المتداول: صورتان تظهران، وفقا للمزاعم، "علم فلسطين الرسمي عام 1939، تتوسّطه نجمة داود، كما نشره قاموس لاروس الفرنسي في نسخة قديمة منه".
الا أنّ هذا الزعم غير صحيح.
الحقيقة: العلم لا علاقة له بفلسطين او بالشعب الفلسطيني، وهو يعود لحركة صهيونية في ثلاثينات القرن الماضي، وفقاً لمؤرخين وبحاثة. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
ما القصة؟
الصورة الأولى تظهر علماً باللونين الابيض والازرق، تتوسطه نجمة داود صفراء، بينما تظهر الصورة الثانية العلم منشورا بين اعلام كثيرة في كتاب. وقد جددت حسابات، عربية وأجنبية، التشارك فيهما أخيرا، علما ان تداولهما قديم، وذلك بمزاعم ان "هذا العلم هو علم فلسطين عام 1939". و"قد نُشِر في نسخة من قاموس لاروس الفرنسي تعود الى عام 1939، قبل اندلاع الحرب العالميه الثانية وقبل قيام دولة إسرائيل...".
- حقيقة الصورة -
الا ان العلم المتناقل لا علاقة له بفلسطين او بالشعب الفلسطيني، وهو ليس علم فلسطين عام 1939، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقته.
صحيح. البحث عن صورة العلم في الكتاب يبيّن انها مؤرشفة في موقع ويكيبيديا (هنا) منذ 6 نيسان 2015، مع شرح انها نُشِرت في قاموس لاروس الفرنسي في نسخته عام 1939.
مؤرشفها في ويكيبيديا موقع يهودي روسي (هنا) سبق ان نشرها في خبر في تشرين الثاني 2014، ذاكرا انه استقى هذه المعلومات من موقع (factualisrael.com)، الذي لم يعد له وجود.
ورغم القول ان هذا العلم نُشِر في نسخة 1939 من قاموس لاروس، وعُنوِن فلسطين Palestine، الا ان أكاديميين ومؤرخين تحدثوا إلى وكالة "رويترز" (هنا) وموقع USA Today (هنا)، أكدوا ان العلم المتداول لم يكن يوما علما رسميا لفلسطين التاريخية.
- كان علم الاتحاد -
تذكير بالتاريخ... كانت المنطقة المعروفة باسم فلسطين من بين أراضي الإمبراطورية العثمانية السابقة التي وضعت تحت سيطرة المملكة المتحدة عام 1922، كجزء من نظام الانتداب التابع لعصبة الأمم. وقد أدارتها المملكة المتحدة حتى عام 1947، عندما تخلى البريطانيون عن السيطرة عليها للأمم المتحدة، وفقا لما ذكر موقع الامم المتحدة في دراسة عن جذور المشكلة الفلسطينية وتطورها (هنا، هنا، هنا).
ووفقا لخبراء، فإن تكرارات العلم الرسمي لما كان يُعرف خلال تلك الفترة باسم فلسطين الانتدابية تعكس الحكم البريطاني لها، وأدرجت علم الاتحاد البريطاني، لكنها لم تحمل نجمة داود، كما تزعم المنشورات.
وقالت ويندي بيرلمان، المديرة الموقتة لبرنامج دراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جامعة نورث وسترن لموقع USA Today: "باختصار، هذا غير صحيح تماما".
واكد ديريك بينسلار، أستاذ التاريخ اليهودي في جامعة هارفرد، للموقع الاميركي، ان "العلم الرسمي لولاية فلسطين الانتدابية عام 1939 كان علم الاتحاد". واوضح انه "تم إنشاء اختلافات طفيفة في علم المملكة المتحدة للمفوض السامي أو للسفن المسجلة في الإقليم. وفي إحدى هذه النسخ المحفوظة في متحف الحرب الإمبراطوري البريطاني، يظهر ختم المفوض السامي لفلسطين وسط علم الاتحاد".
في الواقع، نشرت سفارة فلسطين في مملكة البحرين، في موقعها، صورة "للعلم الفلسطيني في عهد الانتداب البريطاني" (هنا، وايضا هنا، هنا). وأوضحت انه "تم استخدام علم فلسطين على أساس انه راية مدنية بريطانية، وكان باللون الأحمر الذي يعني الاتحاد في كانتون، ودائرة بيضاء مع اسم الولاية (فلسطين) باللغة الإنكليزية مزركشة بداخلها. وكان ذلك إلى حد ما غير عادي، نظرا إلى أن جميع الأراضي البريطانية الأخرى في أفريقيا وآسيا كانت أعلامها على أساس أعلام الراية الزرقاء، في حين أن النسخة الحمراء كانت تستخدم أساسا في أوروبا وأميركا الشمالية".
وقالت: "كان هذا العلم الراية التي تستعملها أساسا المؤسسات الحكومية في ذلك الوقت، وانتهى استخدامه بانتهاء عهد الانتداب عام 1948. ولم يعترف الفلسطينيون بهذا العلم، شعبيا أو رسميا، إنما كان يُرفع فوق المؤسسات الحكومية التابعة لحكومة الانتداب فقط".
اذاً، العلم المتناقل لم يكن أبدا رمزا رسميا لفلسطين الانتدابية. وقال روب ريسايد، المحرّر في موقع Flags of the World (أعلام العالم)، لموقع USA Today، إنه بالأحرى أحد الأعلام الصهيونية العديدة التي تم رفعها خلال فترة الانتداب، مشيرا الى أنه تم عرضه في قاموس فرنسي كعلم لليهود الذين يعيشون في المنطقة، مع "أدلة قليلة على أنه تم أخذه على محمل الجد". وتابع: "لم يكن من الممكن أن يستخدمه العرب في تلك المنطقة".
بدوره، قال شاي حزقاني، الأستاذ المشارك في برنامج جوزيف وريبيكا مايرهوف ومركز الدراسات اليهودية في جامعة ميريلاند لـ"رويترز": "يبدو أن هذا العلم علم غير رسمي ظهر أحيانا على السفن المملوكة لليهود خلال فترة الانتداب عندما كان لا يزال الاسم الإنكليزي الرسمي للبلاد فلسطين" (هنا). وأضاف: "من المؤكد أنه لم يكن العلم الرسمي لفلسطين الانتدابية".
وأيّده سليم تماري، الباحث المشارك في معهد الدراسات الفلسطينية وأستاذ علم الاجتماع الفخري في جامعة بيرزيت، الذي قال إنه "خلال الانتداب البريطاني، تم استخدام علم الاتحاد مع إدخال كلمة فلسطين فيه".
وشرح أن العلم المنشور في وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يحمل نجمة داود، هو "أحد الأمثلة العديدة للحركات الصهيونية في المنطقة"، مشيرا الى أن "الحركة الوطنية الفلسطينية كان لها أيضا علمها الخاص في ذلك الوقت، مثل علم الشريف حسين الحالي، ولكن بنجمة".
- قصة علم -
وعلم فلسطين "راية استخدمها الفلسطينيون منذ النصف الأول من القرن العشرين للتعبير عن طموحهم الوطني"، وفقا لما ذكرت سفارة فلسطين في مملكة البحرين (هنا).
و"هو يتكوّن من ثلاثة خطوط أفقية متماثلة (من الأعلى للأسفل، أسود، وأبيض، وأخضر) فوقها مثلث أحمر متساوي الساقين، قاعدته عند بداية العلم (القاعدة تمتد عموديا) ورأس المثلث واقع على ثلث طول العلم أفقيا".
"صمّم الشريف حسين العلم الحالي على أنه علم الثورة العربية عام 1916. واستخدم الفلسطينيون العلم في إشارة للحركة الوطنية الفلسطينية عام 1917. وعام 1947، فسر حزب البعث العربي العلم كرمز للحرية وللوحدة العربية. وقد أعاد الفلسطينيون تبني العلم في المؤتمر الفلسطيني في غزة عام 1948، حيث اعترفت به جامعة الدول العربية على أنه علم الشعب الفلسطيني.
وفي الاجتماع الأول في 28 ايار 1964، وضع المجلس الوطني الفلسطيني ميثاقه القومي، ونصت المادة 27 منه على أن يكون لفلسطين علم وقسم ونشيد، وحددت ألوانه بالترتيب كالتالي: أخضر فأبيض ثم أسود مع مثلث أحمر.
وفي 1 كانون الاول 1964، وضعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير نظاماً خاصاً بالعلم يحدد مقاييسه وأبعاده، وحلّ اللونان الأسود والأخضر كل محل الآخر. ومع انطلاق الثورة الفلسطينية في 1 كانون الثاني 1965، اتخذت العلم شعاراً لها. وفي 15 تشرين الثاني 1988، تبنت منظمة التحرير الفلسطينية العلم ليكون علم الدولة الفلسطينية".
النتيجة: اذاً، ليس صحيحا ان العلم المتناقل هو "علم فلسطين عام 1939". في الواقع، هذا العلم لا علاقة له بفلسطين او بالشعب الفلسطيني، وهو يعود لحركة صهيونية في ثلاثينات القرن الماضي، وفقاً لمؤرخين وبحاثة.