تلعب البيئة المحيطة بك دوراً أساسياً في حالتك المزاجية. وفي حين يُعتبر منزلك ملاذك ومصدر راحتك، حيث كل ركن من أركانه يجسّد أحاسيسك، يؤثر تصميمه الداخلي بما فيه ألوانه وتنسيقه وأثاثه، على رفاهك ونفسيتك. ففي عالم تصميم الأثاث، تُعد الأشكال أكثر من مجرد اختيارات جمالية، إنّما أدوات قوية تشكل عواطفك وتجاربك.
يشرح عميد كلية الهندسة المعمارية والتصميم في جامعة "الروح القدس الكسليك" ظافر سليمان، أنّ التصميم الداخلي أمر شخصي بالدرجة الأولى ويرتبط بصاحب المنزل، وهو محيط سيرافقه لعقود من الزمن، لذلك، يجب أن يكون المكان الأريح إليه. ويجب إحسان استخدام الجغرافيا الواقع فيه المنزل لصالحه ومراعاة العناصر التي تدور حوله من مكان شروق الشمس ومغيبها، وأي منظر طبيعي جميل يقابل المنزل.
لعبة النور أساسية في المنزل لإضفاء الاطمئنان للفرد، ويجب مراعاة الممرات داخل الغرف والمساحات لسهولة التنقل وعدم التعثّر بأي عنصر. كما أنّ استخدام المواد الخام الأصيلة مثل الخشب والباطون وأي مادة طبيعة في المنزل، مريحة للنفسية. ومع الجيل الحديث، تعتبر الديكورات البسيطة هي المفضلة وهي التي تُشعر مستخدميها.
إلى ذلك، تعتبر غرفة الجلوس أهم مساحة في المنزل حيث يجب أن يشعر الشخص بالراحة والاسترخاء، على أن تكون ألوان الغرفة فاتحة مع إيجاد التوازن بالألوان، ويجب أن تتضمّن إنارة طبيعية خلال النهار، وضوء اصطناعي مدروس ليلاً، وأن تكون مزوَّدة بوسائل التبريد والتدفئة، وأن توضع فيها المدفأة وإن كانت غير عاملة، إذ إنّ وجودها يعطي إحساساً بالدفء والخصوصية والحميمية.
تأتي بعدها غرفة النوم التي يجب أن يكون جوّها مريحاً للنوم وللاسترخاء، وقد أصبح وجود غرفة ملابس فيها أمراً مريحاً ويسهّل للناس ارتداء ملابسهم، كذلك من الضروري أن يكون هناك سهولة بالوصول إلى الحمام. ومن أهم الأمور التي يجب أن تكون في غرفة النوم، هو عزلها عن الضوضاء والأصوات وعن باقي أنشطة المنزل، لتتمتع بالخصوصية. ويجب أن تتزوّد بستائر وإنارة يمكن التحكّم بكمية الضوء الذي تدخلانه.
من جانبه، يشرح المعالج النفسي الدكتور زاهر كريم، أنّ هناك الكثير من الروابط بين التصميم وعلم النفس، بدءًا من كيفية استجابتنا للألوان والأشكال، وكيف تملي الشخصية خياراتنا في التصميم.
ومن الأمور التي تساعدك على الشعور بالراحة في منزلك، هي علو سقفه، وجود حديقة خارجه أو تزويده بالنباتات الخضراء والاحتفاظ بعلاقة مع الطبيعة، وطريقة تنظيم المساحات فيه. إذ يمكن مثلاً تصميم المطبخ بشكل أن تكون تقسيماته مريحة لتسهيل الوصول والحركة فيه. كذلك، الصالونات التي تُعدّ بشكل دائري، تعزّز الاجتماعيات والتواصل الاجتماعي.
أيضاً، يُنصح بتخصيص غرفة خاصة قد تكون للعمل أو للإبداع أو للقراءة، لإضفاء الشعور بالخلوة والخصوصية. ومن الضروري أن يتضمّن البيت منافساً لدخول الهواء الطبيعي الذي يؤثر على رائحة المنزل وانتعاشه ونظافته، ويجب مراعاة دخول الإنارة الطبيعية واتساع مدى للنظر مقابل المنزل.
ومن المهم إضافة عوامل تغذي حواسك مثل الموسيقى والروائح الجميلة، فتخصيص مساحة المعيشة باستخدام العطور المفضلة والعناصر الجمالية تعزز الشعور بالبهجة والرضا، ما يساهم في خلق أجواء إيجابية تعزز الصحة العقلية والعاطفية. وتزيين غرفة جلوسك بعناية، يعزز إحساسك بالراحة والسعادة، كذلك الاستعانة بمواد أثاث تشعرك بالدفء، وأن يكون نوع الأثاث والمواد المصنوعة منه ناعماً. وتُعتبر الحيوانات الأليفة في هذا إطار اللمس، جزءا من الراحة في المنزل.
أسرار تأثير الأثاث على نفسيتنا وعاطفتنا ورفاهنا
- سيكولوجية الألوان: يخلق اللون تأثيراً قوياً على نفسيتنا. إذ تعمل الألوان الهادئة مثل ألوان الباستيل في غرفة النوم على تعزيز السلام والهدوء، بينما تخلق الألوان مثل الأحمر أو البرتقالي شعوراً بالطاقة والعاطفة، ويمكن أن تثير الألوان الباردة مثل الأزرق والأخضر شعوراً بالهدوء، في حين أنّ الألوان الدافئة مثل الأحمر والأصفر يمكن أن تبث الإيجابية.
- المواد: المواد مثل الخشب الطبيعي تجلب الدفء والأصالة، في حين أن المعادن والزجاج يمكن أن تخلق أجواء حديثة ومتطورة.
- سحر الأضواء: الإضاءة الصحيحة تغيّر المساحة ما يؤدي إلى تحسين مزاجك بطريقة سحرية، فوضع الثريات بشكل استراتيجي يخلق جواً دافئاً وجذاباً.
- جدار مذهل: أنشئ نقطة محورية لمشهدك البصري عن طريق إضافة جداريات حجرية مصنوعة يدوياً أو فسيفساء زجاجية.
- الأشكال: المنحنيات والحواف الناعمة تثير مشاعر الراحة والدفء والاسترخاء، أمّا المستطيلات والخطوط المستقيمة، فتبثّ شعور النظام والاستقرار والاحترافية. والأشكال العضوية وغير المنتظمة تثير الإبداع والتشويق ما يشجع الشعور بالتفرد والاستكشاف. وتصميمات الأثاث التي تغلَّف المستخدِم (Cocooning and Nesting)، تخلق شعوراً بالأمان والخصوصية وتجذب غرائزك البدائية. أمّا الأثاث ذو الأشكال المفتوحة، مثل طاولات القهوة البسيطة، فيعزز الشعور بالرحابة والحرية، ويقلّل من مشاعر الفوضى والتقييد ما يسهم في بيئة أكثر استرخاءً. أيضاً، تصميمات الأثاث الديناميكية مثل الكراسي الدوارة أو الهزازة، تشجع على الشعور بالمرح والمشاركة، وتحفز حواسك.
أخطاء تصميم في منزلك تؤثر على سعادتك!
- خيارات الألوان المزعجة: الألوان القوية والمشبعة تؤدي إلى شعورك بالغضب، والإفراط في استخدام الألوان الجريئة والمحفزة مثل الأحمر والأرجواني الملكي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستويات التوتر، في حين أن الألوان الرتيبة أو القاتمة مثل الأبيض والأزرق البارد والرمادي قد تساهم في مشاعر الحزن أو الخمول.
- إضاءة سيئة: تحتاج إلى زيادة الضوء الطبيعي في غرفتك فهو يزيد مستويات السيروتونين "هرمون السعادة"، فالإضاءة غير الكافية، تؤثر على نومك وعلى الجو الداخلي لمنزلك.
- الانفصال عن الطبيعة: المنزل الخالي من أي اتصال بمساحة خضراء يصبح مجرداً من المحسنات الطبيعية للمزاج، فملء منزلك بالنباتات والزهور يعزز مزاجك وصحتك العقلية.
- تجويع الحواس: يجب الأخذ في الاعتبار الحواس الخمس، اللمس والبصر والسمع والشم والتذوق، لتعزيز إحساسك النفسي بالرضا.
- الفوضى: كونك محاطاً بالفوضى يؤدي إلى الشعور بالذنب أو العار أو الإحباط، وتفاقم مشاعر اليأس.
- الخلط بين العمل والمتعة، وعدم وجود مساحة عمل منفصلة في المنزل يعيق التركيز والاسترخاء.
- الكثير من الأشكال الحادة والزاوي يمكن أن تسبب نوعاً مدمراً من الطاقة، وتضغط على الجهاز العصبي، وتزعج العقل.
- عدم جعل الأمر شخصياً، فالمساحات الخالية من العناصر التي تتوافق مع شخصية الفرد وتفضيلاته مثل التذكارات أو الهدايا أو المصنوعات اليدوية الموروثة، قد تساهم في نقص المشاركة العاطفية وتضاؤل الشعور بالرفاهية.
هناك الكثير من الروابط القوية بين التصميم وعلم النفس، بدءًا من كيفية استجابتنا للألوان والأشكال، وكيف يمكن للتخطيط أن يؤثر على سلوكياتنا في الفضاء أو كيف تملي الشخصية خياراتنا في التصميم.
- الجدران العارية، فالنظر إلى الفن يثير بعض الاستجابات نفسها التي يثيرها الوقوع في الحب، لذا، يمكن استخدام الفن في منازلنا لتعزيز صحتنا العقلية ورفاهنا وسعادتنا.