ينشغل مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي بـ"صورة حقيقية لمار شربل في ميفوق القطارة"، وفقاً للمزاعم. غير أنّ هذا الزعم خاطئ، لا اساس له. في الواقع، ليس هناك سوى صورة وحيدة لمار شربل. ويظهر فيها، في الوسط، عجائبيا، وقد التقطتها عدسة الأخ الياس نوهرا المرسل اللبناني، في 8 ايار 1950. أما بالنسبة الى الصورة المتناقلة، فمن يظهر فيها هو الناسك الماروني توفيق عجيب الذي توفي عام 2021، وفقاً لما توصل اليه بحث لرهبان في الرهبانية اللبنانية المارونية، مشكورين. FactCheck#
"النّهار" دقّقت وسألت من أجلكم
الوقائع: الصورة تظهر ما يبدو انه "راهب"، باسكيم على الرأس وبلحية طويلة، واقفا بين اشجار. وقد تكثف التشارك فيها، منذ اعوام، عبر صفحات وحسابات، خصوصا ذات طابع مسيحي، في الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...)، وتويتر (هنا...)، وايضا في مواقع اجتماعية أخرى (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...). وقد أرفقت بالمزاعم الآتية (من دون تدخل او تصحيح): "صورة حقيقية مار شربل ميفوق القطارة".
التدقيق:
هل الشخص في الصورة هو "مار شربل في ميفوق القطارة"، كما يتم زعمه؟
كلا. ليس مار شربل، و"لا علاقة لمار شربل بهذه الصورة، وليس مصدرها فيلم عنه"، على ما أكد الأب لويس مطر، المسؤول عن توثيق عجائب القديس شربل في دير مار مارون- عنايا، لـ"النهار". وقال: "الزعم ان هذه الصورة تظهر مار شربل من اختراع الناس فقط".
في الواقع، ما يجب معرفته هو ان هناك صورة وحيدة لمار شربل، ويظهر فيها، في الوسط، عجائبيا، بين عدد آخر من الرهبان. وقد التقطتها عدسة الاخ الياس نوهرا المرسل اللبناني في 8 ايار 1950. والصورة موجودة في متحف عنايا. وهذه هي (هنا، هنا، وهنا ايضا).
وقد شهد الأخ الياس نوهرا كيف تم تصوير هذه الصورة، "ناقلا مجرياته الخاصة المدوّنة بخط يده كالآتي: "في سنة 1950، وقت ظهورات القديس شربل مخلوف وعجائبه العديدة ذهبنا مع أبناء الجمعية في ذلك الوقت، أي 8 أيار 1950 عيد مار يوحنا الحبيب شفيع جمعيتنا وزرنا قبر القديس شربل وقدّسنا أمام القبر وطلعنا إلى المحبسة أنا والمرحوم الأب بطرس شلهوب واخذنا بعض الصور أمام المحبسة من جملتهم صورة لبعض الأشخاص الذين كانوا معنا مع القسيس وكيل المحبسة في ذلك الوقت. وقفنا أنا والأب بطرس شلهوب قرب بعضنا، عندما ظهرت الفيلم الذي اخذته أنا ظهر فيه قسيس قاعد قدام الكل حينئذٍ ذاعت الخبرية ان هذا القديس هو شربل. واتى إليّ الأب بولس عواد وكيل دعوى القديس شربل وقال لي بأمر السلطة الروحية أعطني الصورة مع كل أجزاء الفيلم. أخذ الصور والفيلم وضمهم إلى الدعوة بعدما عرضها على المصوِّرين والفنيّين وكبّر تلك الصورة وعرضها في دير مار مارون عنايا.
ثم صوّر الأب شربل وحده وعرضها على الأب اغناطيوس التنوري الذي كان في رفقته وأكد له أن هذه الصورة هي صورة القديس شربل وأقسم بذلك. ثم عرضها على الأخ الذي كان يخدم القديس شربل في المحبسة فأكد ذلك ايضًا، واقسم انه هو ذاته القديس شربل" (من مقالة للأب جان ماري المير المرسل اللبناني، هنا).
- صور أخرى ليست للقديس شربل -
"مرارا"، حذرت الرهبانية اللبنانية المارونية من صور مزعومة للقديس شربل، تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن "من دون جدوى"، على ما سبق ان قال الاب مطر لـ"النهار" (هنا).
واحدى هذه الصور تبيّن جثمان راهب، والزعم انها للقديس شربل "خاطىء"، "لان الجثمان هو للحبيس انطونيوس شينا". كذلك، الزعم ان ثمة صورا "حقيقية لوجه القدّيس شربل" خاطىء، اذ "ليست هناك صور تبرز وجه القدّيس شربل مع تفاصيل عن ملامح وجهه"، وفقا لبيان للرهبانية (آب 2016).
اما بالنسبة الى الصور المتداولة لراهب يحمل حزمة حطب على ظهره، والزعم انها "صور نادرة للقديس شربل"، فقد أكد الاب مطر عدم صحة هذا الزعم. وافاد ان "مصورا المانيا جاء الى الدير بين عامي 1963- 1964 ليطلع على الحياة التي عاشها القديس شربل وكيف كان يحمل الحطب ويصلي ويفلح الارض... وكان في الدير رهبان تقدموا في العمر. فكان احدهم يحمل حزمة حطب على ظهره، او يركع ليصلي او يفلح في الارض، ويلتقط له المصور الالماني صورة، تصويرا لحياة مار شربل".
وتدارك: "يومذاك، أُنجز فيلم من 12 صورة تمثيلا للحياة التي عاشها القديس شربل".
وتضاف صورة "مار شربل في ميفوق" المزعومة التي ندقق فيها، الى مجموعة الصور المنسوبة خطأ الى مار شربل.
ولكن من يكون الشخص الذي يظهر فيها؟
بعد ارسالها الى رهبان وكهنة في الرهبانية اللبنانية المارونية، انهمك عدد منهم، مشكورين، في البحث عنها والسؤال عنها، وبمقارنتها بصور أخرى لرهبان في الرهبانية.
وقد توصلوا، في نهاية البحث والمقارنة، الى ان الشخص الذي يظهر فيها هو الأخ توفيق عجيب الذي عُرِف باسم "ناسك فتقا" الماروني. وتظهر مقارنة بين صورة له (ادناه الى اليمين) والصورة التي ندقّق فيها (الى اليسار)، تشابها واضحا في ملامح وجهي الرجلين في الصورتين.
وأخبر الناسك الماروني توفيق عجيب (هنا، نورسات) عن حياته طفلاً، يوم "كان من خلفية مسلمة"، "وكنت احلم كل يوم بالقديسة مريم ويسوع المسيح"، و"كان لدي هوس بالحياة النسكية". وتخلّى عما سماه "بحبوحة" كان يتمتع بها، وتبرع بها لمؤسسات خيرية وفقراء وغيره، و"لم اشعر بالسلام الا عندما تجردت عن كل شيء".
"عاش الناسك عجيب سنوات طويلة في براد، أرض القديس مار مارون شمال سوريا. ثم انتقل الى غزير، فإلى فتقا" في لبنان، وفقا لصفحة مجموعة الناسك توفيق عجيب في الفايسبوك. وفي 9 كانون الثاني 2021، أعلنت وفاته (هنا، هنا). و"قد توفي من جراء اصابته بسرطان الرئة"، وفقا لما علمت "النهار".
النتيجة: لا صحة للمزاعم ان الصورة المتناقلة تظهر "مار شربل في ميفوق القطارة". في الواقع، ليس هناك سوى صورة وحيدة لمار شربل. ويظهر فيها، في الوسط، عجائبيا، وقد التقطتها عدسة الاخ الياس نوهرا المرسل اللبناني في 8 ايار 1950. أما بالنسبة الى الصورة المتناقلة، فمن يظهر فيها هو الناسك الماروني توفيق عجيب، الذي توفي في كانون الثاني 2021.
المنطقة وسط أجواء أو تفاعلات حربية مع هوكشتاين ومن دونه، لذا ليس في جعبته ما يعطيه للبنان، كما ليس لأي أحد ما يعطيه للفلسطينيين في هذه الظروف والمعطيات.