يتناقل مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي صورة بمزاعم أنّها تُظهر "إنقاذ طفل قبالة شواطئ طرطوس" بعد كارثة غرق المركب غير الشرعيّ الذي كان يقلّ مهاجرين الخميس 22 أيلول 2022، والتي راح ضحيّتها 92 شخصاً على الأقلّ. غير أنّ هذا الادعاء غير صحيح. في الواقع الصورة قديمة، إذ تعود إلى 19 أيار 2021، وتُظهر عنصراً من الحرس المدني الإسبانيّ وعضو المجموعة الخاصة للأنشطة تحت الماء (GEAS) في مدينة سبتة المغربيّة، يحمل رضيعاً خارج الماء بعد غرق مركب مهاجرين غير شرعيّ. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
الوقائع
تُظهر الصورة رجلاً ينتشل طفلاً من الماء وبقربه حلقة طوق نجاة. ومنذ ساعات، تكثّف التشارك فيها عبر صفحات وحسابات (
هنا،
هنا،
هنا،
هنا...)، مرفقة بتعليقات عن "مركب الموت في طرابلس" شمال لبنان، و"ظلم موصوف بحقّ هؤلاء الأطفال الذين يصارعون الموت عرض البحر".
التدقيق
يتزامن انتشار الصورة مع بدء التحضير لإجراءات التعرّف على هوية ضحايا المركب، الذين لا يزالون في براد مستشفى الباسل في طرطوس، ولم يتمكّن ذووهم من التعرّف عليهم نظراً للتشوّهات الكبيرة، وبات لزاماً إجراء فحوصات الحمض النووي لتأكيد هوية كلّ ضحيّة وتسليمها تباعاً.
ومنذ إعلان غرق المركب عصر الخميس قبالة شواطئ طرطوس، والتي راوحت التقديرات بشأن عدد ركابه بين 100 شخص و150 شخصاً من لبنانيين ولاجئين سوريّين وفلسطينيّين، ترتفع حصيلة الضحايا تباعاً. ولم تتضح بعد ملابسات غرق المركب الذي كانت وجهته إيطاليا.
من جهتها، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أنّ عشرة أطفال لقوا مصرعهم في الحادثة وفق تقارير أوليّة. واعتبرت في بيان أنّه "كما هو الحال في عدد من البقع في المنطقة، يعيش الناس في لبنان وسط ظروف قاسية تؤثّر على الجميع، ولكنّها أكثر قسوة بشكل خاص على الأشخاص الأضعف".
حقيقة الصورة
غير أنّ الصورة المتناقلة لا علاقة لها بهذه التطورات، وفق ما يتوصّل إليه تقصّي حقيقتها.
فالبحث العكسيّ عنها يقودنا إلى خيوط (
هنا،
هنا...)، توصلنا إلى مصدرها الرئيسيّ، حساب "نقابة ضباط الحرس المدني" الإسبانيّة على "تويتر"، التي نشرتها في 19 أيار 2021 (
هنا)، مع شرح بالكتالونية: "غواص من الحرس المدني ينقذ طفلاً في سبتة".
في مقابلة مع صحيفة "
El Pais" الإسبانيّة اليوميّة، قال الغطاس خوان فرانسيسكو فالي: "لم أكن أعرف ما إذا كان (الطفل) حيًاً أم ميتاً. كان متجمّداً وبارداً ولم يتحرّك". وقد ذكرت وسائل إعلام محلّية أنّ الطفل الذي كان يبلغ من العمر شهرين يوم الحادثة "بصحة جيّدة".
وشرح فالي أنّ عمله "يقوم عادةً على انتشال الجثث من المياه، سواء في البحر أو المستنقعات أو النهر"، مضيفاً: "لكنّنا هذه المرة أنقذنا أحياء من الأعمار جميعها وفي الظروف جميعها". وأكّد أنّ الجزء الأصعب بالنسبة له كان "التمييز بين الأشخاص الموجودين في الماء الذين هم في أمسّ الحاجة إلى المساعدة".
واجهت إسبانيا في بداية الأسبوع الذي شهد غرق المركب موجة هجرة غير مسبوقة على خلفية الأزمة الديبلوماسية بين إسبانيا والمغرب يومذاك. وقبل يومين من الحادثة، وصل نحو 8 آلاف شخص - وقد كان رقماً غير مسبوق - إلى سبتة، مستفيدين من تخفيف الضوابط الحدودية على الجانب المغربيّ. من بينهم 5 آلاف و600 شخص رُحّلوا بالفعل إلى المغرب، بحسب محافظة سبتة.