استقطبت جريمة ذبح طالبة المنصورة نيرة أشرف اهتماماً واسعاً في مصر ودول عربية عدة، وفي الوقت نفسه شكّلت محور العديد من الاخبار الكاذبة حولها، والتي تكثف انتشارها في الساعات الماضية. في الواقع، لم يتمّ اتخاذ قرار بـ"إعدام قاتل الطالبة أشرف، محمد عادل، في ميدان عام وأمام الكاميرات ليكون عبرة للناس"، كما يزعم منشور. وبالنسبة الى فيديوين يتم تناقلهما بمزاعم أنهما يظهران "لحظة الحكم على القاتل بالاعدام"، فإنهما قديمان، وسياقهما مختلف تماماً. يُشار الى انه لم يصدر بعد حكم على عادل، وقد تمّت إحالته أمس الأحد على محكمة الجنايات "لمعاقبته". FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
بدأت الأحد، 26 حزيران 2022، أولى جلسات محاكمة الشاب المصري محمد عادل الذي أقر بقتل الطالبة نيرة أشرف أمام جامعتها بدلتا النيل شمال القاهرة، بعد رفضها الارتباط به، وذلك في جريمة هزت مصر.
وقد باشرت محكمة جنايات المنصورة، برئاسة المستشار بهاء الدين المري، النظر في أولى جلسات محاكمة المتهم بقتل فتاة المنصورة. وتلت النيابة أمر الإحالة الخاصة بالمتهم، واتهمته بقتل الطالبة نيرة أشرف مع سبق الإصرار لرفضها الارتباط به.
وأمر المستشار حمادة الصاوي، النائب العام، بإحالة المتهم محمد عادل على محكمة الجنايات، لمعاقبته في ما اتهم به من قتل الطالبة المجنى عليها نيرة، عمدا مع سبق الإصرار، بحيث بين النية وعقد العزم على قتلها، وتتبعها حتى ظفر بها أمام جامعة المنصورة، وباغتها بسكين طعنها به طعنات عدة، ونحرها قاصدا إزهاق روحها. وقد جاء قرار الإحالة بعد 48 ساعة على وقوع الحادث (هنا، هنا).
ومنذ وقوع الجريمة ذبح الطالبة أشرف، الاثنين 20 حزيران 2022، أمام جامعة المنصورة، انتشرت منشورات بمزاعم خاطئة، ندقق فيها من أجلكم.
1- هل تمّ اتخاذ قرار بـ"إعدام المتهم في ميدان عام وامام الكاميرات ليكون عبرة للناس"؟
هذا المنشور انتشر بكثافة (هنا، هنا، هنا...) ابتداء من 22 حزيران 2022، اي بعد يومين على وقوع جريمة قتل اشرف. غير أن هذه المزاعم لا اساس لها، ذلك ان محاكمة المتهم محمد عادل لم تكن بدأت بعد في يوم انتشار المنشور.
وفي الجلسة الأولى للنظر في الجريمة، الاحد 26 حزيران 2022، أمر المستشار الصاوي بإحالة المتهم على محكمة الجنايات، لمعاقبته في ما اتهم به من قتل الطالبة المجنى عليها نيرة عمدا مع سبق الإصرار..." (هنا). وهذا يعني ان اي حكم لم يصدر بعد على الجاني.
نقطة اضافية: تنص المادة 473 من قانون الإجراءات الجنائية المصري (هنا، هنا) على أن "عقوبة الإعدام تنفّذ داخل السجن، أو في مكان آخر مستور، بناء على طلب من النائب العام يبيّن فيه استيفاء الاجراءات المنصوص عليها في المادة 470".
وهذا يعني اذاً ان القانون لا يسمح بتنفيذ حكم الاعدام في ميدان عام في مصر.
2 - فيديو لـ"لحظة الحكم بالاعدام على محمد قاتل نيرة"؟
في الساعات الماضية، تكثّف التشارك في مقطع قصير (17 ثانية فقط)، يظهر فيها قاض، على ما يبدو، وهو يعلن ان "المحكمة حكمت حضوريا وباجماع آراء اعضائها بمعاقبة المتهم محمد وجيه علي أحمد بالاعدام شنقا عما نُسب اليه..." (مثل هنا، هنا، هنا، هنا...). وقد أرفقه مستخدمون بمزاعم انه "لحظة الحكم بالاعدام على محمد قاتل نيرة".
غير أن هذا الفيديو لا علاقة له بمحاكمة محمد عادل، قاتل الطالبة أشرف.
أولا، الاسم الذي يتلوه القاضي، كما يُسمَع في الفيديو، هو محمد وجيه علي أحمد. وهو يختلف عن اسم قاتل الطالبة اشرف، محمد عادل.
ثانيا، لم يصدر بعد اي حكم على عادل، كما اشرنا اعلاه. وفي الجلسة الأولى للنظر في جريمة أشرف، الاحد 26 حزيران 2022، أمر المستشار الصاوي بإحالة المتهم على محكمة الجنايات، لمعاقبته في ما اتهم به.
ثالثا، يقودنا البحث عن المقطع المتناقل الى الفيديو الاصلي بنسخة أطول (1.51) منشورا في قناة "اليوم السابع" المصرية في يوتيوب، في 24 تشرين الثاني 2019 (هنا)، بعنوان: "لحظة الحكم بالإعدام لقاتل زوجته مشعل النار بجثتها فى الشرقية".
في ذلك اليوم، صدقت محكمة جنايات الزقازيق بالشرقية، فى جلستها، على قرار مفتي الديار المصرية بالإعدام شنقا للزوج المتهم بقتل زوجته وإشعال النيران بها، على ما أورد موقع اليوم السابع (هنا). وقد صدر الحكم، برئاسة المستشار سامي عبد الحليم غنيم، وعضوية المستشارين وليد مهدي، ومحمد سامي بدة، وسكرتارية خالد إسماعيل.
وفي التفاصيل، تعود أحداث القضية الرقم 8010 لعام 2018 جنايات صان الحجر، ليوم 2 من شهر تموز، عندما تلقى مدير أمن الشرقية إخطاراً من مأمور مركز شرطة صان الحجر يفيد بوصول "عائشة ش ح ج"، ربة منزل مقيمة صان الحجر الى المستشفى العام، جثة هامدة. وتبين قيام "محمد و ع أ"، 26 عاما، مزارع مقيم صان الحجر بإرتكاب الواقعة.
وكشفت التحقيقات التى قام بها الرائد أحمد سليم، رئيس مباحث صان الحجر، أنه بعد خلافات سابقة بين المتهم وزوجته عائشة، شد وثاقها بالحبال داخل غرفة النوم، وانهال عليها ضربا وأحضر أسطوانة الغاز وأشعل النيران بمحتويات الشقة، قاصدا قتلها لإخفاء جريمته، حيث أفتعل الحروق بالمجنى عليها لإخفاء أثار الضرب بها، وتم القبض عليه وأحالته النيابة العامة بتهمة القتل العمد، على محكمة جنايات الزقازيق التي أصدرت قرارها بإحالة أوراق قضيته على مفتي الديار المصرية".
3 - فيديو آخر لـ"لحظة الحكم بالاعدام على محمد قاتل نيرة"؟
على غرار الفيديو السابق، تظهر مشاهد قصيرة متناقلة (23 ثانية، مثل هنا) قاضيا، على ما يبدو، وهو يعلن ان "المحكمة حكمت حضوريا وباجماع الآراء بمعاقبة ابراهيم محمود ابراهيم الرفاعي وصحة اسمه ابراهيم محمود ابراهيم ابراهيم بالاعدام شنقا عن الاتهام المسند اليه...".
غير ان هذا الفيديو، على غرار السابق، لا علاقة له بجريمة قتل أشرف.
فالبحث عن الاسم ابراهيم محمود ابراهيم الرفاعي، الذي يذكره القاضي في المقطع المتناقل (وهو يختلف تماما عن اسم قاتل أشرف، محمد عادل)، يقودنا فورا الى الفيديو الاصلي منشوراً بنسخة أطول (1.38 دقيقة) لدى قناة اليوم السابع في يوتيوب، من زاوية أخرى (هنا)، في 1 حزيران 2017، بعنوان: جنايات المنصورة تقضي بالإعدام شنقا لمغتصب "طفلة البامبرز".
وفي التفاصيل، قضت يومذاك محكمة جنايات المنصورة الدائرة الحادية عشر، برئاسة المستشار مختار مختار شلبي وعضوية المستشارين محمد كمال الخولي وراغب محمد رفاعي، وبإمانة سر محمد عيسى، بالحكم بإعدام المتهم باغتصاب الطفلة جنا والمعروفة إعلاميًا باسم طفلة البامبرز (هنا).
وترجع أحداث هذه القضية بتعرض الطفلة جنا محمد السيد (20 شهرًا) إلى عملية خطف واغتصاب على يد إبراهيم إبراهيم محمود الرفاعي (34 عاما) عاطل بقرية ديملاش التابعة لمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية، خلال لهوها أمام منزلها. وقد شاهدت الواقعة إحدى جارات الطفلة، واستدعت والدتها وأخبرتها بالواقعة. وبعد البحث عن الطفلة وجدتها فى منزل المتهم، وقد أصيبت بنزف حاد تم نقلها إلى المستشفى، وتم ضبط المتهم حال هروبه".
وفي تشرين الثاني 2018، قضت محكمة النقض، وهي أعلى محكمة مصرية، بتأييد حكم الإعدام الصادر بحق الرفاعي (هنا).
- محكمة الثلثاء -
يشار الى ان الجلسة المقبلة في محاكمة قاتل الطالبة أشرف مقرّرة غدا الثلثاء، وفقا لما قال محامي المتهم أحمد حمد لوكالة "فرانس برس" في محكمة جنايات المنصورة بمحافظة الدقهلية.
وقد سمحت السلطات لوسائل الإعلام بتصوير هذه المحاكمة في واقعة لا تتكرر كثيرا في قضايا العنف ضد المرأة، بعد ما أثارته القضية من جدل وغضب على منصات التواصل الاجتماعي (أ ف ب).