المتداول: فيديو مصوّر، وفقاً للمزاعم، في "أحد مخيمات النازحين السوريين في لبنان، ويظهر فيه اطفال تكفيريون يهددون بالقتل والذبح"، بما يثير ردود فعل في وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان، و"هذا خطير"، وفقاً لتعليقات.
الا أنّ هذا الادعاء غير صحيح.
الحقيقة: المشاهد صوّرتها قناة "العربية" في مخيّم الهول شمال شرق سوريا لعوائل تنظيم "الدولة الاسلاميّة"، وقد عرضتها في آذار 2021. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
ما القصة؟
1.24 دقيقة. المشاهد تظهر اطفالا وقفوا قرب خيام، بينما كانت سيدة تحادثهم. "تاع خود المايكروفون..."، على ما تقول، مسلمة اياه الى أحد الاشخاص. ثم تقترب من الاطفال قائلة (من دون تدخل): "انا لا احمل شيء. تعالوا تحدثوا اليّ. لماذا انا كافرة؟ لماذا تقولون عني كافرة؟ انا هنا لمساعدتكم".
طفل: هذا مو حجاب... الحجاب يعني أسود... مو هيك اللون غيرو... عيب عيب
السيدة: عندما تكبر ماذا ستفعل بي وانا لا ارتدي الحجاب؟
طفل: رح نقتلك
السيدة: نعم؟
طفل: سنقتلك... بالسلاح نعد الكفار... رح نذبحك...
التشارك في الفيديو تكثف أخيرا عبر حسابات، لا سيما لبنانية، أرفقته بمزاعم ان هذه المشاهد مصورة في "احد مخيمات النازحين السوريين في لبنان"، و"شو هيدا؟"، وفقا لتعليقات عبّرت عن الاستياء، و"مخيمات النازحين بؤر لتربية التكفيريين وهي ممولة ومدعوة من المنظمات الدولية"، و"هيدا الأمر غير مقبول... شوفوا شو بدن يعملوا فينا بس يكبروا".
كلام صادم يصدر من اطفال يدعونا لاخذ الحيطة مما يمكن ان تتحوّل اليه هذه المخيمات . مخيمات النازحين هي بؤر لتربية التكفيريين وهي ممولة ومدعوة من المنظمات الدولية . pic.twitter.com/MjuWhhC0D9
جاء تداول الفيديو في وقت تفاعلت قضية ترحيل نازحين سوريين الى بلادهم أخيرا، وسط ردود أفعال لبنانية مبرّرة ومتوعدة بالمزيد، وأخرى من منظمات حقوقية تناهض عودة النازحين القسرية.
وقد نقلت وكالة "فرانس برس" (هنا) عن مصادر أمنية وحقوقية، في 21 نيسان 2023، إن السلطات في لبنان رحّلت حوالى خمسين سوريّاً في حوالى أسبوعين وأعادتهم إلى بلادهم التي دمّرتها الحرب.
وقد أكد مصدر أمني لـ"النهار" أن "ثمة لغطاً في الأرقام وفي فهم ما يجري"، موضحاً أن "من يتم ترحيله من المعبر الحدودي الرسمي، يعود خلسه عبر المعابر غير الشرعية ليتم توقيفه مجدداً ثم ترحيله، ويعود السبب الى تداخل جغرافية المنطقة الحدودية وصعوبة السيطرة عليها".
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنّها "تراقب" الوضع، مضيفة أنّها "تواصل الدعوة إلى احترام مبادئ القانون الدولي وضمان حماية اللاجئين في لبنان من الإعادة القسرية".
غير ان الفيديو لا علاقة له بالنازحين السوريين في لبنان، وفقاً لما يتوصل اليه تقصي حقيقته.
فالبحث عنه، بتجزئته الى مشاهد ثابتة (Invid)، يوصلنا الى حسابات (هنا)، نشرته في تموز 2022، بكونه مصورا في أحد مخيمات النازحين في سوريا.
كلمات مفاتيح ننطلق منها، مع اضافة قناة "العربية"، لكون الفيديو يحمل شعارها. فنقع على هذه المشاهد ضمن تقرير (5.17 دقائق) نشرته قناة "العربية" في حسابها في يوتيوب، في 20 آذار 2021 (هنا)، بعنوان: "أطفال داعش يستقبلون موفدة "العربية" بـ"أنتِ كافرة".
ويمكن مشاهدة هذه اللقطات المصورة في التوقيت 2.51 في التقرير اعلاه.
وكتبت القناة مع التقرير: "أطفال داعش يستقبلون موفدة العربية في مخيم الهول بـ"أنتِ كافرة... وسنقتلك"، ويودعونها بالحجارة" (هنا، هنا ايضا).
ومخيّم الهول يقع في شمال شرق سوريا.
يومذاك، حاولت موفدة "العربية" رولا الخطيب الاقتراب من السيدات المتشحات بالسواد للتحدث إليهن، إلا أنهن رفضن حتى الرد عليها. فسألت: "مرحبا... هل ترسلن أولادكن للمدرسة؟ هل هناك مدرسة؟" فلم يأتها أي رد، وفقا لتقرير نشره موقع "العربية" (هنا).
ثم اقتربت من سيدة أخرى تقوم بشواء بعض اللحوم، وسألتها "هذا شغل؟ هل تعملين؟ مرحبا السلام عليكم". ولا حياة لمن تنادي.
فتجولت موفدة "العربية" في المخيم تصطحبها كاميرا العربية للوقوف على أحوال عائلات مقاتلي داعش الذين يعيشون بالمخيم.
واقتربت من بعض الأطفال وسألتهم "أنتم من أين؟"، فرفضوا الرد عليها.
واقتربت من طفلة أخرى تحمل أخاها الصغير وسألتها إذا كانت تذهب إلى المدرسة.. فجاءت الإجابة أخيرا: "لا..." على لسان الطفلة.
ثم استكملت موفدة "العربية" جولتها داخل المخيم محاولة التحدث إلى الأطفال، وأخذت تسأل: "لماذا لا تجاوبون على أسئلتي؟ لماذا لا تريدون التحدث إلي؟".
فجاء الرد غير المتوقع على لسان الأطفال الذين لم تتعد أعمارهم الثالثة والرابعة: "لأنك كافر..".
فسألتهم: "لماذا أنا كافرة؟ لماذا؟"، فرد عليها أحدهم بأنها لا ترتدي الحجاب. ورد آخر: "أنت تقتلين الأخوات!".
فأجابت بأنها لا تحمل السلاح فكيف تقتل الأخوات؟ فرد أحد الأطفال بالقول "معك مسدس"، ثم تبين أنه يتحدث عن الميكروفون ويعتقد أنه سلاح.
وعندما أخبرت موفدة "العربية" الأطفال بأنها موجودة لمساعدتهم، سارعوا لتكذيبها. وقال أحدهم: "روحي أول شيء إلبسي حجاب بعدين تعالي... الحجاب يعني أسود... مو هيك اللون غيرو... عيب".
وحينما سألتهم عما سيفعلون بها إذا لم ترتدي الحجاب، أجاب أحدهم: "رح نقتلك... سنقتلك... بالسلاح نعد الكفار... رح نذبحك...".
وهنا وصل اللقاء الذي لم يتم إلى نهايته، إلا أن الأطفال فضّلوا السلام على الزائرة غير المرغوب فيها في مخيمهم بالحجارة، كي لا تعاود الكرة وتحاول زيارتهم مجددا.
- توضيح من الخطيب -
بعد انتشار المقطع المصوّر بمزاعم انه مصوّر في أحد مخيمات النازحين في لبنان، نشرت الصحافية رولا الخطيب في حسابها في تويتر، في 24 نيسان 2023، تغريدة (هنا) أكدت فيها "عدم صحة" ما يتم تداوله حوله، موضحة انه "مصوّر في مخيم الهول لعوائل داعش عام 2021 خلال احدى تغطياتي الميدانية في الحسكة شمال شرق سوريا".
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الفيديو المتناقل مصوّر في "أحد مخيمات النازحين السوريين في لبنان. في الواقع، هذه المشاهد صوّرتها قناة "العربية" في مخيّم الهول شمال شرق سوريا لعوائل تنظيم "الدولة الاسلاميّة"، وقد عرضتها في 20 آذار 2021.