في إطار فعاليات "مهرجان الشارقة القرائي للطفل 2024"، وخلال الجلسات الثقافية التي دارت في ملتقى الثقافة في المهرجان، نُظّمت جلسة بعنوان "كيف يمكن للتلوين أن يساعد على الاسترخاء وتقليل التوتر؟".
وتحدّثت خلال الجلسة الكاتبة السعودية مها عبد الله البريكان، التي أصدرت كتاباً بعنوان "العلاج بالفن مدخل للصحة النفسية"، والمدربة المصرية المعتمَدة في الفنون وإعادة التدوير، ريهام خيري.
وفي حديثها لـ"النهار"، شرحت البريكان أنّ "التلوين أو الفن التشكيلي بشكل عام هو نوع من أنواع التنفيس". فاستخدام الفرد للألوان أو لدفاتر التلوين لقضاء وقت ممتع، أو لنسيان مشاكله والتمتع باللحظة الحالية أو ما يُسمّى باليقظة الذهنية، يساعده في تخفيف التوتر. إضافة إلى أنّ للألوان تأثيراً غير مباشر على النفس، فمثلاً، إذا كان الشخص غاضباً، يستخدم اللون الأحمر، وهو نوع من التنفيس بحيث يفرّغ غضبه الداخلي بهذا اللون. بذلك، "الفن التشكيلي والتلوين والألوان، تسقط النفسية على اللوحة التي يقوم بها الفرد.
وبحسب البريكان، "للفن دور كبير في تعزيز الاسترخاء، فالعلاج بالفن هو أحد وجوه العلاج النفسي، أو حتى إذا أراد الشخص التقليل من الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق والتوتر أو حتى ضغوطاته اليومية".
وتنصح البريكان أن يكون للفرد روتين فني تحت مسمّى هواية مثلاً يمارسها مرتين في الأسبوع لينفّس عبرها عن طريق الألوان، كما يمكنه استخدام أصابعه فقط والاستغناء عن الفرشاة. وتشدّد على أنّ المنتَج الفني النهائي ليس مهماً، أي أنّه ليس من الضروري أن يقوم الفرد بلوحة جميلة أو مكتملة وأن يسمي نفسه فناناً، إنّما هنا، يكون الشخص في مرحله التفريغ وفي مرحلة تحسين صحته النفسية. لذلك، ليس عليه حتى أن يجيد الرسم، فحتى الشخبطات مرحَّب بها، والمهم هو العملية التنفيسية.
وعن الأوقات المفضلة ليمارس الطفل التلوين ليزيد من تركيزه واسترخائه، تفيد البريكان أن الأمر يعتمد على حالة الطفل النفسية بحدّ ذاتها. فإذا كان الهدف هو الاسترخاء والاستعداد للنوم، يمكن أن يمارس نشاط الطفل التلوين قبل النوم، كما يمكن للطفل أن يمارس هذه الهواية لزيادة تركيزه وإفراغ طاقته في بداية اليوم. أمّا في حالة معالجة مشكلة نفسية ما كفرط الحركة، فالاختصاصي هو الذي يحدد توقيت جلسات التلوين.
من جهتها، أكّدت المدربة خيري في حديثها لـ"النهار"، أنّ التلوين بصفة خاصة يقلّل من التوتر ويهدئ الدماغ ويساعد الجسم بشكل كبير على الاسترخاء، ما يؤدي إلى تحسين النوم وتخفيف الإرهاق من العمل وتقليل آلام الجسم ومعدّل ضربات القلب والتنفس، لأنّ الشخص وهو يلوّن، يستخدم أجزاءً من دماغه في تعزيز التركيز والدقة خلال التلوين، ما يمنحه الفرصة للانفصال عن مسببات التوتر، بالتالي يصل إلى الراحة النفسية.
وتلفت خيري إلى أنّ التلوين بشكل خاص هو نشاط غير تنافسي، وهو ما تثبته نظرية "تقبّل عدم الكمال" التي تحدّث عنها خبراء كثيرون وأثبتوا أن ليس هناك طريقة صحيحة أو خاطئة للتلوين. بالتالي، يمكن للفرد أن يرسم ويلوّن بالطريقة التي تحلو له، طالما هذا الأمر يريحه ويقلّل من توتره.
وعن كتب التلوين التي تنصح بها خيري، فالأمر يعود إلى كل فئة عمرية، فلكلّ منها نوع يناسبه. فمثلاً بالنسبة للأطفال في سن مبكرة، هناك دفاتر تلوين من نوع "دفاتر ضمن حيز"، وهذا النوع من الدفاتر ينصح به كثيراً خبراء الصحة النفسية الذين يدعون للتلوين لتعزيز هذه الصحة.
أمّا الفئة العمرية الأكبر، فتستخدم التلوين عن طريق الأرقام. وفئة الكبار، تستخدم دفاتر التلوين ذات الأنماط المعقدة، مثل دفاتر المندالا، وهو فن دقيق جداً ذو نقوش صغيرة جداً ومكررة بأكثر من شكل.
ومن شدة دقة هذه النقوش، يساعد هذا الأمر الدماغ على التركيز بشكل كبير، لا سيما على استخدام الألوان، ما يؤدي الى انفصال الدماغ عن العالم الخارجي وعن الضوضاء. والأمر يعود أيضاً إلى الحالة النفسية التي يقوم فيها الفرد بالتلوين، سواء بهدف علاج أو استرخاء.