يتناقل مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي صورة بمزاعم انها تظهر "آلاف السياح الروس فى مطار الغردقة بمصر، اثر اعتماد البنوك المصرية الروبل الروسي بدلا من الدولار". غير أن هذا الزعم غير صحيح. في الواقع الصورة قديمة، بحيث تعود الى 6 تشرين الثاني 2015، وتظهر سياحا اصطفوا للمغادرة في مطار منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر في مصر. كذلك، لا صحة للمزاعم عن اعتماد المصارف المصريّة الروبل الروسي بدلاً من الدولار. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
الوقائع: تظهر الصورة اشخاصا مع حقائب انتظروا بالصف في مكان ما. منذ ايام قليلة، تكثف التشارك فيها، عبر صفحات وحسابات، في الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...)، وتويتر (هنا، هنا، هنا...)، مرفقة بالمزاعم الآتية (من دون تدخل او تصحيح): "الاف من السياح الروس فى مطار الغردقة واعداد كبيرة متوالية فى انتظار الحجز الفندقى هذا التزاحم على مصر نتيجة إعتماد البنوك عملة الروبل الروسى بدلا من الدولار".
التدقيق:
غير أن هذه المزاعم خاطئة، وفقا لما يتوصل اليه تقصي صحتها.
فالبحث العكسي عن الصورة يوصلنا الى مصدرها الاصلي، موقع وكالة Getty Images، الذي نشرها (هنا)، في 6 تشرين الثاني 2015، مع شرح انها تظهر "سياحا اصطفوا عند طاولات فحص الامتعة (قبيل صعود الطائرة) في مطار منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر في مصر".
واضاف: "تحركت بريطانيا لإعادة آلاف السياح من شرم الشيخ المصرية إلى بلادهم بعد تحذيرات من أن "قنبلة إرهابية" قد تكون أسقطت طائرة روسية أقلعت من المنتجع، حيث ألغت العديد من شركات الطيران المتوترة رحلاتها".
تصوير: محمد الشاهد AFP PHOTO/ MOHAMED EL-SHAHED
السبت 31 تشرين الاول 2015، تحطمت طائرة ركاب مدنية روسية من نوع "إيرباص 321" تابعة لشركة كوغاليمافيا الروسية في أجواء شبه جزيرة سيناء شمال شرقي مصر، وعلى متنها أكثر من مئتي راكب، معظمهم من السياح الروس (هنا، هنا، هنا، هنا...).
وبعد حادث تحطم الطائرة الروسية، أوقفت موسكو رحلات الركاب الجوية إلى مصر، بينما فرضت واشنطن تدابير أمنية جديدة على السفر بالطائرات (هنا). وقررت بلدان اخرى، مثل بريطانيا وإيرلندا وألمانيا وهولندا، وقف رحلاتها المنتظمة إلى شرم الشيخ، وأعلنت إجراءات وقائية، ليبقى عشرات الآلاف من السياح الأوروبيين والروس عالقين في منتجعات البحر الأحمر (هنا، وهنا ايضا).
وفي 17 تشرين الثاني 2015، قالت موسكو للمرة الأولى إن قنبلة انفجرت وأسقطت طائرة الركاب الروسية المنكوبة في سيناء بمصر، وأودت بحياة 224 شخصا كانوا على متنها (هنا). وأعلنت وزارة أمن الدولة الروسية انها رصدت مكافأة قيمتها خمسون مليون دولار لمن يدلي بمعلومات للوصول إلى منفذي تفجير الطائرة (هنا، هنا، هنا ايضا).
في كانون الثاني 2018، وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً لاستئناف الرحلات المجدولة إلى القاهرة، لكن الرحلات الجوية المستأجرة إلى المنتجعات المصرية ظلت مقيدة. وفي 8 تموز 2021، ألغى بوتين مرسومًا صدر في 2015 يحظر رحلات الخطوط الجوية الروسية إلى المنتجعات المصرية (هنا).
هل اعتمد البنك المركزي المصري الروبل الروسي بدلا من الدولار؟
كلا، هذا الخبر غير صحيح، وفقا لما توصل اليه المدقّق في صحة الاخبار في مصر في موقع "النهار العربي"، ابراهيم عرفات (هنا).
فبمراجعة الموقع الرسمي للبنك المركزي المصري (هنا)، يتضح أنه لا يوجد قرار رسمي من البنك بشأن اعتماد الروبل الروسي في التعاملات اليومية بالبنوك حاليا أو مستقبلا، وآخر نشرة إخبارية صدرت في 22 أيلول الجاري (هنا) عن لجنة السياسة النقدية التي اعلنت قرارها الابقاء على أسعار العائد الاساسية.
كذلك، يتضح، بالبحث في قائمة أسعار العملات بالموقع الرسمي للبنك المركزي المصري، أنها ضمت 18 عملة أجنبية، وليس من بينها الروبل الروسي (هنا). وبالنسبة الى ما نقله موقع "روسيا اليوم" المقرب من الحكومة الروسية، عن الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، لجهة تأكيده أن القاهرة ستربط شبكة "ميزة" بنظيرتها الروسية "مير" للتعامل بالروبل نهاية 2022 (هنا)، فقد أشار الفقي، وهو عضو سابق في مجلس إدارة البنك المركزي المصري، إلى أن "هذه الخطوة تأتي ضمن خطة للبنك المركزي وبتوجيهات رئاسية للحكومة، من أجل تعزيز المعاملات التجارية وتقليص العجز وتعزيز الصادرات". وشدد على أن ربط شبكة "ميزة" بنظام "مير" يساعد في دعم سداد فاتورة القمح لموسكو.
لكن الفقي أوضح، في مداخلة هاتفية مع برنامج "على مسؤوليتي" المذاع على فضائية "صدى البلد" المصرية، أنه "من الممكن ربط نظام مير الروسي للدفع بالروبل بشبكة ميزة للتسهيل على السياح الروس" (هنا)، من دون أن يجزم بشكل واضح وجود خطط لتنفيذ هذا الربط.
ونظام "ميزة" عبارة عن بطاقة دفع مصرية، وتصدر البطاقة كبطاقات مدفوعة القيمة مقدما لشرائح العملاء المختلفة، داخل مصر فقط.
من جهة أخرى، أكد السفير الروسي بالقاهرة جيورجي بوريسينكو، في 17 ايلول 2022، أن روسيا تستخدم حاليا الجنيه المصري في التعاملات الاقتصادية مع مصر. وأوضح أن روسيا تعمل مع مصر لاعتماد العملة الروسية "الروبل"، ونعمل مع البنك المركزي لإقرار التعامل ببطاقة "مير" الإئتمانية الروسية (هنا).
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الصورة المتناقلة تظهر "آلاف السياح الروس فى مطار الغردقة بمصر، اثر اعتماد البنوك عملة الروبل الروسي بدلا من الدولار". في الواقع الصورة قديمة، بحيث تعود الى 6 تشرين الثاني 2015، وتظهر سياحا اصطفوا للمغادرة في مطار منتجع شرم الشيخ بمصر. كذلك، لا صحة للمزاعم ان البنوك المصرية اعتمدت الروبل الروسي بدلاً من الدولار.