النهار

تُعرّف الاختصاصيّة النفسية إليسا رشدان  الـ"تشيروفوبيا" بأنّها الخوف غير المنطقيّ من الأحداث التي تسبّب السعادة، وهذا الأمر غير منطقيّ كون السعادة في حدّ ذاتها أمراً إيجابيّاً للإنسان ولصحّته النفسيّة، وحين يقلق الإنسان من الفرح يتجنّب الأحداث التي تسبّب السعادة ما يجعله يبعد وينفر من التجمّعات والأشخاص المقرّبين له، إلى أن يصبح منزعجاً بشكل مبالغ فيه.

يعود هذا السبب أو الخوف من السعادة إلى عوامل عدّة منها تجربة شخصية عاشها الشخص المصاب في طفولته، أو عبر تجارب حياتية، أو بسبب صدمة أدّت إلى ما هو عليه اليوم، تماماً كما جرى مع عماد الدين الذي جعل من الفرح سبباً رئيسيّاً أدّى إلى الحزن.

أوضحت إليسا أنّ الشخص قد يصل إلى مرحلة يخشى الدخول في علاقة عاطفية حتّى، خشية الشعور بالفرح الذي قد ينقلب ضدّه، هذا ما نسمّيه "الاعتقاد الراسخ"؛ أي الفكرة التي تُكرّر على مسامعنا فنؤكّدها ونصدّقها حتّى لو لم تكن منطقية، لكنّها تصبح المتحكّم الأوّل في أفعالنا وسلوكياتنا.

هذا الأمر لا ينطبق فقط على الشخص المصاب، بل حتّى إذا رأى شخصاً سعيداً يتنبّأ له بحدوث أمر سيّئ يقلب كيانه، وإذا شاركه هذه الفرحة سيشعر بالسوء حتماً.

العلاج بالمعرفة السلوكية CBT  هو شكل من أشكال العلاج النفسيّ الذي يركّز على كيفية تأثير أفكار المريض ومعتقداته ووجهات نظره وعلى مشاعره وسلوكياته، وهو نهج قائم على الأهداف ويتطلب المشاركة الفعّالة من الفرد لينجح. يركّز هذا العلاج على التعامل مع التحديات اليومية لدى المريض، وعلى مساعدته على السيطرة على أفكاره وسلوكياته.

في اللقاءات الأولى مع المعالج، يتمّ الانغماس في جلسة تمهيدية وخلال اللقاءات التالية، يشارك المعالج والمريض في استكشاف كلّ التحديات المحتملة، مثل الأفكار والمشاعر والتصرّفات. يتعاونان على تحليل كلّ هذه الجوانب لمعرفة ما إذا كانت حقيقية أم لا، وما إذا كانت مفيدة. الهدف هو العثور على طرق مبتكرة لتغيير الأفكار والسلوكيات غير المرغوب فيها والتحوّل إلى نمط حياة أكثر إيجابيّة وسعادة.

بالإضافة إلى استخدام المعالج السلوكيّ استراتيجيات تغيير السلوك والتفكير، مثل التنفّس العميق والكتابة التفريغيّة، والمشي كوسيلة للرياضة تساهم في التخفيف من مستويات التوتر العالية.

وطبعاً يمكن كسر وتخفيف حدّة الخوف عبر المواجهة، من خلال الانخراط في أنشطة ترفيهية أو عبر الذهاب إلى مكان والجلوس مع أشخاص تغمرهم السعادة، وفي ذلك مؤشرٌ للعقل بأنّ بعد الشعور بالسعادة لم يحدث شيء سيّئ.

وفي حال حدث أمر سيّئ في فترات متباعدة يجب عدم ربط الحدث السعيد بالسيّئ لأنّه بالطبع لا ضمان لعدم حدوثه، حتى أنّه يمكن أن يكون الحدث السيّئ أمراً بسيطاً لكنّه يجعله ضخماً بتعظيمه.

وهذا يعني أنّ علينا التخلّص من حالة "تشيروفوبيا" عبر العلاج، خاصّة حين تصبح عائقاً للاستمرار في حياتنا وتمنعنا من ممارستها بشكل طبيعيّ، فعلى الشخص تحدّي نفسه قبل أن يسيطر الخوف عليه ويتملّكه.