النهار

"من أنتم؟... ردّ ناري لإردوغان على حرق المصحف بالسويد"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#
هالة حمصي
المصدر: النهار
"من أنتم؟... ردّ ناري لإردوغان على حرق المصحف بالسويد"؟ إليكم الحقيقة FactCheck#
لقطة شاشة من الفيديو المتناقل بالمزاعم الخاطئة (تويتر).
A+   A-
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متكلما، بينما تعالى تصفيق حار في القاعة. فيديو يتناقله مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي، بمزاعم انه يظهر "إردوغان وهو يرد ردا ناريا على حرق نسخة من القرآن الكريم في ستوكهولهم" أخيرا. غير أنّ هذا الزعم غير صحيح. في الواقع، هذا الفيديو قديم، بحيث يعود الى 8 ايار 2018. وكان إردوغان ينتقد فيه مطلب شخصيات فرنسية بحذف آيات من القرآن يومذاك. FactCheck#
 
 
"النّهار" دقّقت من أجلكم  
 
 
ما القصة؟ 
1.43 دقيقة مدة الفيديو. المشاهد تظهر إردوغان خطيباً. وقد ارفق كلامه بترجمة عربية جاء فيها (من دون تدخل): "لكن هؤلاء ليس لديهم رغبة تعلم الحقائق اطلاقا. ليعلم العالم الغربي أننا لن نرد على اعتداءاتكم لكتابنا المقدس بالمثل لكننا سنفضحكم. فلتعملوا هذا ايضا. من أنتم حتى تعتدوا على قرآننا الكريم، نحن نعلم مستوى الدناءة التي أنتم فيه... هذا ما قمتم به وما زلتم تقومون به في أماكن أخرى...".

على نطاق واسع، ينتشر الفيديو عبر حسابات (هنا، هنا، هنا، هنا...)، وايضا في مواقع (هنا، هنا...). وقد أرفق بتعليق: "من أنتم؟... رد ناري من إردوغان على واقعة حرق المصحف بالسويد"، وايضا "إردوغان يصف الغرب والسويديين الذين احتفلوا بحرق نسخة ورقية للقرآن الكريم بالدناءة ويتوعد بفضحهم". 
 

 
- حرق نسخة من القرآن... وتوتر - 
تزامن انتشار هذا الفيديو بهذه المزاعم مع تنفيذ اليميني المتطرف السويدي الدانماركي راسموس بالودان وعيده باحراق نسخة من القرآن الكريم أمام سفارة تركيا في ستوكهولم، السبت 21 كانون الثاني 2023 (هنا)، وسط حماية أمنية مشددة وخلف حواجز للشرطة، بحسب مراسل وكالة فرانس برس، في خطوة تهدف إلى التنديد بالمفاوضات التي تجريها ستوكهولم مع أنقرة بشأن انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
 
وقد اثار حرق المصحف غضب تركيا التي الغت السبت زيارة مقررة لوزير الدفاع السويدي، ليشتد التوتر بين الجانبين فيما تسعى السويد إلى إقناع تركيا بعدم عرقلة انضمامها الى حلف الناتو (هنا، هنا، هنا، هنا). واستنكرت دول مسلمة عدة حرق القرآن، بينما تجمّع عشرات في تركيا السبت أمام قنصلية السويد في اسطنبول للتعبير عن احتجاجهم (هنا).

من جهته، استنكر رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون الأحد 22 منه ما وصفه بأنه "عمل غير محترم للغاية"، غداة حرق القرآن في ستوكهولم، معبّراً عن "تعاطفه" مع المسلمين بعد موجة إدانات في العالم الإسلامي (هنا).
 
 
 - حقيقة الفيديو -
غير ان المقطع المتناقل للرئيس إردوغان لا علاقة له بكل هذه التطورات، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقته. 
 
فالبحث عنه، بتجزئته الى مشاهد ثابتة (Invid)، يضعنا امام هذا الحساب في يوتيوب الذي نشره ضمن فيديو بنسخة أطول (2.38 دقيقتان) في ايار 2018، بعنوان: إردوغان يرد على فرنسا التي طالبت بحذف سور من القرآن الكريم (هنا ايضا). 
 
 
انطلاقا من هذه المعلومات، نتوسّع في البحث، بحيث نعثر على المقطع ذاته منشورا في فيديو بنسخة أطول في موقع وكالة Getty Images (هنا)، في 8 ايار 2018، بعنوان: "إردوغان ينتقد مطالب فرنسية بتغيير القرآن". ويمكن مشاهدته في التوقيت 0.08. 
 
 المصدر وكالة الأناضول التركية.
 
 
وكتبت وكالة Getty Images مع الفيديو: "قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم الثلثاء 8 ايار 2018، إننا لن ننحدر إلى مستوى منتقدي الإسلام في فرنسا من خلال مهاجمة قيمهم المقدسة، منتقدًا الاقتراح الفرنسي بحذف بعض الآيات القرآنية. وقال في كلمته أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه، إن الـ300 كاتب وسياسي فرنسي الذين وقعوا البيان "من الواضح أنهم لا يعرفون شيئًا عن القرآن". "أتساءل عما إذا كانوا قرأوا كتابهم المقدس، أو التوراة [اليهودية]، أو الزبور [المسلم]. إذا قرأوها، فأعتقد أنهم يريدون حظرها. لكن ليس لديهم مثل هذا القلق".
 
وصرح بأن "تركيا حذرت مرات عدة الدول الغربية من مناهج مناهضة للدين وكراهية الأجانب والفاشية". وأضاف: "حتى لو هاجمتم كتابنا المقدس، فلن نفعل الشيء نفسه... لن ننحدر إلى مستواكم ونهاجم قيمكم المقدسة".
 
في الواقع، تداولت مواقع اخبارية عدة يومذاك تصريحات اردوغان تلك (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...). وجاء فيها ايضا: "قبل كل شيء، من أنتم حتى تهاجموا قيمنا المقدسة؟ نحن نعلم بالفعل مدى خستكم... نعرف ذلك لأنكم هاجمتم قيم الإسلام في كل مكان، وأنتم تفعلون ذلك (مرة أخرى) نحن نعرفكم منذ وقت طويل، ولكن مهما فعلتم بنا، فإننا لن نهاجم الأشياء التي تحملونها بمثل لغتكم، ذلك لأننا لسنا حقراء مثلكم".
 
وكانت رسالة مفتوحة نشرت بتاريخ 22 نيسان 2018 في صحيفة "لو باريزيان" وقعتها نحو 300 شخصية، ذكرت ان عددا من الآيات تدعو الى "قتل اليهود والمسيحيين والكفار ومعاقبتهم"، ودعوا الى حذفها باعتبار انها اصبحت "غير مناسبة للوقت الحالي".

وكان بين الموقعين على الرسالة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء السابق مانويل فالس اضافة الى العديد من المفكرين والشخصيات العامة، وفقا لما أوردت وكالة فرانس برس (هنا).
 
وطالب الموقعون بان "تعلن السلطات الدينية ان آيات القرآن التي تدعو الى قتل اليهود والمسيحيين والكفار ومعاقبتهم باطلة، كما حدث في عدم التجانس في الكتاب المقدس ومعاداة السامية الكاثوليكية التي الغاها (مجلس) الفاتيكان الثاني، كي لا يتمكن اي شخص من الاعتماد على نص مقدس لارتكاب جريمة".  
 
وقد قوبلت هذه العريضة باستنكار في تركيا ومن قيادات اسلامية عديدة. 
 
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الفيديو المتناقل يظهر "إردوغان وهو يرد ردا ناريا على حرق نسخة من القرآن الكريم في ستوكهولهم أخيرا". في الواقع، هذا الفيديو قديم، بحيث يعود الى 8 ايار 2018. وكان إردوغان ينتقد فيه مطلب شخصيات فرنسية بحذف آيات من القرآن يومذاك.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium