يتناقل مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي فيديو بمزاعم انه يظهر "تفريغ الطاقة الكهرومغناطيسية العالية، عبر برنامج هارب، قبل وقوع الزلزال" المدمر في تركيا الاثنين 6 شباط 2023. غير أنّ هذا الزعم غير صحيح. في الواقع، الفيديو يعود إلى إطلاق شركة سبيس اكس SpaceX صاروخ فالكون 9- Falcon 9- من قاعدة فاندنبرغ الجوية بالقرب من سانتا باربرا في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، في 7 تشرين الأول 2018. وبالنسبة الى برنامج HAARP (هارب)، فـ"لا يمكن أن يكون مسؤولاً عن الزلزال في تركيا أو في أي مكان آخر في العالم، لأنه لا يملك مثل هذه القدرات"، على ما أكد خبراء. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
ما القصة؟
40 ثانية فقط. المشاهد الليلة تظهر ضوءين في السماء، سرعان ما يتحرك أحدهما بحركة لولبية تخلّف تموّجات، قبل ان يكمل انطلاقه في الفضاء. وقد تكثف التشارك في الفيديو أخيراً، عبر حسابات (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...)، أرفقته بالمزاعم الآتية (من دون تدخل او تصحيح): "حسب المصدر هذا الفيديو قبل زلزال تركيا الاول بتاريخ 06/02/2023. شاهد تفريغ الطاقه الكهرومغناطيسيه العاليه عبر منظومة هارب المرسله من السويد الى الأينوسفير الى تركيا. صدفة؟...".
جاء انتشار الفيديو في وقت أدت الزلازل الأخيرة إلى مقتل 42310 أشخاص في تركيا و3688 في سوريا، أي ما مجموعه 45998 قتيلا وفق الحصائل الأخيرة المتوافرة، على ما ذكرت وكالة فرانس برس في تقرير. وسجلت آفاد الثلثاء وقوع ما مجموعه 7242 هزة ارتدادية منذ السادس من شباط.
وقد فتحت السلطات التركية 564 تحقيقاً يستهدف مطوّري بناء ومقاولين انهارت مبانيهم من جراء الزلزال، بحسب ما أكد وزير الداخلية سليمان صويلو، موضحا أنه "تم تحديد 564 مشتبهاً فيهم حتى الآن، سُجن 160 منهم، وهناك 18 رهن الاحتجاز، وأطلق 175 مع إبقائهم قيد المراقبة القضائية".
غير ان الفيديو المتناقل لا علاقة له بتركيا او بالزلزال فيها، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقته.
فالبحث عن المقطع، بتجزئته الى مشاهد ثابتة (Invid)، يوصلنا الى خيوط (مثل هنا، هنا، هنا، هنا) تقودنا الى هذه المشاهد في فيديو أطول نشره هذا الحساب في يوتيوب، في 9 تشرين الاول 2018، لإطلاق شركة سبيس اكس SpaceX صاروخ فالكون 9- Falcon 9 من قاعدة فاندنبرغ الجوية بالقرب من سانتا باربرا في كاليفورنيا، في 7 تشرين الاول 2018.
ويمكن مشاهدة المقطع المتناقل ابتداء من التوقيت 2.22 في الفيديو الاصلي ادناه، بحيث يتبيّن ايضا انه تم قلب مشاهده الى اليسار عموديا.
وتأكيداً لذلك اجرينا لكم مقارنة بين لقطتين من المقطع المتناقل (ادناه الى اليمين)، والفيديو الأصلي (الى اليسار).
في ذلك اليوم، أطلقت شركة سبيس اكس المملوكة لرجل الأعمال إيلون ماسك صاروخها فالكون 9 من قاعدة فاندنبرغ الجوية فى ولاية كاليفورنيا على بعد 254 كيلومتر شمال لوس أنجلوس من أجل توصيل القمر الصناعى SAOCOM-1A الى المدار الخاص بوكالة الفضاء الوطنية الأرجنتينية. وقد تمكن من الهبوط بأمان إلى الأرض بعد اتمام مهمته بنجاح، وفقا لتقارير اعلامية (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...).
هل لبرنامج الشفق النشط عالي التردد (هارب) اي علاقة بزلزال تركيا او غيره من الزلازل؟
كلا.
HAARP (هارب) هو اختصار لـHigh Frequency Active Auroral Research Program أو برنامج الشفق النشط عالي التردد. وهو "مسعى علمي يهدف إلى درس خصائص الأيونوسفير وسولكه"، وفقا لما عرّفت به جامعة ألاسكا فيربانكس.
و"الأيونوسفير يمتد من نحو 50 إلى 400 ميل فوق سطح الأرض، على حافة الفضاء مباشرة. وهو يشكل، إلى جانب الغلاف الجوي العلوي المحايد، الحدود بين الغلاف الجوي السفلي للأرض - حيث نعيش ونتنفس - وفراغ الفضاء"، وفقا لوكالة الفضاء الاميركية (الناسا).
و"قد تم نقل تشغيل مرفق البحث من سلاح الجو الأميركي إلى جامعة ألاسكا فيربانكس في 11 آب 2015، مما سمح لـ"هارب" بـ"الاستمرار في استكشاف ظواهر الغلاف الأيوني عبر اتفاقية تعاونية للبحث والتطوير في استخدام الأراضي".
وأكدت جامعة ألاسكا فيربانكس انه "لا يمكن هارب التحكم في الطقس او التلاعب به" (هنا). وتشرح: "لا يتم امتصاص موجات الراديو في نطاقات التردد التي يرسلها هارب في طبقة التروبوسفير أو الستراتوسفير- وهما مستويان من الغلاف الجوي ينتجان طقس الأرض. ونظرًا إلى عدم وجود تفاعل، لا توجد طريقة للتحكم في الطقس.
نظام هارب هو في الأساس جهاز إرسال لاسلكي كبير. وتتفاعل موجات الراديو مع الشحنات والتيارات الكهربائية، ولا تتفاعل بشكل كبير مع طبقة التروبوسفير. علاوة على ذلك، إذا كانت العواصف الأيونوسفيرية التي تسببها الشمس نفسها لا تؤثر على الطقس السطحي، فليست هناك فرصة لأن يتمكن هارب من ذلك أيضاً...".
وقد أكد ايضا العديد من الخبراء لوكالة رويترز أن "هارب لا يمكن أن يكون مسؤولا عن الزلزال في تركيا أو في أي مكان آخر في العالم، لأنه لا يملك مثل هذه القدرات".
وقالت جيسيكا ماثيوز، مديرة برنامج هارب في جامعة ألاسكا فيربانكس، لرويترز، إن "معدات البحث في موقع هارب لا يمكن أن تخلق أو تضخم الكوارث الطبيعية". واضافت: "الزلزال الأخير والخسائر المأسوية في الأرواح في تركيا تسلط الضوء على الدمار الذي يمكن أن تسببه الكوارث الطبيعية".
بدوره، أوضح ديفيد هايسل، أستاذ الهندسة في جامعة كورنيل، ان "هارب جهاز إرسال لاسلكي أكبر من معظم أجهزة الإرسال اللاسلكية الأخرى، وليس من الممكن نظرياً أن يتسبب بزلازل".
وشرح ديفيد مالاسبينا، وهو عالم أبحاث في مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء (LASP) بجامعة كولورادو بولدر، أن موجات راديو هارب تشبه محطة بث إذاعي قوية AM، ولا توجد آلية معروفة يمكن من خلالها أن يتسبب البث الإذاعي AM بحدوث زلزال". وقال لرويترز إن "هذا النوع من موجات الراديو يخترق الارض بأقل من 1 سنتم، في حين أن الزلازل أعمق بكثير. لقد نشأ زلزال تركيا على عمق 17 كلم تقريبا".
كذلك، اشار توشي نيشيمورا، الأستاذ المساعد في الهندسة الكهربائية وهندسة الكمبيوتر في جامعة بوسطن، إلى أن موجات الراديو الاصطناعية يمكن أن تزعج الغلاف الجوي العلوي محليا، لكنها يمكن مقارنتها بالاضطراب الذي تسببه الشمس. وقال إنه ليس على علم بأي دليل علمي على أن "الموجات الاصطناعية يمكن أن تخلق اضطرابات أقوى بكثير وتؤثر على الظروف الزلزالية المحلية".
علاوة على ذلك، "لا توجد حالياً تقنية لإطلاق موجات الراديو من الأرض وضرب مدينة على وجه التحديد"، على قوله. و"لا يبدو أنه من الممكن أن تؤثر موجات الراديو على الظروف الزلزالية البعيدة".
نقطة اضافية. "لا يمكن هارب إحداث بروق"، على قول هايسل، وذلك خلافا للادعاءات الواردة في مقطع الفيديو المتناقل، والتي تزعم أن ضربات البرق "ليست طبيعية في الزلازل".
وقالت جيمسينا سيمبسون، أستاذة الهندسة الكهربائية وهندسة الكمبيوتر في جامعة يوتا لرويترز، إن الظاهرة المعروفة باسم أضواء الزلازل هي في الواقع "شائعة إلى حد ما" ، على الرغم من "أنني لست على علم بأن ضربات البرق مرتبطة بعمليات هارب".
بدوره أوضح نيشيمورا إن أضواء الزلازل "تحصل بواسطة شرارات في خطوط الكهرباء أو شبكات الطاقة عندما تتعطل بسبب الزلازل"، وهذا على الأرجح ما كان مرئياً في مقطع الفيديو المتناقل. وقال إنه ربما لم تكن هناك ضربات برق في الفيديو المتناقل. "الاضواء سرعان ما أعقبها انقطاع التيار الكهربائي"، على ما أضاف، مقترحاً ان الأضواء كانت "مرتبطة بخط الكهرباء وانقطاع شبكة الكهرباء".
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الفيديو المتناقل يظهر "تفريغ الطاقة الكهرومغناطيسية العالية، عبر برنامج هارب قبل وقوع الزلزال في تركيا"، الاثنين 6 شباط 2023. في الواقع، الفيديو يعود إلى إطلاق شركة سبيس اكس صاروخ فالكون 9 من قاعدة فاندنبرغ الجوية بالقرب من سانتا باربرا في كاليفورنيا في 7 تشرين الاول 2018. وبالنسبة الى برنامج HAARP (هارب)، فـ"لا يمكن أن يكون مسؤولاً عن الزلزال في تركيا أو في أي مكان آخر في العالم، لأنه لا يملك مثل هذه القدرات"، على ما أكد خبراء.
المنطقة وسط أجواء أو تفاعلات حربية مع هوكشتاين ومن دونه، لذا ليس في جعبته ما يعطيه للبنان، كما ليس لأي أحد ما يعطيه للفلسطينيين في هذه الظروف والمعطيات.