المتداول: قول منسوب الى البابا فرنسيس جاء فيه: "كُلْ ما شئت في الصوم، فالتضحية ليست في المعدة، بل في القلب...".
الحقيقة: لا دليل اطلاقا على ان البابا فرنسيس قال هذا الكلام. وهذا يعني انه قول زائف. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
ما القصة؟
منذ أيام، تنشر حسابات كلاما، بالعربية والانكليزية، منسوبا الى البابا فرنسيس، جاء فيه (من دون تدخل): "كل ما شئت في الصوم (او عيد الفصح في منشورات)، فالتضحية ليست في المعدة، بل في القلب. يمتنعون عن أكل اللحوم، لكنهم لا يتحدثون مع إخوتهم أو أفراد أسرهم، ولا يزورون والديهم أو يعتنون بهم، ولا يشاركون طعامهم مع المحتاجين، ويمنعون أطفالهم من رؤية والدهم، ويمنعون أجدادهم من رؤية أحفادهم، وانتقاد حياة الآخرين، وضرب زوجاتهم، وما إلى ذلك. إن الشواء أو الحساء الجيد لن يجعلك شخصا سيئا، تماما كما لن تجعلك شرائح السمك قديسا. من الأفضل أن تحاول أن تكون لديك علاقة أعمق مع الله من خلال معاملة أفضل للآخرين نحن أقل فخرا وأكثر تواضعا من القلب. البابا فرانشيسكو".
- حقيقة الكلام -
الا ان هذا القول لم يدل به البابا فرنسيس، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقته.
في الواقع، يبيّن البحث اولاً ان انتشار هذا القول قديم، اذ تعود آثاره الى 8 نيسان 2023 (هنا)، بمزاعم ان البابا فرنسيس اطلقه خلال عيد الفصح لدى الكنيسة الكاثوليكية في 9 نيسان 2023. في المقابل، تتناقله حسابات من دون أن تنسبه الى البابا فرنسيس (هنا، هنا، هنا).
نراجع رسالة البابا فرنسيس في مناسبة الزمن الاربعيني 2023 (17 شباط 2023، هنا وهنا)، ولكن لا اثر لهذا القول فيها. وبالطبع، لا نجد القول في رسالته في مناسبة الزمن الاربعيني 2024 (هنا، هنا).
ونعود بالنتيجة ذاتها بالتدقيق في كل رسائل الزمن الاربعيني والفصح منذ عام 2013 (هنا، هنا).
كذلك، يؤدي البحث، باستخدام كلمات مفاتيح بالايطالية، وايضا بالانكليزية والعربية، الى النتيجة السلبية ذاتها. لا اثر للقول، ولم توثقه اي مواقع فاتيكانية او اخبارية. وهذا مؤشر مهم الى انه زائف (هنا ايضا).
في المقابل، نعثر على كلام موثّق للبابا فرنسيس، خلال قداس في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان في شباط 2015 (هنا، هنا، هنا، هنا) ويعكس فكره بشأن الصوم. وجاء فيه: "المسيحيون مدعوون، خصوصًا في زمن الصوم، إلى ان يعيشوا بشكل صادق محبة الله والقريب... الصوم بالنسبة للرب ليس فقط بمجرّد الانقطاع عن الأكل... الصوم الذي يريده يسوع هو الصوم الذي “يحلُّ قُيودِ النِّفاق ويفكُّ رُبُطِ النِّير ويُطلق المَضغوطينَ أَحْرارًا، وَيكَسرِ كُلِّ نير، ويكسو العريان” هذا هو الصوم الحقيقي، الصوم الذي لا يكون خارجيًّا فقط بل ينبع من القلب أيضًا..." (هنا ايضا).
كذلك، نجد، في رسالة الزمن الاربعيني 2022، كلاما بابويا يعبّر عن توجيه واضح للبابا فرنسيس (هنا، هنا): "لنعمل الخير في المحبّة العاملة تجاه القريب ولا نَمَلّ. لنمارس خلال هذا الزّمن الأربعيني، الصّدقة ولنُعطِ بتهلُّل (راجع 2 قورنتس 9، 7). الله "الَّذي يَرزُقُ الزَّارِعَ زَرْعًا وخُبْزًا يَقوتُه" (2 قورنتس 9، 10) يرزق كلّ واحدٍ منّا، ليس فقط حتّى نحصل على ما يغذّينا، ولكن حتّى نكون كرماء في عمل الخير تجاه الآخرين. إذا كان صحيحًا أنّ حياتنا كلّها هي وقتٌ لزرع الخير، لنستغلّ بشكل خاص هذا الزّمن الأربعيني من أجل رعاية المقرّبين منّا، ولنتقرّب من الإخوة والأخوات الذين جُرحوا على طريق الحياة (راجع مرقس 10، 25-37). الزّمن الأربعيني هو الوقت المناسب للبحث عن المحتاجين وليس لتجنّبهم، ولندعو، ولا نتجاهل، الذين يرغبون في أن يُسمع لهم وأن يُقال لهم كلمة جيّدة. هذا زمن للزّيارة، ليس للتخلّي عن الذين يعانون من الوَحدة. لنستمع إلى النداء لعمل الخير نحو الجميع، ولنعطِ من وقتنا لمحبّة الصغار وأقل الناس حماية، والمنبوذين والمُحتقرين، والذين يتعرضون للتّمييز والتّهميش (راجع، رسالة بابويّة عامّة، Fratelli Tutti ”كلّنا إخوة“، 193).
وفي رسالة 2024، قال البابا فرنسيس (هنا): "إنه زمن العمل، وفي زمن الصّوم الأربعيني العمل هو أيضًا أن نتوقّف، لنصلّي، لنتقبل كلمة الله، ونتوقف مثل السّامري، أمام أخينا الجريح. محبّة الله ومحبّة القريب هي محبّة واحدة. نقف في حضرة الله ومع قريبنا، يعني أن ليست لنا آلهة أخرى نتوقّف عندها. لهذا، الصّلاة والصّدَقَة والصّوم ليست ثلاثة أعمال منفصلة، بل هي حركة واحدة، انفتاح على الآخر، وتجرُّدٌ ممّا في أنفسنا: لنُخرج الأصنام التي تُثقلنا، ولنُبعد الأمور التي نتعلّق بها وتقيّدنا. إذّاك قَلبُنا الضّامر والمنعزل يستيقظ. لنبطئ الخطى إذًا ولنتوقّف. سمة التّأمّل في الحياة، التي نستعيدها في الزّمن الأربعيني ستحرّك فينا طاقات جديدة. في حضرة الله، نصير إخوة وأخوات، ونشعر بالآخرين بقوّة جديدة: وبدل التّهديدات والأعداء، نجد رفاق سفر. هذا هو حلم الله، وأرض الميعاد التي إليها نتَّجه، عندما نخرج من العبوديّة".
- البابا فرنسيس يخضع لفحوص طبية -
الاربعاء 28 شباط 2024، أعلن الفاتيكان أن البابا فرنسيس (87 عاما) الذي يعاني منذ أيام عدة "رشحا خفيفا"، أجرى فحوصا في مستشفى بروما.
وقال الفاتيكان في بيان إنه "بعد اللقاء العام، توجه البابا فرنسيس إلى مستشفى جيميلي في جزيرة تيبيرين لإجراء فحوص. ثم عاد إلى الفاتيكان".
وغادرت سيارة البابا البيضاء وهي من نوع فيات 500 المستشفى الواقع في وسط العاصمة الإيطالية حوالى الساعة 12,00 (11,00 ت غ) وسط مواكبة من الشرطة، وفقا لما ذكرت وكالة "فرانس برس" (هنا).
النتيجة: اذاً، ليس صحيحا ان البابا فرنسيس قال: "كُلْ ما شئت في الصوم، فالتضحية ليست في المعدة، بل في القلب...". في الواقع، هذا القول المنسوب اليه زائف، ولا دليل اطلاقا على ان البابا فرنسيس قاله.