النهار

ما حقيقة قصة "العجوزين الريفيّين بثياب بسيطة اللّذين أسّسا جامعة ستانفورد العريقة"؟ FactCheck#
المصدر: النهار
ما حقيقة قصة "العجوزين الريفيّين بثياب بسيطة اللّذين أسّسا جامعة ستانفورد العريقة"؟ FactCheck#
القصة والصورة المتداولان في شكل خاطئ (فايسبوك).
A+   A-
بعنوان "لا تنخدع بالمظاهر"، يتناقل مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي قصة مزعومة لـ"عجوزين ريفيين، بثياب بسيطة، اسّسا جامعة ستانفورد الاميركية العريقة، بعدما سخر من طلبهما رئيس جامعة هارفرد". غير أنّ هذه القصة من نسج الخيال، مختلقة. وبالنسبة الى الصورة المرفقة بها، فإنها لا تظهر "العجوزين الريفيين" المزعومين، بل الثنائي دون وماكسين سمبسون، اللذين جمعهما الموت بفارق 4 ساعات فقط عام 2014، بعدما جمعتهما الحياة طيلة 62 عاماً، وفقاً لتقارير اعلامية. FactCheck# 
 
"النّهار" دقّقت من أجلكم 
 
الوقائع: التشارك في القصة والصورة تكثف اخيرا، عبر صفحات وحسابات (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...). وجاء في المنشور الآتي: 
 
 
 
التدقيق: 
غير ان هذه القصة مختلقة، لا أساس لها، وفقاً لما يتوصل اليه تقصي صحتها. والصورة المتناقلة معها لها سياق مختلف تماما. 
 
فالبحث العكسي عن الصورة، أولا، يوصلنا اليها منشورة في مواقع اخبارية (هنا، هنا، هنا...)، في آب 2014، ضمن تقرير عن "الثنائي دون وماكسين سمبسون Don and Maxine Simpson، من باسكرفيلد بكاليفورنيا، اللذين "جمعهما الموت بفارق 4 ساعات فقط بعدما جمعتهما الحياة طوال 62 عاماً". 
 
 
 
وروت حفيدة الثنائي ميليسا سلون Melissa Sloan يومذاك: "كنت أعرف أن هذا سيحدث، عاشا دوماً معاً، وتوفيا معاً". وذكرت أن دون سقط وكسر ساقه قبل أسبوعين، لينقل إلى المستشفى. لكن وضعه الصحي استمر في التراجع، بينما بدأت حال ماكسين التي تعاني مرض السرطان، بالتراجع أيضاً، مما أستدعى وضعهما في غرفة واحدة بأسّرة متجاورة، بناء على طلبهما، في منزل العائلة.
 
وبعد وفاة ماسكين، بقي دون بجوار جثة زوجته إلى أن فارق الحياة هو أيضاً، بفارق 4 ساعات بينهما. 
 
ثانياً، من هو الثنائي الذي أسّس جامعة ستانفورد؟
كلمات مفاتيح بالانكليزية توصلنا فورا الى عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا ليلاند ستانفورد Leland Stanford وزوجته جاين Jane Lathrop، اللذين أسّسا جامعة ستانفورد في كاليفورنيا عام 1885، وفقاً لموقع جامعة ستانفورد، الذي نشر ايضا صورة للثنائي مع ابنهما ليلاند ستانفورد جونيور، التُقطت عام 1878 (هنا). 
 
اذاً، هذه هي الصورة الأصلية لمؤسّسَي جامعة ستانفورد. 
 
ماذا عن القصة المتداولة أنهما "العجوزان الريفيان، بثياب بسيطة، اللذان اسّسا جامعة ستانفورد، بعدما سخر من طلبهما رئيس جامعة هارفرد"؟ 
 
لا صحة لهذه القصة، مختلقة. 
 
وهذا التأكيد جاء في ستانفورد مغازين stanford magazine، التي نشرت مقالة في عددها لتشرين الثاني- كانون الاول 1998 (هنا)، قالت فيها ان "تلك الرواية خاطئة بالطبع، وفي بعض الأحيان سخيفة. فقد توفي ليلاند جونيور من جراء اصابته بالحمى التيفودية عن عمر يناهز 15 عامًا. ولم يلتحق أبدًا بجامعة هارفرد. وقد زار والداه رئيس جامعة هارفرد تشارلز إليوت، للحصول فحسب على المشورة بشأن وهب جامعة. وربما الأمر الأكثر سخافة هو فكرة أن السناتور ستانفورد، القطب الثري في مجال سكك الحديد، وزوجته ظهرا بملابس رثة". 
 
 
بدورها، أكدت جامعة هارفرد، عبر هارفرد مغازين harvard magazine، ان القصة المتداولة عن العجوزين الريفيين ولقائهما رئيس جامعة هارفرد... "قصة مختلقة"، وفقا لما جاء في مقالة نشرتها في عددها لأيلول - تشرين الأول 2001 (هنا).   
 
 
ما القصة الحقيقية اذاً لتأسيس جامعة ستانفورد؟ 
ترويها الجامعة في موقعها، في القسم المخصص لتاريخها وفي أرشيفها (هنا، هنا، هنا) كالآتي:
 
عام 1876، اشترى قطب السكك الحديدية حاكم ولاية كاليفورنيا ليلاند ستانفورد 650 فدانًا من ال رانشو سان فرنسيسكيتو من أجل منزل ريفي. وبدأ تطوير مزرعة بالو التو ستوك الشهيرة للخيول، التي أصبحت  في ما بعد حرم ستانفورد الجامعي... وكان ليلاند جونيور، الابن الوحيد لليلاند ستانفورد وزوجته جاين لاثروب ستانفورد، يحب الحياة في مرزعة بالو التو. كان يعتني بالكلاب والخيول وعرف كل شيء عن الآلات الزراعية، وبنى سكة حديد مصغرة بطول 400 قدم في المشتل المجاور للمنزل الريفي. 
 
وكانت الأسرة في إيطاليا عام 1884 عندما أصيب ليلاند جونيور بالحمى التيفودية. كان يعتقد أنه يتعافى. لكنّ حياته انتهت في 13 آذار في فندق بريستول في فلورنسا، قبل أسابيع قليلة من عيد ميلاده السادس عشر.

وستانفورد الأب، الذي بقي بجانب سرير نجله ليلاند جونيور بشكل مستمر، غرق في نوم مضطرب في صباح اليوم الذي مات فيه الصبي. فلما أفاق، التفت إلى زوجته وقال: "أطفال كاليفورنيا سيكونون أطفالنا". وكانت هذه الكلمات البداية الحقيقية لجامعة ستانفورد".
 
وقد عاد آل ستانفورد إلى أميركا في ايار. وقبل الانتقال إلى بالو ألتو، زارا معاهد كورنيل وييل وهارفرد وماساتشوستس للتكنولوجيا. وتحدثا الى الرئيس إليوت من جامعة هارفرد حول ثلاث أفكار: تأسيس جامعة في بالو ألتو، أو مؤسسة كبيرة في سان فرنسيسكو تجمع بين قاعة محاضرات ومتحف، أو مدرسة فنية. وسألاه اي من تلك الافكار هي المرغوبة أكثر، فأجابهما تأسيس جامعة. 
 
 
 
ثم سألته السيدة ستانفورد عن قيمة المنحة المالية لتأسيس جامعة، إضافة الى حجم الأراضي وعدد المباني لإنشائها، فأجاب بما لا يقل عن 5 ملايين دولار. وتبع ذلك صمت، وعلت وجه السيدة ستانفورد ملامح جدية. أخيرًا، قال السيد ستانفورد بابتسامة: "حسنًا، جاين، يمكننا تدبير ذلك أليس كذلك؟" وأومأت السيدة ستانفورد موافقة. واستقر رأيهما على إنشاء جامعة عظيمة...". 
 
في 1 تشرين الاول 1891، فتحت جامعة ستانفورد أبوابها بعد ست سنوات من التخطيط والبناء. وقد هدف ليلاند وجاين ستانفورد من خلال تأسيسها "تعزيز المصلحة العامة من خلال ممارسة التأثير لمصلحة الإنسانية والحضارة". و"قد أرادا مع الرئيس المؤسس ديفيد ستار جوردان أن تكون جامعتهما الجديدة غير طائفية، مختلطة التعليم، وبأسعار معقولة، لتخريج أشخاص مثقفين ومفيدين، ولتدريس الفنون الليبرالية التقليدية والتكنولوجيا والهندسة التي كانت تغير أميركا بالفعل".
 
النتيجة: اذا، لا صحة للقصة المزعومة عن "عجوزين ريفيين، بثياب بسيطة، اسّسا جامعة ستانفورد الاميركية العريقة، بعدما سخر من طلبهما رئيس جامعة هارفرد". وبالنسبة الى الصورة المرفقة بها، فإنها لا تظهر "العجوزين الريفيين" المزعومين، بل الثنائي دون وماكسين سمبسون، اللذين جمعهما الموت بفارق 4 ساعات فقط عام 2014، بعدما جمعتهما الحياة طيلة 62 عاماً، وفقاً لتقارير اعلامية. 
 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium