يبذل معظم الناس جهوداً كبيرة ليشعروا بمزيد من السعادة. وبينما الجميع يبحث عن إجابة على السؤال الشهير "ما سرّ السعادة؟" ربما يكون السؤال الأفضل هو: "هل من الممكن أن تكون أكثر سعادة؟".
بحسب مقال لـ Harvard health publishing، حوالي نصف مستوى سعادتنا يعتمد على الجينات. بعض الناس يميلون إلى أن يكونوا أكثر سعادة وأكثر تفاؤلاً من الآخرين. لكن هذا لا يعني أنه لا يمكنك زيادة مستوى سعادتك إذا لم يأتِ ذلك بشكل طبيعي. ففي الواقع، تشير الأبحاث إلى أنّ 40 في المئة من سعادة الناس، تأتي من الاختيارات التي يتخذونها.
إذن ما هي الاختيارات الصحيحة للسعادة؟
مع تقدّم الناس في السنّ، يميلون إلى التركيز أكثر على ما هو مهم بالنسبة إليهم، ولا يهتمون بالأشياء الصغيرة إلى الدرجة التي كانوا يفعلونها عندما كانوا أصغر سناً، وفق دراسة لـ Harvard. فكبار السنّ أفضل في التخلّي عن إخفاقات الماضي، ويميلون إلى إدراك مدى قصر الحياة، ومن المرجّح أن يعيروا المزيد من الاهتمام لما يجعلهم سعداء الآن".
عُد طفلاً
ما هي الأنشطة التي تجعلك سعيداً وما الذي يمنعك من القيام بها؟ فكر في العودة إلى طفولتك. بِمَ كنت تستمتع عندما كنت صغيراً؟ الغناء؟ اللعب؟ ممارسة هوايات معينة؟ بحسب الدراسة، عندما تكبر، تتاح لك فرصة أكبر للعودة إلى الأنشطة التي تربطها بالسعادة. لذا، ابدأ في جمع العملات المعدنية، أو انضمّ إلى فرقة، أو العب البوكر أو الجسر.
ابقَ متّصلاً
كذلك، وجدت الدراسة وجود علاقة قوية بين السعادة والعلاقات الوثيقة مثل الأزواج والأسرة والأصدقاء والدوائر الاجتماعية. فالاتصال الشخصي يخلق تحفيزاً عقلياً وعاطفياً، وهو ما يعزّز المزاج تلقائيّاً، في حين أنً العزلة تفسد المزاج. هذه أيضاً فرصة للتركيز على العلاقات الإيجابية والتخلّص من الأشخاص السلبيين في حياتك، أو على الأقلّ تقليل تفاعلاتك معهم.
سعادتك بمساعدة الآخرين
وتقول الباحثة في علم السعادة، ستيفاني هاريسون، إنّ المال والنجاح ليسا مفتاحي السعادة. فما تعتقده بالفعل أنه يمكن أن يؤدّي إلى المزيد من السعادة، قد يفاجئك. وفي حديث لـ CNBC، تقول هاريسون أنّ "سرّ السعادة هو استخدام شخصيتك لمساعدة الآخرين. وللقيام بذلك، عليك أن تكتشف مَن أنت، بعيدًا عن الوصف الذي أعطاك إيّاه مجتمعك. ومن ثمّ يتعيّن عليك اكتشاف أفضل الطرق لمشاركة ذاتك مع الآخرين". لذا، فمساعدة الآخرين يمكن أن تؤدّي إلى المزيد من السعادة لك وللأشخاص الذين تساعدهم. فمساعدة الآخرين هي أحد احتياجاتنا، والأمر يشبه الحاجة إلى التواصل أو الحبّ أو احترام الذات، فنحن بحاجة إلى تجاوز أنفسنا والشعور بأنّنا مهمّون وأنّنا نُحدث فرقاً.
ووفق هاريسون، الاعتقاد بأنّ اكتساب الأشياء المادية، وأن تكون أفضل من الآخرين، وأن تنجز المهام بمفردك، هو ما سيجعلك سعيداً، معايير متجذّرة في قيم "السعادة القديمة". فالسعادة الجديدة، تعطي الأولوية للعمل معاً وطلب المساعدة ومساعدة الآخرين.
وقد اختبر علماء النفس هذه النظرية في دراسة أجريت عام 2022 على 122 فرداً يعانون من أعراض القلق والاكتئاب من خلال تعيينهم عشوائياً، إمّا للقيام بأعمال طيبة أو الانخراط في أنشطة اجتماعية، أو تدوين أفكارهم لمدة خمسة أسابيع. وفي حلول نهاية التجربة، رأت المجموعة المكلَّفة بالقيام بأعمال الخير أعظم الفوائد لرفاهيتهم.
كما يمكنك التطوّع من أجل قضية مفضلة لديك، ومن المحتمل أنك ستقابل المزيد من الأشخاص ذوي التفكير المماثل. إذ يُعدّ العمل التطوّعيّ أيضاً طريقة أخرى لتعزيز السعادة من خلال توفير الشعور بالهدف.
واكتشف الباحثون سبع سمات مشتركة بين النفوس السعيدة والمتفائلة هي الآتية:
- الاتّسام بالحنان، القيام بالتقبيل والعناق واللمس، فخلق جوّ من الحنان بين العائلة والأصدقاء من الأشياء التي تجلب المزيد من الفرح إلى حياتك اليومية، فالاتّصال الجسدي والعاطفي هو العامل الرئيسي الذي يحدّد السعادة.
- ملاحظة المتع الصغيرة في الحياة والشعور بالامتنان، طرق مثبتة لزيادة إحساسك بالرفاهية. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول، "إنه يوم رائع، في يوم مزدحم، أو عندما تكون عالقاً في حركة المرور بدلاً من القلق من أنّك ستتأخّر، قل لنفسك، أنا ممتنّ لأنّني داخل هذه السيارة المكيفة".
- التنظيم: فأحد أكثر محركات السعادة إثارة للدهشة هو ترتيب المنزل، فهناك شعور بالرضى والسيطرة يعقب هذه الأعمال، حتى لو كانت مجرّد غرفة صغيرة واحدة أو سطح مكتب فوضوي، فالتنظيم هو تصفية ذهنية.
- السعداء يتسكّعون مع السعداء، فمثلما أنّ الابتسامات معدية، كذلك روح السعادة. فقد وجد الباحثون أنّ المشاعر الطيبة تميل إلى الانتشار بسرعة داخل الشبكات الاجتماعية، ما يصيب الجميع بسلوك أكثر إيجابية.
- ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، وبذلك تحصل على جرعة مضاعفة من السعادة، إذ تنتج التمارين الرياضية هرمونات تُشعرك بالسعادة تُسمّى الأندورفين، كما أنّ التواجد في الخارج يزيد من إحساسك بالحيوية والبقاء على قيد الحياة. فعشرون دقيقة هي كلّ ما يتطلبه الأمر لتجني الفوائد.
- الاجتهاد، على الرغم من وجود خطّ رفيع بين الرضى والتوتّر، فالتحدّي هو محرك آخر للسعادة، إذ إنّ وجود هدف شخصيّ والدفع نحو تحقيقه يزوّد الأفراد بشعور بالنمو والإنجاز.
- الابتسام كثيراً، فهذه الإيماءة البسيطة معدية، حتّى لو أُجبرت عليها، فإنّ معظم الناس سوف يستجيبون بشكل إيجابيّ ويبتسمون لك، ما يخلق المزيد من السعادة في كلّ مكان.