المتداول: فيديو يظهر، وفقاً للمزاعم، "برقاً قبل الزلزال في المغرب، وهو السلاح الذي تسبّب به".
الا أنّ هذا الزعم غير صحيح.
الحقيقة: هذه المشاهد ليست حقيقية، لكونها تلاعبا رقميا انجزه ونشره جاي هايداوي Jay Hideaway في حساباته عام 2020. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
ما القصة؟
9 ثوان فقط. المشاهد تظهر وميضا أبيض في السماء ليلا، بينما بدت مركبة وهي تدور في مكانها قبل ان تقف فوق نور قوي. منذ ساعات تكثف التشارك في الفيديو عبر حسابات أرفقته بالمزاعم الآتية (من دون تدخل): "ظهور برق كبير قبل الزلزال في المغرب. هذا هو السلاح الذي تسبب بالزلزال. مشروع هارب".
وسبق ان انتشر الفيديو، قبل اشهر، بمزاعم انه يظهر "برقا كبيرا قبل الزلزال في تركيا"، وايضا "مشاهدة صحن طائر".
- زلزال مدمر في المغرب -
جاء تداول الفيديو في وسائل التواصل الاجتماعي في وقت ضرب زلزال حُدّد مركزه في إقليم الحوز، هذه المنطقة الجبلية الواقعة بجنوب مدينة مراكش. الساعة 23,11 (22,11 ت غ) ليل الجمعة 8 ايلول 2023. وبلغت قوته 6,8 درجات بحسب المعهد الجيوفيزيائي الأميركي، و7 بحسب المركز الوطني للبحث العلمي والتقني المغربي، وفقا لما ذكرت وكالة فرانس برس.
وقد ارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال إلى أكثر من 2100 قتيل إلى حدود عصر الأحد. وأعلنت وزارة الداخلية المغربية في بيان "في حصيلة موقتة، إلى حدود الساعة الرابعة مساء (15,00 ت غ)، بلغ عدد الوفيات الذي خلفته الهزة الأرضية 2122 شخصا". وسجلت أكبر حصيلة للضحايا في إقليم الحوز (1351) جنوب مراكش حيث تم تحديد بؤرة الزلزال.
- حقيقة الفيديو -
الا ان الفيديو المتناقل لا علاقة له بزلزال المغرب، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقته، وله سياق مختلف تماما.
فالبحث عنه، بتجزئته الى مشاهد ثابتة (Invid)، يقودنا عبر محرك Yandex، الى خيوط (مثل هنا)، توصلنا الى مصدره الاصلي، جاي هايداوي Jay Hideaway، الذي نشره في حسابيه في تيك توك في 1 ايار 2020 (هنا) وفي يوتيوب في 30 آب 2020 (هنا)، مع تعليق "أولا جائحة، والآن كائنات فضائية؟!".
ومع ان هايداوي لا يشير الى التقنية الرقمية التي استخدمها لانجاز الفيديو، الا ان حسابيه في تيك ويوتيوب يزخران بفيديوات رقمية بمشاهد خيالية، غير حقيقية. في احدها نشاهد انفجار الشمس، وفي آخر هجوما لتنين، وفي ثالث نيزكا يضرب القمر (هنا، هنا، هنا، هنا...).
- البرق الزلزالي -
واذا كان الفيديو المتناقل غير حقيقي، الا ان لقطات أظهرت ومضات ضوء أزرق في السماء خلال وقوع الزلزال في المغرب (هنا).
وهذه الاضواء الزلزالية "النادرة الحدوث"، "تأخذ مختلف الأشكال والألوان"، على قول فريدمان فرويند، الأستاذ المساعد في الفيزياء لدى جامعة سان خوسيه وأحد الباحثين لدى وكالة "ناسا"، في مقابلة مع "ناشيونال جيوغرافيك" عام 2014 (هنا، هنا).
وقد نشر فرويند نتائج بحثية توصل إليها وزملاؤه في دورية "سيزمولوجيكال ريسيرتش ليترز" (Seismological Research Letters)، تفيد بأنه عند تحليل 65 حادثا ضوئيا للزلازل، افترضوا أنها ناتجة من الشحنات الكهربائية التي يتم تنشيطها في أنواع معينة من الصخور خلال النشاط الزلزالي، "كأنك أوصلت بطارية بالقشرة الأرضية"، على قوله (هنا).
و"يذكر المقال أن صخور البازلت والغابرو، على سبيل المثال، تحتوي على شوائب صغيرة في بلوراتها يمكن أن تطلق شحنات كهربائية في الهواء، وقد قدّر العلماء أن الظروف التي أدت لنشوء الأضواء موجودة في أقل من 0.5% فقط من الزلازل في جميع أنحاء العالم، وهو ما يفسر سبب ندرة هذه الزلازل نسبيا، كما أشاروا إلى أن أضواء الزلزال تظهر بشكل أكثر شيوعا قبل الزلازل أو خلالها، وليس بعدها".
و"يرى مؤلفو الدراسة أنه خلال الزلزال، يولد ضغط الصخور التي تتصادم شحنات كهربائية تنتقل صعودا على طول الصدوع الجيولوجية شبه العمودية الشائعة في مناطق الصدع، وعندما تصل الشحنات إلى سطح الأرض وتتفاعل مع الغلاف الجوي، فإنها تخلق توهجا" (هنا).
هل لبرنامج الشفق النشط عالي التردد (هارب) اي علاقة بالزلازل؟
كلا.
HAARP (هارب) هو اختصار لـHigh Frequency Active Auroral Research Program أو برنامج الشفق النشط عالي التردد. وهو "مسعى علمي يهدف إلى درس خصائص الأيونوسفير وسولكه"، وفقا لما عرّفت به جامعة ألاسكا فيربانكس.
و"الأيونوسفير يمتد من نحو 50 إلى 400 ميل فوق سطح الأرض، على حافة الفضاء مباشرة. وهو يشكل، إلى جانب الغلاف الجوي العلوي المحايد، الحدود بين الغلاف الجوي السفلي للأرض - حيث نعيش ونتنفس - وفراغ الفضاء"، وفقا لوكالة الفضاء الاميركية (الناسا).
و"قد تم نقل تشغيل مرفق البحث من سلاح الجو الأميركي إلى جامعة ألاسكا فيربانكس في 11 آب 2015، مما سمح لـ"هارب" بـ"الاستمرار في استكشاف ظواهر الغلاف الأيوني عبر اتفاقية تعاونية للبحث والتطوير في استخدام الأراضي".
وأكدت جامعة ألاسكا فيربانكس انه "لا يمكن هارب التحكم في الطقس او التلاعب به". وتشرح: "لا يتم امتصاص موجات الراديو في نطاقات التردد التي يرسلها هارب في طبقة التروبوسفير أو الستراتوسفير- وهما مستويان من الغلاف الجوي ينتجان طقس الأرض. ونظرا إلى عدم وجود تفاعل، لا توجد طريقة للتحكم في الطقس.
نظام هارب هو في الأساس جهاز إرسال لاسلكي كبير. وتتفاعل موجات الراديو مع الشحنات والتيارات الكهربائية، ولا تتفاعل بشكل كبير مع طبقة التروبوسفير. علاوة على ذلك، إذا كانت العواصف الأيونوسفيرية التي تسببها الشمس نفسها لا تؤثر على الطقس السطحي، فليست هناك فرصة لأن يتمكن هارب من ذلك أيضاً...".
وقد أكد ايضا العديد من الخبراء أن "هارب لا يمكن أن يكون مسؤولا عن الزلازال في أي مكان في العالم، لأنه "لا يملك مثل هذه القدرات". وقالت جيسيكا ماثيوز، مديرة برنامج هارب في جامعة ألاسكا فيربانكس، لوكالة رويترز، إن "معدات البحث في موقع هارب لا يمكن أن تخلق أو تضخم الكوارث الطبيعية".
بدوره، أوضح ديفيد هايسل، أستاذ الهندسة في جامعة كورنيل، ان "هارب جهاز إرسال لاسلكي أكبر من معظم أجهزة الإرسال اللاسلكية الأخرى، وليس من الممكن نظرياً أن يتسبب بزلازل".
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الفيديو المتناقل يظهر "برقا قبل الزلزال في المغرب، وهو السلاح الذي تسبب به". في الواقع، هذه المشاهد ليست حقيقية، لكونها تلاعبا رقميا انجزه ونشره جاي هايداوي Jay Hideaway في حساباته عام 2020.