المتداول: فيديو يظهر، وفقا للمزاعم، "البابا فرنسيس يقبّل ايدي أشخاص هم القوة التي تحكم العالم"، في وقت تتواصل الحرب بين اسرائيل وحماس.
الا أن هذا الزعم خاطئ، مضلل.
الحقيقة: هذه المشاهد التي تعود الى 26 ايار 2014، تظهر البابا فرنسيس مقبّلا ايدي ستة ناجين من المحرقة، خلال زيارته نصب المحرقة (ياد فاشيم) في القدس. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
ما القصة؟
المشاهد تظهر البابا فرنسيس مصافحاً رجالاً وضعوا الكيباه اليهودية على رؤوسهم، وامرأتين، مقبلا اياديهم تباعا. وقد تكثّف التشارك في الفيديو أخيرا، عبر حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما الواتساب، ارفقته بالمزاعم الآتية (من دون تدخل): "هل هناك قوة فوق البابا المسيحي فرانسيس؟ نعم. هذه هي القوة التي تحكم العالم"، وايضا "البابا فرنسيس يقبّل ايدي أثرياء عائلة روتشيلد اليهوديّة".
غير ان هذه المزاعم غير صحيحة، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقتها.
فالبحث عن المشاهد، بتجزئتها الى لقطات ثابتة (Invid)، وباستخدام كلمات مفاتيح بالانكليزية، يوصلنا اليها ضمن فيديو بنسخة أطول نشرها حسابا رئاسة الوزراء الاسرائيلية ومؤسسة "ياد فاشيم" في يوتيوب، في 26 - 27 ايار 2014 (هنا، هنا)، بكونه يعود لزيارة البابا فرنسيس لمتحف ياد فاشيم Yad Vashem للمحرقة في 26 منه، برفقة الرئيس شمعون بيريز، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وذكر حساب مؤسسة ياد فاشيم، او المركز العالمي لإحياء ذكرى المحرقة، ان "زيارة البابا فرنسيس لياد فاشيم حصلت في قاعة الذكرى، حيث شارك في مراسم تذكارية، وحيا ستة ناجين من المحرقة. وألقى كلمة، ووقع سجل ضيوف ياد فاشيم. وخلال مراسم التأبين، أضاء الشعلة الأبدية من جديد، ووضع إكليلا تخليدا لذكرى ضحايا المحرقة. وفي ختام الزيارة، تم تقديم نسخة طبق الأصل من لوحة تعود إلى عصر المحرقة" (هنا ايضا).
من هم الناجون الستة الذين قبّل البابا فرنسيس اياديهم يومذاك؟
ولكل منهم سيرة ذاتية خاصة، مواليد مختلفة، وان جمع بعضهم بلد منشأ واحد. هارشالوم ولد في بلدة بروزاني (بيلاروسيا اليوم) عام 1925. وشيك (هنا) وشقيقتها التوأم ميريام ولدتا في نوفي ساد في صربيا عام 1939. وغوتدينكر ولد في ساندوميرز ببولندا عام 1942. وها إليون ولد في سالونيك باليونان عام 1925. وغرينفيلد ولد في لودز في بولندا عام 1923. وتونيك-جيرون ولدت عام 1924 في ستولبس في بولندا.
خلال ذلك اللقاء يومذاك، قال البابا فرنسيس أمام المسؤولين الإسرائيليين: "في هذا المكان، النصب التذكاري للمحرقة، نسمع تردد صدى سؤال لله: آدم، أين أنت؟". وأوقد البابا شعلة النصب التذكاري ووضع إكليلا، ووجه تحية إلى الناجين من المحرقة. وتساءل: "من أنت يا إنسان؟ لم اعد أعرفك. من أنت يا إنسان؟ من أصبحت؟ لنعزز تربية (...) لا يكون فيها مكان لمعاداة السامية بأي شكل ولا يكون فيها مكان لأي تعبير عن العداء والتمييز او انعدام التسامح بإزاء الأشخاص والشعوب" (هنا ايضا).
وفي اليوم ذاته، اي الاثنين 26 ايار 2014، اختتم البابا فرنسيس جولته في الأراضي المقدسة، التي استمرت ثلاثة ايام، بتأكيد حقوق المسيحيين في أماكن العبادة المتنازع عليه في القدس، ودعوة الديانات السماوية الثلاث الى الصلاة والعمل من أجل السلام.
- عندما يقبّل البابا فرنسيس الأيدي- وما قام به البابا فرنسيس، خلال زيارته متحف ياد فاشيم، لم يكن امرا استثنائيا، اذ تتعدد الصور التي يظهر فيها مقبّلا أيدي اشخاص، وبينهم متميزون بنضالهم.
وهنا بعض الأمثلة: في ايار 2013، انتشرت للبابا فرنسيس صورة له مقبلا يد الأب روفائيل القطيمي، الكاهن العراقي الذي نجا من الموت في مجزرة كنيسة سيدة النجاة في بغداد في 31 تشرين الاول 2010 (هنا ايضا).
وفي 17 كانون الاول 2014، التقطت للبابا فرنسيس صورة (وهنا ايضا) وهو "يقبل راحات ايدي كهنة رُسِموا حديثا"، في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان.
في 13 ايلول 2017، قبّل البابا فرنسيس يد الكاهن الساليزياني الهندي الأب توم اوزهونناليل الذي زار الفاتيكان بعد تحريره، اثر خطفه في 4 آذار 2016 في مدينة عدن.
في آذار 2019، وعلى هامش جولته في الرباط المغربية ولقائه حشدا من قادة الطائفة الكاثوليكية والإكليروس الكاثوليكيين، انحنى الحبر الأعظم وقبّل يد الراهب الفرنسي جان-بيار شوماشير (95 عاماً)، الراهب الأخير والناجي الوحيد من مذبحة رهبان تيبحيرين (1996).
وفي 11 نيسان 2019، انتشرت مشاهد مصوّرة للبابا فرنسيس في مختلف ارجاء العالم، مقبّلاً هذه المرة أرجل رئيس جنوب السودان سلفا كير Salva Kiir Mayardit ونواب الرئيس المعيّنين، بينهم ريك مشار Riek Machar، وريبيكا نياندينق دي مابيور Rebecca Nyandeng De Mabior، وذلك في ختام خلوة روحية لقادة جنوب السودان استضافها الفاتيكان في (10-11) نيسان 2019، "في محاولة لرأب الانقسامات المريرة بينهم قبل التشكيل المقرر لحكومة وحدة".
في 21 شباط 2019، التقطت للبابا مشاهد وهو يقبل يد ناج بولوني من اعتداء جنسي خلال مؤتمر في الفاتيكان حول الاعتداءات الجنسية لرجال الدين (هنا ايضا).
في 28 ت2 2020، انتشرت صورة للبابا فرنسيس مقبّلا يدي البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر، خلال زيارة له بعد رسامة 13 كاردينالا جديدا في الفاتيكان.
وفي ايلول وتشرين الاول 2020، التقطت للبابا فرنسيس صور وهو يقبّل راحات أيدي كهنة رُسِموا حديثًا في باحة سان داماسو بالفاتيكان (هنا، وهنا ايضا).
وسبق ان انتشرت صورة للبابا فرنسيس مقبلا يد ناج من المحرقة بمزاعم خاطئة. ونشرنا مقالة تدقيق بشأنها في 25 ايار 2021 (هنا).
وجاء انتشار الفيديو في وقت قُتل عشرات الفلسطينيين، الثلثاء 31 تشرين الاول 2023، في غارة جوية استهدفت مخيّم جباليا للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، في ضربة أكّد الجيش الإسرائيلي أنّه نفّذها للقضاء على قيادي في حماس ضالع في هجوم السابع من تشرين الأول، وفقا لما أوردت وكالة فرانس برس.
وبحسب وزارة الصحة التابعة لحماس في القطاع، فقد قتل خمسون شخصاً على الأقلّ في الغارة التي استهدفت المخيم الواقع في شمال القطاع.
من جهتها، أعلنت حركة حماس مقتل سبعة رهائن، بينهم ثلاثة يحملون جوازات سفر أجنبية، الثلثاء، في القصف الإسرائيلي على مخيم جباليا للاجئين في قطاع غزة.
بدوره، أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، مقتل تسعة جنود الثلثاء في المعارك الجارية مع حماس في قطاع غزة، ما يرفع إلى 326 عدد العسكريين الذين قتلوا منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول.
في غضون ذلك، أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية "بالتل" فجر الأربعاء أنّ كلّ خدمات الإنترنت والاتصالات الهاتفية والخلوية "انقطعت بالكامل" في قطاع غزة الذي تفرض إسرائيل حصارا مطبقا عليه.
وشنّت حركة حماس هجوماً غير مسبوق في تاريخ الدولة العبرية في 7 تشرين الأول تسلّلت خلاله إلى مناطق إسرائيلية عبر السياج الفاصل، وهاجمت بلدات حدودية وتجمعات سكنية، ما تسبب بمقتل أكثر من 1400 شخص معظمهم مدنيون وتم أيضا أخذ 240 رهينة، وفق السلطات الإسرائيلية.
وتردّ الدولة العبرية بقصف مكثف على القطاع منذ ذلك الحين. وأعلنت وزارة الصحة التابعة للحركة أن عدد القتلى وصل إلى 8525 شخصا في قطاع غزة، وفقا لما ذكرت وكالة فرانس برس.
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الفيديو المتناقل يظهر "البابا فرنسيس يقبّل ايدي أشخاص هم القوة التي تحكم العالم"، في وقت تتواصل الحرب بين اسرائيل وحماس.
في الواقع، هذه المشاهد التي تعود الى 26 ايار 2014، تظهر البابا فرنسيس مقبّلا ايدي ستة ناجين من المحرقة، خلال زيارته نصب المحرقة (ياد فاشيم) في القدس.