أنها صدت هجوما ليليا شنه جنود روس على أحد مواقعها في شارع النصر، وهو أحد الشوارع الرئيسية في العاصمة كييف. وأوردت وكالة رويترز عن الجيش الأوكراني قوله إن القوات الروسية هاجمت قاعدة عسكرية في كييف (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...).
كذلك، ذكرت السلطات الأوكرانية أن القتال مع القوات الروسية تواصل في ضواحي كييف من ناحية الشرق، بينما سمع دوي انفجارات في مناطق متعددة من العاصمة، ووردت تقارير عن معارك تدور في حي أبولون شمالي كييف.
ماذا عن الصورة الأخرى؟
ما تظهره في الواقع هو اعادة اعمار البناء المتضرّر في شارع لوبانوفسكي بكييف، بعد نحو عام على تعرضه للقصف. وهذا الاعمار ليس مستغرباً اطلاقا، خصوصا ان إعادة الإعمار في كييف وضواحيها وفي مناطق أخرى بأوكرانيا انتعشت في الأشهر الماضية، وفقا لتقارير اعلامية رصدت هذا النشاط (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...).
وبعنوان "إعادة إعمار المنازل التي دمرها القصف الروسي في أوكرانيا"، نشرت وكالة Getty Images، في 12 ايلول 2022، صورا لـ"تيتيانا ليششوك واقفة في شقتها المدمرة في مبنى سكني متضرر في شارع فاليري لوبانوفسكي Valerii Lobanovskyi في كييف" (هنا، هنا، هنا، هنا).
وذكرت الوكالة ان "المبنى السكني في شارع لوبانوفسكي كان من أوائل الأبنية التي أصيبت بنيران الصواريخ في 26 شباط 2022. وقد مر الصاروخ عبر تيتيانا وغرفة نوم زوجها وغرفة الأطفال. في ذلك الوقت، كانت هي في المطبخ، بينما كان زوجها في غرفة المعيشة، وابنتها البالغة تسعة أعوام في الممر. وقد نجت تيتيانا لأنه في اللحظة التي أصيبت فيها البناء، ركضت صوب ابنتها في الممر".
ونشرت ايضا الوكالة صورة لتيتيانا واقفة امام البناء المتضرر. ويمكن ملاحظة عملية اعادة اعمار جارية فيه (هنا).
في الواقع، هذا البناء هو ذاته في الصورة التي نشرها بيلوتسيركوفيتس له بعد اكتمال اعادة اعمار واجهته. وبالتالي هذا دليل على اعادة اعمار المبنى المتضرّر في شارع لوبانوفسكي. واليكم مقارنة بين الصورتين.
وفي 2 آذار 2023، نشر موقع rferl تقريراً مصوراً مع تيتيانا خلال جولة لها في شقتها "بعد إصلاح معظم المبنى"، و"أملها أن تعود إلى شقتها مع زوجها وابنتها قريبا" (هنا، هنا).
كذلك، نشرت وكالة الصحافة الأوروبية (EPA) صورتين للمبنى ذاته، متضررا في 26 شباط 2022، وبعد اعادة اعماره في 11 شباط 2023 (هنا، هنا).
وبالتالي، كل هذا ادلة موثّقة، بالصورة والصوت، على ان المبنى في شارع لوبانوفسكي تعرّض للقصف في 26 شباط 2022، وقد أعيد اعماره بعد نحو سنة على ذلك.
كلا، الحرب في أوكرانيا ليست مختلقة او زائفة.
- أمر للجيش -
وفي آخر تطورات الهجوم الروسي على أوكرانيا، أمر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنيكسي الإثنين 6 آذار 2023 الجيش بإرسال تعزيزات للدفاع عن باخموت في شرق البلاد، حيث تحتدم المعارك، نافياً التكهنات بشأن انسحاب قواته أمام الجيش الروسي الذي يحاول منذ تسعة اشهر محاصرة هذه المدينة، على ما أوردت وكالة فرانس برس.
وقد نفى مسؤولون أوكرانيون ما يُحكى عن قرب انسحاب قواتهم من باخموت، مؤكّدين أنّ الدفاع عن المدينة شكّل "نجاحاً استراتيجياً" من خلال تعبئة وإضعاف القوات الهجومية الروسية التي تكبدت خسائر فادحة دون أن تحقق اي مكسب حاسم.
وأصبحت مدينة باخموت التي كان عدد سكانها 70 ألفا قبل الحرب، رمزا للقتال بين الروس والأوكرانيين من أجل السيطرة على منطقة دونباس الصناعية، بسبب طول المعركة والخسائر الفادحة التي يتكبّدها كلا الجانبين.
وقد تقدّمت القوات الروسية في الأسابيع الأخيرة في شمال وجنوب المدينة، وقطعت ثلاثة من طرق الإمداد الأربعة للقوات الأوكرانية، ولم يتبقّ سوى منفذ واحد هو الطريق المؤدّي إلى الغرب باتجاه تشاسيف.