النهار

التوازن بين عملك وحياتك... حاجة ضروريّة لصحّتك تعرّف كيف تصل إليها!
فرح نصور
المصدر: "النهار"
التوازن بين عملك وحياتك... حاجة ضروريّة لصحّتك تعرّف كيف تصل إليها!
تعبيرية.
A+   A-
 
لا بد أنّك شعرت يوماً أنّ وظيفتك تستنزف حياتك الخاصة، أو أنّك اضطررت إلى التنازل عن الكثير من الالتزامات الشخصية بسبب العمل. وفي حين يلعب العمل دوراً محورياً في حياتك لا يمكن الاستغناء عنه، إنّما أيضاً لا يمكن الاستغناء عن جوانب حياتك التي تحافظ على صحتك وسعادتك. فغياب التوازن بين عملك وحياتك، يؤثر على صحتك الجسدية والنفسية، وسرعة الحياة صعّبت إيجاده.

ماذا يعني مفهوم "التوازن بين العمل والحياة"؟
 
هو التوازن بين حياتك المهنية والشخصية بحيث تدير حياتك المهنية ومسؤولياتك بشكل أن تكون منتجاً وناجحاً في العمل، مع ضمان تخصيص وقت كافٍ لتعيش حياة شخصية مُرضية. هذا التعريف جاء على لسان مدرّبة professional an parental burnout، آبي سانجميستر، في مقال على موقع very well mind، حيث أكّدت أنّ في الكثير من الأحيان، يعتقد الناس أن التوازن هو التقسيم المتساوي. فبالنسبة إلى كل شخص، قد يبدو التوازن مختلفاً ويتغيّر خلال الفصول المختلفة من حياته. ويبقى الجزء المهم من تحقيق التوازن ألّا يشعر الشخص أنّ أحد مجالات الحياة يستنزف الآخر.
تتضمّن بعض الأسباب الشائعة التي تؤدي إلى ضعف التوازن بين العمل والحياة: زيادة المسؤوليات في العمل، العمل لساعات أطول، زيادة المسؤوليات في المنزل، إنجاب الأطفال، وغيرها.

لا يتعلق التوازن بالتراخي، أو تخطّي العمل، أو بذل جهد أقلّ، أو المماطلة أو التنصّل من مسؤولياتك. فقد تشعر بتحسّن مؤقّت صحيح، لكن في النهاية يخلق المزيد من المشاكل ويتراكم العمل، وتنتهي المواعيد النهائية بسرعة. لذا، الهدف هو إيجاد توازن متناغم يناسبك، بين متطلبات وقتك وطاقتك، دون إهمال المجالات المهمّة في حياتك.
 
 
وبحسب مقال ورد في مجلة "فوربس"، تشير مجموعة متنوّعة من الدراسات إلى أن العمل أكثر من 45 ساعة أسبوعياً يضرّ بالصحة الجسدية والعقلية. وأظهرت دراسة أجراها "جون بينكافيل" من جامعة ستانفورد عام 2014 أن العمل أكثر من 55 ساعة في الأسبوع لا معنى له. وأظهرت دراسة أجرتها المؤلفة لورا فاندركام، أن حوالي 38 ساعة عمل أسبوعياً تضمن موظفين سعداء.

العمل والحياة الخاصّة على رأس هرم الأولويّات!
العمل يعطي الفرد هدفاً في الحياة. لكن على الفرد أن يتحلّى بالوعي الذاتي ليحدّد أولوياته في الحياة، يؤكد المعالج النفسي الدكتور زاهر كريم في حديث لـ"النهار". وإعطاء الأولوية لعمل على حساب الجوانب الشخصية في الحياة مضرّ للفرد، لأنّه يهمل حاجاته النفسية والشخصية ويلغي حدود العمل مع أشخاص يمكنه بسهولة وضعهم معه. لذلك، يجب أن يتحلّى الفرد بالقدرة على قول "لا" للعمل عندما يستلزم الأمر.
 
‏بالحديث عن سلم الأولويات، ما هو الجانب الذي يجب أن يترأّس هرم أولويات الفرد؟ ‏يجيب كريم أنّه "تحقيق الذات من خلال براعته في عمله، لكن في الوقت نفسه ألّا تكون على حساب أمور أخرى من المهم أن يحققها الفرد في حياته مثل علاقة متصالحة مع نفسه وعلاقة سليمة مع الآخرين، ‏إذاً العمل ‏بالتوازي مع الأمور الشخصية الأخرى يتصدّران سلم الأولويات".

‏وفي سؤال عن تأثير وضع العمل كأولوية في حياة الفرد، رأى كريم أنّ ذلك يفقده الوعي والاهتمام الذاتي بنفسه جسدياً عاطفياً ونفسياً، ويلغي مساحته الخاصة ويوصله إلى ما نسمّيه بـ"الاحتراق الوظيفي". فحاجات الحياة الخاصة هي في حد ذاتها مهمة أيضاً لكي يستمرّ الفرد بالعطاء في عمله.
 
 
‏أمّا عن الأشخاص الذين يعملون بدوامات إضافية أو بأعمال متعددة لكي يزيدوا من مداخيلهم، فهل يستحق الأمر أن يهملوا جوانب حياتهم الشخصية؟ بحسب كريم، أحياناً، الأمر يستحقّ العناء إذا كان الشخص مدركاً أنّ العمل الإضافي الذي يقوم به هو مؤقّت لظروف يمرّ بها. لكن في المقابل، إذا ما زاد العمل عن حدّه، يجب أن يخطو الفرد خطوة إلى الوراء، لكي يضمن صحّته النفسية. فإذا كان الهدف من العمل الكثير هو زيادة المدخول للشعور بالرفاهية المالية، فإنّه لن يستفيد من هذه الأموال إذا كان مرهقاً ومشغولاً. فالإرهاق الزائد، من ناحية أخرى، يضعِف الإنتاجية في العمل ويضعف معه معاييره العملية.

‏ علامات غياب التوازن بين عملك وحياتك!
من العلامات التي تدلّ على أنّك لا تجيد التوازن بين عملك وحياتك هي تعارض متطلبات عملك والتزاماتك الشخصية باستمرار، وعدم قدرتك على الوفاء بالمواعيد النهائية في العمل دون الحاجة إلى العمل الإضافي، إلى جانب عدم حصولك على قسط وافر من النوم ليلاً، وغياب اعتمادك لنظام غذائيّ صحيّ.
ونضيف إلى هذه العلامات، عدم توفّر متَّسع من الوقت للاسترخاء والاستمتاع بهواياتك ولقضاء وقت كاف مع العائلة والأصدقاء. ومن جهة أخرى، تبقى قلقاً بشأن وظيفتك عندما لا تكون في العمل، ولا تشعر أنّك منتج في العمل، ولا تأخذ أيام إجازتك وتستخدم أيامك المرضية عندما تحتاج إليها.
 
 
إذاً، كيف تحسّن التوازن بين عملك وحياتك الخاصة؟

إليك نصائح لتحسين التوازن بين عملك وحياتك الخاصة:

- تقبّل أنه لا يوجد توازن مثالي بين العمل والحياة، فالأمر ليس ممكناً دائماً، واسعَ للحصول على حلّ واقعي. 

- اعطِ الأولوية لصحتك، إذ يجب أن تكون صحتك الجسدية والعاطفية والعقلية هي اهتمامك الرئيسي، فذلك سيجعلك موظفاً أكثر سعادة وإنتاجية.

- عرّف زملاءك ومديرك أنك غير متصل بالإنترنت خارج أوقات العمل وأغلق حينها إشعارات تطبيقات العمل.

- خطّط للأنشطة خارج ساعات العمل، كالاجتماع مع الأصدقاء، أو إعداد وجبة لذيذة ومشاهدة مسلسلك المفضّل.

- خذ فترات راحة، قد تكون فترات صغيرة خلال يوم العمل وأيام الإجازة أو إجازات الدورية. 

- ارسم الحدود وحدّد ساعات العمل لنفسك ولزملائك، ولا تفتح الكمبيوتر المحمول للعمل ولا تتحقّق من رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل خارج ساعات العمل، حتى لو كنت تقرأها للتخطيط للعمل عليها غداً.

- اعرف كيف يبدو الإرهاق، فهو أكثر من مجرّد الشعور بالتعب وعدم التحفيز، ويمكن أن تكون علاماته جسدية، مثل الصداع وارتفاع ضغط الدم وآلام المعدة والأمراض المتكررة. لكنّها أيضاً عقلية وتشمل مشاكل في النوم، وحالات مزاجية مكتئبة، وفقدان الاهتمام، والتعب، ومشاكل في التركيز.

- فكّر في تغيير وظيفتك واتّجه نحو عمل تحبّه.

اقرأ في النهار Premium