النهار

ما يجب أن تعرفه عن صحّتك العاطفيّة وطُرق الحفاظ عليها!
فرح نصور
المصدر: النهار
ما يجب أن تعرفه عن صحّتك العاطفيّة وطُرق الحفاظ عليها!
تعبيرية.
A+   A-
لدى الحديث عن الصحة، يتبادر إلى عقلك مباشرة الصحة البدنية. مع ذلك، تلعب العواطف أيضاً دوراً مهماً في رفاهيتك، فقد أظهرت الدراسات وجود علاقة بين الصحة الذهنية المنظَّمة والصحة البدنية للجسم. 
 

ما هي الصحّة العاطفيّة؟

 

الصحة العاطفية هي أحد جوانب الصحة الذهنية، وهي قدرتك على التعامل مع المشاعر الإيجابية والسلبية، والتي تتضمن وعيك بها. ويتمتع الأشخاص الأصحاء عاطفياً بآليات جيدة للتعامل مع المشاعر السلبية، ويعرفون أيضاً متى يجب عليهم التواصل مع أحد المتخصصين للحصول على المساعدة.
 
ومن المؤكّد أنّ الصحة العاطفية ترتبط بالصحة الجسدية، فالأشخاص الذين يعانون من قدر كبير من التوتر والمشاعر السلبية، قد يصابون أحياناً بمشاكل صحية جسدية أخرى. ولا تنتج هذه المشاكل بشكل مباشر عن المشاعر السلبية، بل عن السلوكيات التي يمكن أن تؤثر عليها المشاعر السلبية بسبب نقص التنظيم العاطفي. فعلى سبيل المثال، يستمتع بعض الأشخاص بتدخين السجائر أو شرب الكحول كوسيلة لتخفيف التوتر. لكن هذه العادات قد تعرّضك للإصابة بالسرطان وأمراض القلب وأمراض أخرى.
 
ويجب الانتباه إلى أنّه يمكن للشخص أن يعاني من مرض عقلي أو أن يمرّ بظروف صعبة، مع احتفاظه بصحة عاطفية جيدة. وتتعلّق الصحة العاطفية بشكل أكبر بالتنظيم العاطفي والوعي ومهارات التأقلم، ويمكن استخدام هذه الاستراتيجيات من قِبل الأشخاص المصابين أو غير المصابين بمرض عقليّ.
 
لماذا تتأثر صحّتك العاطفيّة ومَن هم الأكثر تأثّراً؟
 
أي إنسان عامة، معرَّض لأن تتأثر صحته العاطفية، يقول المعالج النفسي الدكتور زاهر كريم في حديث لـ"النهار". لكنّ هناك أشخاصاً يحمّلون أنفسهم أكثر ممّا تتحمّل، وهم الأشخاص الأكثر عرضة لأن تتضرّر صحتهم العاطفية لأنّهم لا يدركون مدى امتلاء مخزون العاطفة لديهم، فهم يقومون بالعطاء اللا محدود ولا يستقبلون بقدر إعطائهم.
ومع ذلك، نعيش في مجتمع يحتفظ بطقوس اجتماعية تلزمنا بالقيام بواجبات تجاه عائلتنا وأهلنا وأصدقائنا، لذلك لا يزال هذا المجتمع متكاتفاً من الناحية العاطفية. وبرأي كريم، العطاء الزائد والحياة السريعة سببان أساسيان في اختلال الصحة العاطفية لدى الناس.
 
‏ويعطي كريم مثالاً عن كمية اللقاءات الإنسانية اليومية. "فمن الضروري أن يحصر الإنسان عدد الأشخاص الذي بإمكانه رؤيتهم في اليوم لكي يحافظ على صحة عاطفية سليمة"، وفق قوله. فالإنسان، بطبيعة حياته، يخزن المعلومات، يشاركها، ويقدّم عواطف، ويستقبل أخرى. وبمجرد إعطائه هذه العواطف، يحتاج إلى تفريغها في مكان آخر. فهناك قدرة للتحمّل، تختلف بين الأشخاص للتمكّن من الاختلاط ومعاشرة عدد أشخاص كبير في اليوم، ولكلّ إنسان طاقته في هذا الإطار. ‏وعندما يبدأ الشخص بالشعور بأعراض اختلال صحته العاطفية، عليه مباشرة أخذ قسط من الراحة. لذلك، فالاهتمام بالصحة الجسدية أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الصحة العاطفية. 
 
وأكثر المعرَّضين للأضرار العاطفية، هم الأشخاص العاملون في خطّ المساعدة الأول، مثل الممرضين، الأطباء، الصحافيين، وغيرهم، الذين يقوم عملهم على التعامل مع عدد كبير من الناس ومساعدتهم بمختلف الطرق.
كما أنّ الأشخاص الحساسين، هم أيضاً عرضة بشكل أسرع للمعاناة من صحتهم العاطفية والشعور بالكآبة أو القلق، وعليهم أن ينتبهوا إلى أنفسهم. وهؤلاء الأشخاص غالباً ما يكونون في مجال الفنون والابتكار والإبداع، وهذه المجالات كلّها قائمة على العطاء، ‏وهي ممارسات متّعبة تعبّر عن عواطف.
‏ويجزم كريم أنّ علاج مشاكل الصحة العاطفية يحمل وجهين: ‏الأول هو التمتعّ بنمط حياة متوازن يحتوي على الرياضة والطعام الصحّي مع بعض التأمل وسماع الموسيقى والخروج في الطبيعة والاسترخاء والعلاقات الاجتماعية الجميلة ومشاركة الأصدقاء في أوقات ممتعة. ‏أمّا الوجه الآخر، فهو التحدّث إلى معالج نفسي في حال المرور في ظروف عاطفية غير مريحة، فكلّ إنسان بحاجة لأن يتحدث إلى شخص في وقت ما من حياته، والمعالِج هو هذا الشخص الذي يضع إصبعه على الجرح، ويفهمك لماذا أنت تعاني عاطفياً.
 
أمّا في ما يتعلّق بالعلاقات العاطفية، ونعني هنا الارتباط من عدمه، فبرأي كريم، لا يمكن ربط استقرار الشخص عاطفياً بوضعه العاطفي إذا كان مرتبطاً أم لا. إذ يمكن لشخص أن يكون مرتبطاً ويعاني من صحته العاطفية، بينما يمكن لشخص آخر ألّا يكون في أيّ ارتباط وألّا يشعر بأيّ مشكلة في صحته العاطفية وأن يكون مهتمّاً بنفسه وأن تكون لديه علاقات عائلية وأصدقاء وحتّى علاقات عاطفية عابرة، وأن يكون بصحة عاطفية سليمة.
فهناك محور في حياة كلّ شخص، قد يكون العمل، أو شغف بشيء ما في الحياة، أو العائلة، وليس بالضرورة أن يكون محور الحياة هو شخص في حياة شخص آخر. 
 

كيف تعرف أنّك تعاني من صحّتك العاطفيّة؟

 

إليك بعض العلامات التحذيرية للصحة العاطفية التي نشرها موقع webmed، والتي تنذرك بحالتك:
- عزل نفسك عن الأصدقاء أو العائلة أو زملاء العمل
- شعورك بطاقة أقلّ من المعتاد
- النوم كثيراً أو قليلاً جدّاً
- الأكل أكثر من اللازم أو أقلّ من اللازم
- الأفكار المتسارعة
- انخفاض أدائك في العمل
- المزيد من الصراعات الشخصية إلى حدّ يتخطّى المعتاد المعتاد
- الشعور بمشاعر الحساسية، الذنب، اليأس، أو عدم القيمة
- إهمال النظافة والعناية الشخصية
 
 
كيف تحافظ على صحّتك العاطفيّة؟

 

هناك العديد من الطرق للحفاظ على صحتك العاطفية أو حتى تحسينها وتشمل:

- العيش بأسلوب حياة متوازن: حاول أن تحقّق توازناً جيداً بين العمل وحياتك الشخصية، والنشاط والراحة، والاعتدال في كلّ الأمور.
 
- تواصل: خطط لوقت مشترك منتظم مع الأصدقاء وأفراد العائلة، حتى الاتصالات الافتراضية تُعدّ أمراً جيداً، كما أنّ رؤية شخص ما شخصياً من حين لآخر أمر مفيد.
 
- التأمّل: يساعدك التأمّل على ملاحظة أفكارك وعواطفك، وهو أمر أساسيّ للصحة العاطفية.
 
- راقب كيف تتحدّث عن نفسك: فالحديث السلبيّ عن النفس يمكن أن يصبح حقيقة، أو يضعك في عقلية سلبية. لذا، اعمل على خلق صورة إيجابية عن نفسك من خلال كلماتك.
 
- حدّد أهدافك واحتفل بإنجازاتك: امنح نفسك شيئاً تسعى جاهداً من أجله، واحتفل بإنجازاتك لبناء احترام الذات والمشاعر الإيجابية تجاه نفسك.
 
- استخدم معدّلات المزاج باعتدال.
 
- تعلّم استراتيجيات المرونة: فهذه هي قدرتك على الاستجابة للمشاعر الصعبة والمواقف العصيبة. إذ إنّ العديد من الأشياء نفسها التي تساعدك على الصحة العاطفية، يمكن أن تعمل أيضاً على تحسين مرونتك.
 
- احصل على قسط كافٍ من النوم، إذ تشير الدراسات إلى أنّ قلّة النوم تقلّل من قدرتك على الإحساس بمشاعر الآخرين وقدرتك على معالجة المشاعر بشكل عام.
 
- ابقَ نشيطاً: البقاء نشيطاً بدنياً لمدة 30 دقيقة على الأقل يومياً، يمكن أن يساعد في تحسين صحّتك العاطفية بشكل عام. ولا يلزم أن يكون التمرين صعباً أو مكثّفاً للغاية.
 
- ابحث عن معنى لحياتك: فبعض الأشخاص لديهم وظائف تمنحهم شعوراً بهدفهم، لكن هذه ليست الطريقة الوحيدة للعثور على المعنى في حياتك. فشيء بسيط مثل رعاية حيوان أليف أو التطوّع من أجل قضية تثير شغفك، يمكن أن يمنحك هذا الشعور أيضاً.
 
- اعرف متى تطلب المساعدة: ليس عليك التعامل مع المشاعر السلبية بنفسك، معرفة متى يجب عليك التواصل مع اختصاصيّ الصحة العقلية للحصول على المساعدة في التعامل مع المشاعر الصعبة هي مهارة مفيدة يجب عليك امتلاكها. 
 
 

اقرأ في النهار Premium