يتناقل مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي صورة بمزاعم انها تظهر "تعزيزات عسكرية روسية تتجه إلى أوكرانيا"، وذلك خلال استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا. غير أنّ هذا الادعاء غير صحيح. في الواقع الصورة قديمة، بحيث تعود الى 23 آب 2008، وما تظهره هو "رتل من المركبات المدرّعة الروسيّة شوهد على مشارف تسخينفالي في مقاطعة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية في جورجيا، خلال تحركه في اتجاه أوسيتيا الشمالية الروسية" يومذاك. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
الوقائع: الصورة تظهر رتلا من الآليات العسكرية على طريق. التشارك فيها تكثف أخيرا، عبر صفحات وحسابات، في الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا...)، وتويتر (هنا، هنا، هنا...)، مرفقة بالمزاعم الآتية (من دون تدخل او تصحيح): "تعزيزات عسكرية روسية تتجه إلى أوكرانيا".
التدقيق:
يأتي انتشار الصورة في وقت بوشرت في أربع مناطق تسيطر عليها موسكو في أوكرانيا، الجمعة 23 ايلول 2022، استفتاءات بشأن الانضمام إلى روسيا، فيما أعلنت كييف تقدّم قواتها في شرق البلاد.
والاستفتاءات التي تجري في دونيتسك ولوغانسك بشرق أوكرانيا، كما في منطقتي خيرسون وزابوريجيا الواقعتين جنوبا، أثارت إدانات واسعة واعتبرها حلفاء كييف زائفة، على ما أوردت وكالة فرانس برس. في غضون ذلك، تواصلت تعبئة مئات آلاف جنود الاحتياط الروس بعد تقدّم الجيش الأوكراني الذي يستخدم شحنات الأسلحة الغربية.
اقرأ ايضا- روسيا تجري استفتاءات لضمّ مناطق أوكرانيّة وكييف تعلن تقدّم جيشها في الشرق
غير ان الصورة المتناقلة لا علاقة لها بتطورات الحرب في أوكرانيا، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقتها.
فالبحث العكسي عنها يقودنا أولا الى مواقع (هنا، هنا) نشرتها عام 2012، اي قبل نحو 10 اعوام، مرفقة بوسوم عدة منها القوقاز، حرب، ودبابات T72، بينما يمكن تحميلها مجانا من هذا الموقع (هنا، وهنا، هنا، وهنا ايضا) الذي ينشرها منذ نحو 9 اعوام مرفقة بالوسوم ذاتها. ويمكن ايضا شراءها من هذا الموقع، الذي اضاف ان ما يشاهد فيها هو "دبابات روسية". كذلك، نشرتها حسابات روسية (هنا) عام 2013.
وفي وقت لم يُذكر اي شيء عن مصدر الصورة، نقع على هذه الصفحة في الفايسبوك المخصصة للعبة بالدبابات، والتي نشرتها عام 2014، مع شرح انها تعود الى عام 2008، وتظهر "موكبا من الدبابات الروسية من طراز T-72BR، خلال تراجعه من جورجيا عام 2008".
المعلومة ذاتها، اي ان الصورة تعود الى آب 2008، نعثر عليها في هذا الموقع (هنا)، ولكن مع اضافة مهمة انها "التُقطت في اوسيتيا الجنوبية"، بينما نشرت مواقع صينية الصورة ضمن تقارير عن النزاع بين روسيا وجورجيا عام 2008 (هنا، هنا، هنا، وهنا ايضا...).
- أوسيتيا الجنوبية في آب 2008 -
مزيد من البحث، باستخدام كلمات مفاتيح بالانكليزية، يقودنا هذه المرة الى المصدر الأصلي للصورة، وكالة "اسوشيتد برس" الاميركية، التي نشرتها (هنا)، في 23 آب 2008، مع الشرح الآتي: "رتل من المركبات المدرعة الروسية يتحرك في اتجاه أوسيتيا الشمالية الروسية، شوهد على مشارف تسخينفالي بمقاطعة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية في جورجيا، يوم السبت 23 آب 2008".
واضافت: "غادرت القوات الروسية أجزاء من جورجيا يوم الجمعة (22 آب 2008) كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار".
تصوير: ميخائيل ميتزل Mikhail Metzel/ أ ب.
كذلك، نشرت وكالة "رويترز" صورة مشابهة تماما لصورة "اسوشيتد برس"، في 23 آب 2008 (هنا)، مع شرح أن "رتلا من المركبات المدرعة الروسية يتحرك على طريق في أوسيتيا الجنوبية، قرب الحدود مع أوسيتيا الشمالية، في 23 آب 2008".
ما الذي حصل يومذاك؟
بعد أشهر من التوتر المتزايد ووقوع أعمال حربية على مستوى متدنٍ، تصاعد النزاع بين جورجيا ومنطقة أوسيتيا الجنوبية المنفصلة في الصباح الباكر من يوم 8 آب 2008.
في ذلك اليوم، نفّذت جورجيا هجوما على أوسيتيا الجنوبية الجمهورية الانفصالية الموالية للروس. واندلعت معارك عنيفة بين القوات الأوسيتية والجورجية حول العاصمة تسخينفالي شارك فيها الطيران، في وقت تسجلت عمليات قصف روسية لمدينة غوري الجورجية ومطار مارنيولي العسكري بشرق جورجيا" (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا).
في 10 منه، استمرت المعارك العنيفة في أوسيتيا الجنوبية وعمليات القصف الروسية لممرات كودوري على مرفأ بوتي، ولمطار عسكري قرب تبليسي، بينما أعلنت تبليسي إرسال 1000 جندي روسي إضافي وسفن حربية إلى جورجيا، وفقا لموقع "الجزيرة" (هنا ايضا).
في 11 منه، قُتل أو أصيب جنود روس عدة في قصف جورجي لعاصمة أوسيتيا الجنوبية.
في المقابل قصف الطيران الروسي قاعدة عسكرية في ضاحية العاصمة الجورجية تبليسي. وحلقت أكثر من 50 طائرة للقوات الروسية فوق الأراضي الجورجية وتعرضت العاصمة تبليسي للقصف.
في ذلك اليوم ايضا، أعلن الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف انتهاء العملية العسكرية الروسية، بينما أعلنت القيادة العسكرية الروسية توقف تقدم قواتها، مع بقائها في المواقع التي تمركزت فيها.
كذلك، أعلنت روسيا وجورجيا قبولهما خطة السلام التي عرضها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ونصت على انسحاب كامل من جانب القوات الروسية والجورجية، مع رفض تبليسي مفاوضات لاحقة حول وضع أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
الجمعة 15 منه، وقّع الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي اتفاق وقف إطلاق النار مع روسيا خلال زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي حملت إليه توضيحات من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حول بعض بنود الاتفاق، وعلى رأسها ما يتصل بحق القوات الروسية في القيام بتدابير أمنية إضافية في منطقة النزاع إلى حين وصول المراقبين الدوليين.
السبت 16 منه، وقّع الرئيس الروسي خطة وقف إطلاق النار. الاثنين 18 منه، أكدت
روسيا أنها بدأت سحب قواتها، بينما اتهمتها تبليسي بانتهاك شروط وقف إطلاق النار والتوغل أكثر داخل أراضيها.
الجمعة 22 منه، أعلنت روسيا استكمال سحب قواتها من جورجيا، وبينما نفت ذلك تبليسي. واتهمت واشنطن وباريس موسكو بعدم الالتزام بخطة وقف إطلاق النار.
السبت 23 منه، عرضت هيئة الأركان الروسية خريطة بالمواقع التي ستحتفظ بها القوات الروسية على الطريق الإستراتيجي الواصل بين العاصمة تبليسي والبحر الأسود...
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الصورة المتناقلة تظهر "تعزيزات عسكرية روسية تتجه إلى أوكرانيا". في الواقع الصورة قديمة، بحيث تعود الى 23 آب 2008، وما تظهره هو "رتل من المركبات المدرّعة الروسية شوهد على مشارف تسخينفالي بمقاطعة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية في جورجيا، خلال تحركه في اتجاه أوسيتيا الشمالية الروسية" يومذاك.