النهار

أكثر من ثلث البالغين يعانون منه: كيف يمكن معالجة الإرهاق الشديد؟
المصدر: "النهار"
أكثر من ثلث البالغين يعانون منه: كيف يمكن معالجة الإرهاق الشديد؟
تعبيرية.
A+   A-
تُعتبر مشاعر التعب والإرهاق من الأكثر انتشاراً بين الأفراد، خصوصاً بين الموظّفين. ولا شكّ أنّ في بعض الحالات، يمكن أن يكون الإرهاق منهِكاً ومدمّراً.
 
وبحسب "بي بي سي"، أكّد أكثر من ثلث البالغين عن شعورهم بالإرهاق معظم أو طوال الوقت، في حين أنّ تشخيص هذه الحالة وصل إلى أعلى مستوياته. فما سبب شعورنا بالإرهاق الشديد وكيف يمكننا معالجته؟

لمعرفة ذلك، تحدّث الكاتب العلميّ ديفيد روبسون إلى أنّا كاثرينا شافنر، وهي مؤرّخة ثقافيّة ومدرّبة تنفيذية متخصّصة في الإرهاق. تقدّم نصائح قائمة على الأدلة للتعامل مع الضغوطات.

ما الفرق بين الإرهاق والاحتراق الوظيفيّ؟
 
يُعتبر الاحتراق الوظيفيّ حالة ذات أعراض محدّدة، ويتمّ تعريفه على أنّه الضيق المهنيّ الذي يتجلّى في انخفاض الطاقة والكفاءة، بالإضافة إلى "تبدّد الشخصية"، وهو ما يعني موقفاً أكثر تشاؤماً وعدوانيّةً، تجاه زملائنا أو مكان عملنا.
 

ولا شكّ أنّ الاحتراق الوظيفيّ أخطر من الإرهاق، وقد يشعر بعض الأشخاص بالعجز التامّ، وغالباً ما تتوقّف أجسادهم وتتراجع صحّتهم، وقد يتعيّن عليهم تغيير مهنتهم حيث يستغرق الأمر سنوات للتعافي.

لماذا انتشر الاحتراق الوظيفيّ؟
يوجد العديد من الدراسات التي تظهر أنّ الاحتراق الوظيفيّ يتزايد في جميع أنحاء العالم وبمختلف مجالات العمل، وهذا الأمر يعود جزئياً إلى بيئة العمل التنافسية. فضلاً عن مبالغتنا لتقدير وظائفنا، ونعتقد أنّها توفّر إحساساً بالهدف وفرصة لتحقيق الذات.

في السابق، كان بإمكاننا الانفصال عن العمل بعد الانتهاء من الدوام، ولكن اليوم مع التكنولوجيا الحديثة، أصبحنا دائماً على اتصال، ومتوفّرين، ونجد صعوبة بالتوقّف وعدم التحقّق من رسائل البريد الإلكترونيّ، ما يعني أنّ أفكارنا تدور حول العمل طوال الوقت.
 

ما هي المحفّزات الرئيسيّة للاحتراق الوظيفيّ؟
تظهر الأبحاث أنّ الأسباب الستّة الرئيسيّة للإرهاق هي أعباء العمل المفرطة، وعدم كفاية الاستقلاليّة، وعدم كفاية المكافآت، وانهيار المجتمع، وعدم تطابق القيم، والظلم.
وتشير بعض الدراسات إلى أنّ عدم التقدير يمكن أن يضاعف خطر تعرّضنا للاحتراق الوظيفيّ.

كيف تؤدّي أنماط تفكيرنا الشخصية إلى تفاقم الضغوط التي نخشاها؟
هناك علاقة بين فكرنا والاحتراق الوظيفيّ، إذا كانت لدينا توقّعات عالية بشكل غير واقعيّ لما نشعر أنّنا يجب أن نحقّقه، وإذا حكمنا على عملنا بقسوة شديدة، فمن المرجّح أن نُصاب بهذه الحالة. كثير من الناس لديهم "ناقد داخليّ": صوت داخليّ سلبيّ يؤثّر على كلّ قراراتنا، ما يستنزف طاقتنا من الداخل.
 

ما نوع الاستراتيجيّات التي يمكن أن تساعد الأشخاص على التعامل مع المشاعر؟
الخطوة الأولى هو فهم أولويّاتنا كي نقرّر الوقت الذي نريد قضاءه في العمل، ونحتاج أيضاً إلى فهم عوامل الضغط الأساسية لدينا، وتحديد أيّ منها يمكن السيطرة عليه.

وهناك أيضاً مبادئ العلاج بالقبول والالتزام أي (ACT)، وتركّز على فكرة أنّه من الطبيعيّ أن تكون لديك أفكار ومشاعر "سلبية" مثل الخوف والغضب والحزن، وليس عليك بالضرورة محاربتها دائماً.
 
الصراع اليوميّ للعيش مع التعب الشديد
علاوة على ذلك، فإنّ توقعاتنا المتزايدة يمكن أن تخلق الكثير من الخجل والشعور بالذنب في شأن تجربة المشاعر السلبية. فلا نختبر الغضب أو الحزن فحسب، بل نضيف إليه طبقة إضافيّة من المعاناة.

الأمر نفسه ينطبق على مشاعرنا حول طاقتنا وقدرتنا على التحمّل: ستكون في بعض الأيّام مرتفعة أو متدنية، وهذا الأمر طبيعيّ. فإنّ اتّباع نهج أكثر هدوءاً في التعامل مع تلك التقلّبات يمكن أن يمنعنا من إضافة المزيد من العبء العقليّ.
 
 
وحين نعمل فمن الصعب القيام بشيء آخر، لأنّه كلّما خصّصنا المزيد من وقتنا وطاقتنا للعمل، أصبحت المجالات الأخرى في حياتنا أكثر فراغاً. فقط عندما نتوقف عن العمل وننظر حولنا، ومن المهم أن نقوم تدريجياً ببناء مصادر أخرى للمعنى والبهجة والسرور في حياتنا، بحيث لا يكون العمل هو كلّ ما لدينا.
 
وقد تكون فكرة جيّدة أن تمارس هواية. ويجب أن تكون "أنشطة غير مفيدة" وخالية تماماً من الروح التنافسية أو الدافع نحو تعزيز الإنتاجية. والفكرة هي التخلّص من هذا الضغط لتحقيق الإنجاز.
 
يجب أن يكون الغرض الوحيد للهواية منحنا المتعة والسماح لأنفسنا بتجربة راحة البال من خلال الانخراط في نشاط بهيج لا يأخذنا إلى أيّ مكان.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium