المتداول: صورة تظهر، وفقاً للمزاعم، "اشخاصاً يصلّون وسط السيول في بنغلادش خلال الفيضانات" الأخيرة في البلاد.
الا أنّ هذا الزعم غير صحيح.
الحقيقة: الصورة قديمة، اذ تعود الى ايار 2020. والتقطها المصوّر شاروار حسين Sharwar Hussain في ساتخيرا ببنغلادش، خلال الاعصار أمفان. و"قد توجب على السكان هناك أداء صلاتهم وسط ماء يصل الى الركبة او الصدر، كي يحميهم الله من هذا الخطر". FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
تظهر الصورة رجالا وقفوا مصلين في قاعة غارقة في المياه، وقد وصلت الى صدورهم. وقد تكثف التشارك فيها أخيرا عبر حسابات، عربية وأجنبية، ارفقتها بتعليقات مثل "هكذا أدى إخواننا في بنغلادش صلاة الجمعة بعدما فتحت الهند أبوابها عليها وأحدثت الفيضانات"، و"نسأل الله أن يحفظ بنغلادش من هذه الفيضانات".
تفاقم الفيضانات في بنغلادش وتضرر ملايين الأشخاص
جاء تداول الصورة في وقت عاثت فيضانات عارمة الخراب في بنغلادش، الجمعة 23 آب 2024، بعدما شهدت البلاد اضطرابات سياسية استمرت لأسابيع، فيما ارتفع عدد ضحايا الكارثة الطبيعية إلى 13 قتيلا إضافة إلى ملايين المتضررين، على ما أوردت وكالة "فرانس برس".
وقد شهدت الدولة التي تعدّ 170 مليون نسمة وتمر عبرها مئات الأنهر، فيضانات متكررة في العقود الأخيرة. وتتسبب الأمطار الموسمية بدمار واسع كل عام، لكن التغير المناخي يؤثر على أنماط الطقس ويزيد وتيرة الأحوال الجوية القصوى.
وقال المتطوع في جهود الإغاثة زاهد حسين بويا (35 عاما) في فيني "الوضع كارثي هنا... نحاول إنقاذ أكبر عدد ممكن من الناس".
وفي بنغلادش عدد كبير من مناطق الدلتا حيث تصب أنهر جبال هملايا ونهرا الغانج وبراهمابوترا في البحر بعد عبورها الهند. وجميع الروافد الرئيسية للنهرين الكبيرين فاضت عن ضفافها بحسب وسائل إعلام محلية.
حقيقة الصورة
الا ان الصورة المتناقلة لا علاقة لها بالفيضانات الأخيرة في بنغلادش، وفقا لما يتوصل اليه تقصي حقيقتها.
مصوّرها شاروار حسين Sharwar Hussain، وتاريخ التقاطها 8 تشرين الاول 2021، وفقا لما ذكر الموقع.
ووفقا لشرح ارفقه بالصورة، "التُطقت في ساتخيرا Satkhira ببنغلادش، وهي منطقة ساحلية منخفضة بالقرب من سونداربان، أكبر غابة مانغروف. وعلى الناس الذين يعيشون هناك أداء صلاتهم وسط ماء يصل الى الركبة أو الصدر، ويجب تقدمة الصلوات وسط ماء يصل الى الحلق، كي يحميهم الله من هذا الخطر. ولكن بعد أيام قليلة، فقدوا هذا المسجد بسبب التيار القوي لمياه المد العالي، على الرغم من أنهم ليسوا مسؤولين عن هذه العواقب المترتبة على الانحباس الحراري العالمي وتغيّر المناخ".
وينظم IPA "مسابقة سنوية للمصورين المحترفين والهواة والطلاب على نطاق عالمي" على ما أوضح، مشيرا الى ان مهمته "تكريم إنجازات أفضل المصورين في العالم، واكتشاف المواهب الجديدة والناشئة، وتعزيز تقدير التصوير الفوتوغرافي".
وكتب: "هذه صورة واحدة من مشروعي الوثائقي الطويل الأمد بعنوان "دموع الاحتباس الحراري". ويهدف التشارك فيها الى توجيه رسالة إلى الجمهور على نطاق واسع، وإلى قادة العالم، حول تأثير الاحتباس الحراري وتغير المناخ في دول العالم الثاني والثالث، التي تعد الأقل مساهمة في زيادة الاحتباس الحراري، لكنّها تتأثر به في الغالب على نطاق هائل".
وفي 16 ايلول 2022، اعاد حسين التشارك في الصورة بكونها حائزة الجائزة الثانية في مسابقة IPA.
ومع ان موقع IPA حدد تاريخ التقاط الصورة في 8 تشرين الاول 2021، الا ان حسين قال لوكالة "فرانس برس" إنه "التقطها في ساتخيرا ببنغلادش عام 2020، خلال الإعصار أمفان Amphan".
واضاف: "لم تكن هناك أرض جافة حول هذه المنطقة، حيث يمكن الناس أداء صلواتهم اليومية. لذلك أدوا صلاة الجمعة في هذا المسجد، وسط مياه مد وصلت الى الركبتين والصدر".
اجتاح الاعصار أمفان جنوب غرب بنغلادش وشرق الهند في ايار 2020، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص.
وشاروار حسين (أبو- Apo) مهندس نسيج من بنغلادش، وله شغف بالتصوير الفوتوغرافي. بدأ رحلته كمصور وثائقي عام 2015. وعمل على مشروع طويل الأمد لتوثيق آثار تآكل الأنهار الناجم عن تغيّر المناخ.
والتصوير الوثائقي هو "نقطة قوته. ولهذا السبب يحب أن يعتبر نفسه فنانا وراويا للقصص عندما يتعلق الأمر بوصف دوره كمصور". وكتب مع صورة مماثلة، بالابيض والاسود، وملتقطة من زاوية مختلفة، في اطار مشاركته في مسابقة Monovisions awards: "أملأ إطاراتي بقصص يتجاهلها الجميع، ولكن يجب سردها. إنها قصص من لا صوت لهم، قصص العاجزين والمتروكين. وآخر مشاريعي الوثائقية الطويلة الأمد الجارية حول تغير المناخ هو بعنوان "دموع الاحتباس الحراري" و"دموع الماء".
النتيجة: اذاً، لا صحة للمزاعم ان الصورة المتناقلة تظهر "اشخاصاً يصلّون وسط السيول في بنغلادش خلال الفيضانات" الأخيرة في البلاد. في الواقع، الصورة قديمة، اذ تعود الى ايار 2020. والتقطها المصوّر شاروار حسين Sharwar Hussain في ساتخيرا ببنغلادش، خلال الاعصار أمفان. و"قد توجب على السكان هناك أداء صلاتهم وسط ماء يصل الى الركبة او الصدر، كي يحميهم الله من هذا الخطر".