النهار

مفتاح السعادة بين يديك... كيف يُغيّر الامتنان حياتك ويُعزّز رفاهيّتك؟
فرح نصور
المصدر: "النهار"
مفتاح السعادة بين يديك... كيف يُغيّر الامتنان حياتك ويُعزّز رفاهيّتك؟
تعبيرية.
A+   A-
متى كانت آخر مرة شعرت فيها بالامتنان لشيء ما؟ هل فكّرت بالتأثير الإيجابي لامتنانك على حياتك؟ فمنذ أن كنّا صغاراً، تعلّمنا الشكر تلقائياً، كقاعدة اجتماعية وأخلاقية. لكن، كم مرة نتقدّم بالشكر على الأشياء الجيّدة الصغيرة التي تحدث لنا يومياً؟ هل نعرف حقاً كيف نكون شاكرين؟ 
 
الامتنان يحوّل ما لدينا إلى ما يكفي وأكثر، ويحوّل الإنكار إلى قبول، والفوضى إلى نظام، والارتباك إلى وضوح، ويجعل ماضينا منطقياً، ويجلب السلام، ويخلق رؤية للغد. بالتالي، يحسّن من رفاهيتنا ورفاهية الآخرين.
 
ما هو الامتنان؟
هو إظهار التقدير لما هو موجود في حياتك، من أشخاص وأشياء أو تجارب، عبر تخصيص بعض الوقت لملاحظة الأشياء التي تشعر بالامتنان لها كلّ يوم، والاعتراف بها. الفرح بعد فوز ما أو إنجاز في العمل لا يغني عن الامتنان الذي يمتدّ إلى النعم الصغيرة في الحياة والتي غالباً ما يتمّ التغاضي عنها أو اعتبارها أمراً مفروغاً منه. حتى أصغر اللحظات، مثل محادثة قصيرة مع صديق، أو لفتة لطيفة من شخص غريب، أو نزهة هادئة في الطبيعة، فهناك دائماً شيء يجب أن نكون شاكرين له، إذا بحثنا عنه.
 
والامتنان لا يقتصر على الشكر فقط، فهو تجربة تتطلّب جهداً واعياً، وممارسة تتطلّب الاعتراف بالإيجابية ونتائجها، خلال الأوقات السهلة والصعبة.
 
وترى المعالجة النفسية الدكتورة كارمن حريق، في حديثها لـ"النهار"، أنّ التربية هي المسؤولة عن زرع الامتنان في نفوس الأشخاص. فتربية الشخص والظروف المحيطة به، تشكّل عاملاً أساساً في تطوير الشعور أو الحدّ منه من خلال الامتنان.
 
هل يمكن أن يعتاد الشخص في الكبر على ممارسة الامتنان؟ تجيب حريق أنّ "الأمر يختلف بين الأشخاص". هناك أشخاص يستطيعون تغيير نظرتهم إلى الحياة، لكن هناك أشخاصاً آخرين عاشوا في عائلة يشتكي فيها الأهل دائماً، أو يدقّقون في التفاصيل ويحاسبون على أدقّ الأمور. هنا، يتعلّم الولد هذه السلوكيات وينشأ على الجهة السلبية لنظرته للأحداث الدائرة حوله.
 
 
ومن نشأ على طريقة تفكير سلبية، لا يمكن أن ننتظر منه أن يتحوّل تفكيره إلى إيجابي، فتحوّل الأفكار السلبية إلى إيجابية تحتاج إلى علاج نفسيّ ليعتاد على رؤية الناحية الإيجابية من جميع الأحداث.
 
وفي علم الأعصاب، توضح حريق أنّه عندما يعتاد الدماغ على رؤية الجوانب السلبية من الأمور لن يتمكّن من رؤية أيّ إيجابية فيها، والعكس صحيح. أضف على ذلك الأحداث اليومية التي يتعرّض لها الإنسان، لا سيّما في حالات الصدمات والصراعات المتكرّرة، إذ تصبح أقوى منه وتتغلّب عليه.
 
ماذا لو لم يمارس الأشخاص الامتنان؟ تؤكد حريق أنّ هؤلاء الأشخاص يتعاملون مع محيطهم بشكل عدائيّ، ويرون أنّ جميع الناس يريدون أذيتهم ويفقدون الشعور بالاستقرار ويتملّكهم الخوف من الآخرين ومن الحياة فلا يرونها بأيّ إيجابية. كذلك، يتأثر تفكير وسلوك هؤلاء الأشخاص، وقد يدخلون في حالة انزواء في الحالات القصوى، وأمام أيّ مشكلة، يشعرون بالقلق ويصعب عليهم حلّها، وكذلك يصعب عليهم النوم. 
 
 
كيف يمكن للامتنان أن يغيّر دماغك ويشعرك بالسعادة؟
 
يُوصف الامتنان على أنّه مفتاح السعادة. وبحسب موقع positive psychology، اكتشف علم الأعصاب وعلم النفس تأثيره على أدمغتنا، وأظهرت الدراسات أنّ فوائده على الدماغ هي:
 
- تعزيز إنتاج الناقلات العصبية
يحفّز الامتنان إنتاج الدوبامين والسيروتونين، وهما ناقلان عصبيان يُعرفان باسم المواد الكيميائية التي تساعد على الشعور بالسعادة، وعندما يطلقها دماغنا، نحصل على مشاعر السعادة والرضا. ويؤدّي التعبير المنتظم عن الامتنان إلى تحسينات طويلة المدى في مزاجنا العام وحالتنا العاطفية.
 
- تنظيم هرمونات التوتّر
يلعب التعبير عن الامتنان أيضاً دوراً حاسماً في استجابة الجسم للضغط النفسي. فعندما نركّز على المشاعر الإيجابية المرتبطة بالامتنان، يقلّل دماغنا من إنتاج هرمونات التوتّر مثل الكورتيزول، ما يساعدنا على تهدئة الجهاز العصبيّ.
 
- إعادة بناء العمليّات الذهنيّة
يساعد الامتنان في تعزيز التحوّل في عقليتنا من التفكير السلبيّ إلى التفكير الإيجابيّ، من خلال التركيز أكثر على الخير في حياتنا، وهو تحوّل يؤدّي إلى تغييرات دائمة في كيفية إدراكنا للعالم من حولنا وتفاعلنا معه. 
 
- تحسين وظائف الدماغ في المناطق الحرجة
أظهرت الدراسات أنّ الامتنان ينشط مناطق مهمّة عدّة في الدماغ، بما في ذلك القشرة المسؤولة عن اتّخاذ القرار، والتنظيم العاطفيّ، والتعاطف، ما يجلب مشاعر فوريّة من الرضا.
 
 
أكثر من 10 فوائد للامتنان على صحتك ورفاهيّتك!
 
- يشجّع على التفكير الإيجابيّ
عندما نركز على ما نشكره، فإنّ ميل دماغنا إلى التركيز على الإحباطات والندم والمخاوف ينخفض بشكل كبير.
 
- يحسّن المزاج العام
لممارسة الامتنان بشكل منتظم آثار طويلة الأمد على الصحة العقلية، إذ يؤدي إلى ارتفاع مستويات السعادة وزيادة الرفاهية، وهو مفيد لأولئك الذين يعانون من أعراض الاكتئاب.
 
- يساعد على إدارة التوتّر
من خلال تحويل التركيز ممّا هو مرهق في حياتك إلى ما هو بهيج، قد يساعد الامتنان في تقليل الآثار الفيزيولوجية والنفسية للتوتر وإدارة فعالة للضغط على المدى الطويل.
 
- يعزّز المرونة
ممارسة الامتنان تجعلنا أكثر مرونة في مواجهة الشدائد والتحديات بمزيد من التفاؤل. ويصبح دماغنا مجهزاً بشكل أفضل للعثور على جوانب إيجابية خلال الأوقات الصعبة.
 
- يحسّن احترام الذات ويقلّل من المقارنات الاجتماعية
تؤدّي ممارسة الامتنان بانتظام إلى زيادة الشعور بقيمة الذات. فعندما نصبح أكثر تقديراً لحياتنا وإنجازاتنا، تقلّ الحاجة إلى مقارنة أنفسنا بالآخرين، ونبتعد عن الشعور بالنقص.
 
 
- يدعم صحّة القلب
للامتنان فوائد مباشرة على صحة القلب، إذ تشير بعض الدراسات إلى أنّه يؤدي إلى انخفاض المؤشرات الحيوية للالتهابات، وانخفاض ضغط الدم، وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب. 
 
- يحسّن نوعية النوم
أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يمارسون الامتنان يتمتّعون بجودة نوم أفضل وأسرع. قد يكون الحصول على نوم أفضل نتيجة للامتنان الذي يساعد في تقليل الأفكار المتسارعة والقلق الذي غالبًا ما يبقينا مستيقظين في الليل، وربما يستبدلها بالشعور بالهدوء.
 
- يعزّز جهاز المناعة
المشاعر الإيجابية تقوّي جهاز المناعة وتؤدّي إلى تحسين الصحّة العامّة.
 
- يمكن أن يقلّل الألم الجسديّ
ممارسة الامتنان تقلّل من إدراك الألم من خلال التركيز على الجوانب والعواطف الإيجابية، وقد يوفّر وسيلة غير دوائيّة لإدارة الألم.
 
- يعزّز التعاطف ويقلّل من العدوانية
قد يكون الأشخاص الذين يشعرون بالامتنان أكثر تعاطفاً وأقل عدوانية، إذ يشجّعنا الامتنان على مراعاة مشاعر الآخرين، حتى في مواجهة ردود الفعل السلبية، ما يؤدي إلى حلّ أفضل للصراعات، وبناء علاقات أكثر انسجاماً.
 
- يبني علاقات أعمق من خلال تحسين التواصل
وفي تقديرنا للآخرين والتعبير عن امتناننا لهم، يصبح تواصلنا أكثر إيجابية وفعالية، ما يؤدّي إلى علاقات أقوى. وتجعلنا ممارسة الامتنان نشعر بمزيد من الانتماء والمجتمع، وهو أمر ضروري لرفاهيتنا الاجتماعية والعاطفية.
 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium