خاض الجيش السوداني في الأيام الماضية قتالاً مع قوّات الدعم السريع في ولاية سنار أسفر عن سيطرة هذه القوات السبت على مدينة سنجة عاصمة هذه الولاية ذات الأهميّة في مسار الحرب. بالتزامن مع ذلك، نشرت صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد قيل إنّها تُظهر المسؤول الرفيع في الجيش السوداني شمس الدين كباشي في الميدان هناك. لكن هذه المشاهد في الحقيقة قديمة.
يظهر في الفيديو المتداول نائب قائد الجيش السوداني وعضو مجلس السيادة في السودان شمس الدين كباشي وهو يلقي خطاباً يتوعّد فيه بالقضاء على "التمرّد"، قاصداً قوّات الدعم السريع. وجاء في التعليقات المرفقة "كُباشي من داخل سنار يُبشّر الشعب السوداني بنهاية التمرّد".
يأتي ظهور هذه المشورات عقب نشر وكالة السودان للأنباء في 26 حزيران المنصرم أن شمس الدين كباشي زار بالفعل ولاية سنار، حيث المعارك على أشدّها مع قوات الدعم السريع (أرشيف).
قبل ذلك بيوم، كتب المتحدث باسم المقاومة الشعبية بولاية سنار عمار حسن عمار عبر حسابه على موقع فايسبوك "للأسف وبعد معارك مستمرة بذلت فيها قواتكم كل غالٍ ونفيس، سقطت منطقة جبل موية في يد المليشيا المتمرّدة (الدعم السريع) وجار العمل لاستعادتها".
وقالت قوات الدعم السريع عبر حسابها على منصة إكس "أفلح أشاوس الدعم السريع في تحرير منطقة جبل موية على امتداد ولايتي سنار والنيل الأبيض".
والسبت، أعلنت قوّات الدعم السريع أنّها سيطرت على الفرقة 17 مشاة التابعة للجيش في مدينة سنجة بولاية سنار.
وقال سكان في المدينة لوكالة فرانس برس إن "قوات الدعم السريع انتشرت في شوارع سنجة"، فيما أفاد شهود عيان بأن طائرات تابعة للجيش تحلّق في سماء المدينة إضافة إلى سماع إطلاق نيران مضادات أرضية.
ومن شأن سيطرة قوات الدعم السريع على هذه الولاية أن تتيح لها تشديد الخناق على بورتسودان الواقعة على البحر الأحمر، حيث يتمركز الآن الجيش والمؤسسات الحكومية ووكالات الأمم المتحدة.
في هذا السياق، انتشر الفيديو لشمس الدين الكباشي يلقي خطاباً حماسياً بين جنوده ويحثّهم على التصدّي لقوّات الدّعم السريع، وقال ناشروه إنّه مصوّر في الأيام الماضية في ولاية سنار.
حقيقة الفيديو
لكن هذا الفيديو قديم.
فالتفتيش عنه على محرّكات البحث يُظهر أنّه منشور على حسابات سودانية على مواقع التواصل في نيسان الماضي، ما ينفي أن يكون مصوّراً في الأيام الماضية مثلما ادّعت المنشورات المضلّلة.
إثر ذلك، أرشد التعمّق بالبحث إلى مشاهد أخرى من الخطاب نفسه الذي ألقاه كباشي، نشرتها وسائل إعلام في نيسان الماضي أيضاً.
وأمكن أيضاً العثور على صورة للخطاب نفسه نشرتها وكالة الأنباء السودانية في العاشر من نيسان، مرفقة بخبر عن زيارة آنذاك لشمس الدين كباشي إلى ولاية النيل الأبيض بمناسبة عيد الفطر.
ويشهد السودان منذ 15 نيسان 2023 حرباً دامية بين القوات المسلّحة النظامية بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أعقبتها أزمة إنسانية عميقة.
وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومنطقة غرب دارفور الشاسعة إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب. وتؤوي ولاية سنار أكثر من مليون نازح سوداني، وهي تربط وسط السودان بجنوب شرقه الذي يسيطر عليه الجيش.